الجنوب يخضع لحصار خدماتي مدروس… حتى لا يتذكر كيف كانت الحياة قبل الوحدة ويطالب بفك الارتباط!

الناشط الحقوقي أسعد أبو الخطاب

في الجنوب، عزيزي القارئ، لم تعد الأزمة في انقطاع الكهرباء أو غياب الماء أو تآكل الرواتب.. فهذه التفاصيل الصغيرة باتت روتينًا وطنيًا مقدسًا، نستيقظ عليه كل صباح كما نستيقظ على أنفاسنا المتقطعة.لا، الأزمة الحقيقية اليوم هي:كيف نحافظ على وحدة بلد.. نخاف فيها أن تشتغل محطة كهرباء في العاصمة عدن؟وكيف ندعو المواطن الجنوبي للصبر والولاء.. بينما نسرق منه النور، والماء، والخبز، وحتى الأمل؟نظرية:لا تعطوهم شيئًا… كي لا يتذكروا أنهم كانوا دولة!نحن أمام تجربة مخبرية قذرة تُجرى على شعب بأكمله.. الجنوب يعيش داخل أنبوب اختبار منذ 1990م، بينما يجلس الساسة خلف الزجاج، يتابعون:هل سيتذكرون أنهم كانوا دولة؟هل سيتجرأ أحدهم على المطالبة بفك الارتباط؟هل يستطيع الإنسان أن يعيش بلا ماء وكهرباء وهو يؤمن بشعار “الوحدة أو الموت”؟الإجابة كانت صادمة لهم:نعم، الجنوبي ما زال حيًا.. لكنه بدأ يتذكر!عدن… عاصمة منسية رغم أنها لم تنسَ أحدًا!العاصمة عدن تدفع مليون دولار يوميًا لتظل مضاءة.. ساعة..، وتُترك العاصمة عدن تغلي تحت الشمس، بينما يُلقى عليها خطاب رسمي يقول: اصبروا، فالوطن يحتاج تضحيات!العاصمة عدن لا تطالب بالمستحيل، فقط تريد أن تعود عاصمة دولة.. لا عاصمة مأساة!لكن الجنوب حظه مضاعف:يُنهب، ويُلام، ويُتّهم بالتمرد إذا تنفّس!والمخلافي… نطق بما يهمسون به في الكواليس!حين قال وزير الخارجية الأسبق إن توفير الخدمات للجنوبيين قد يعيد شهيتهم للاستقلال، لم يكن يبالغ.. بل كان يشرح لنا “نظرية الخوف من الضوء”:فإذا أنرت الجنوب، سيقرأ تاريخه، وإذا قرأ تاريخه… سيطالب بدولته!فك الارتباط؟ نعم، من أجل البقاء!لقد جرب الجنوب الوحدة ثلاثين عامًا… كانت كافية ليموت فيها التعليم، وينطفئ فيها النفط، ويُطفأ فيها نور المصافي.. ثلاثة عقود من “الوحدة التعذيبية”، حيث تُمنحك الوزارة وتُسحب منك الميزانية، يُعلَن عن مشاريعك في الإعلام، وتُدفن في الواقع.. فيا سادتي في الشمال، إن كنتم لا تريدوننا أن نكون دولة… فلا تعاملونا كـ محافظة فاشلة بل كعدو يجب تدميره!إلى متى؟إلى متى نظل نعيش على الذكريات؟إلى متى تظل العاصمة عدن تتغذى على الفخر الماضي، بينما الحاضر يأكلها نهارًا وليلاً؟إلى متى نظل نقرأ في كتب التاريخ عن دولة الجنوب، بينما أطفالنا لا يملكون كتابًا مدرسيًا؟آن الأوان لفك الارتباط.. لا لأننا نكره أحدًا، بل لأننا نحب الحياة!نريد دولة، لا معسكرًا.. نريد عدن عاصمة، لا محطة وقود شبه معطلة..نريد أن نتوقف عن الكتابة في الظلام، وأن نبدأ من جديد.. بدولة جنوبية مستقلة، عاصمتها عدن، وكرامتها كاملة غير منقوصة.ختامًا… إن كان ثمن الوحدة أن تُدفن العاصمة عدن، فلتذهب هذه الوحدة إلى متحف التجارب الفاشلة، ولتنهض الدولة الجنوبية من تحت الركام.. بنور لا يُقطع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com
Enable Notifications OK No thanks