Site icon روكب اليوم

سوبوليف لـ«سي إن إن الاقتصادية»: أوكرانيا تعيد تشكيل اقتصادها تحت النار : روكب اليوم الاقتصادية


روكب اليوم
2025-10-25 08:52:00

1682134

في مقابلة حصرية مع «روكب اليوم الاقتصادية»، عرض وزير الاقتصاد الأوكراني أليكسي سوبوليف ملامح المرحلة المقبلة لاقتصاد بلاده، كاشفاً عن تفاصيل حصرية حول النمو الصناعي، مسار الإصلاحات، أدوات التمويل الدولية، وبرامج الخصخصة، الوزير الذي يقود واحداً من أكثر الملفات حساسية في ظل الحرب، شدّد على أن أوكرانيا «لا تنتظر السلام كي تعيد البناء، بل تبني قوتها في قلب الحرب»، في إشارةٍ إلى مسارٍ يوازن بين متطلبات الدفاع وإعادة الهيكلة الاقتصادية.

قال سوبوليف إن الاقتصاد الأوكراني لا يزال في مرحلة توسّع رغم الحرب، موضحاً أن الناتج المحلي الإجمالي ارتفع بنسبة 5.3% في أغسطس و4% في سبتمبر 2025، وأوضح أن هذا النمو لا يُعزى فقط إلى التعافي بعد الدمار، بل إلى تحوّل هيكلي في الصناعة يرفع من حصة القطاعات ذات القيمة المضافة العالية.


googletag.cmd.push(function() { googletag.display(‘div-gpt-ad-1738926244764-0’); });

وأشار الوزير إلى أن الصناعات عالية التقنية أصبحت تمثل 4.3% من الناتج الصناعي، مقارنة بـ2.4% عام 2021، فيما ارتفعت مساهمة قطاع الهندسة والآلات إلى 8.4% مقارنة بـ5.7% قبل الحرب، ويرى أن هذه التحولات تعبّر عن انتقالٍ تدريجي نحو اقتصاد أكثر ابتكاراً وارتكازاً على التكنولوجيا، لا على المعونات الطارئة.

أوضح وزير الاقتصاد أن تخصيص الإيرادات المحلية بالكامل للدفاع لم يُبطئ وتيرة الإصلاحات المؤسسية، مؤكداً أن بلاده تعمل وفق «مصفوفة الإصلاحات»، وهي آلية تنسيق ومتابعة مشتركة بين الحكومة والمفوضية الأوروبية وصندوق النقد والبنك الدولي، تتيح للجمهور والمستثمرين متابعة الأداء عبر لوحة رقمية مفتوحة.


googletag.cmd.push(function() { googletag.display(‘div-gpt-ad-1739447063276-0’); });

وفي حديثه مع «روكب اليوم الاقتصادية»، كشف سوبوليف تفاصيل رقمية غير منشورة سابقاً عن تقدّم المصفوفة، موضحاً أن أوكرانيا أنجزت 69 مؤشراً إصلاحياً في الربع الثالث من عام 2025، و147 منذ بداية العام، وشملت هذه المؤشرات اعتماد 71 معياراً صناعياً متناظراً مع الاتحاد الأوروبي، وخارطة فصل أسواق الطاقة، واستراتيجية دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتشريعات لحماية المستهلك والملكية الفكرية، فضلاً عن إصلاحات بيئية وزراعية.

وأشار إلى أن وزارة الاقتصاد ما زال أمامها 65 مؤشراً إضافياً لإنجازها بحلول نهاية 2025 ضمن التزاماتها تجاه الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد، وأضاف أن إعلان هذه الأرقام بشكل تفصيلي يأتي في سياق تعزيز الشفافية، وتحويل الإصلاح من عملية مغلقة إلى مسارٍ يمكن قياسه ومراجعته علناً.

تحدث سوبوليف عن العجز المالي الذي يتجاوز 21% من الناتج المحلي لعام 2025، موضحاً أن تمويله يعتمد على مزيجٍ من الدعم الخارجي والإصلاح الداخلي، مع التحوّل نحو أدوات أكثر استدامة.

وأوضح أن آلية تسريع الإيرادات الاستثنائية (ERA) -المدعومة من مجموعة السبع- باتت من الركائز الأساسية للتمويل، وتقوم هذه الآلية بتحويل عوائد وأرباح الأصول الروسية المجمّدة في أوروبا إلى أوكرانيا، من دون المساس بالأصول نفسها، لتمويل النفقات العامة وبرامج الدفاع.

وفي هذا الحوار قدّم الوزير تفصيلاً موسّعاً حول تدفقات ERA خلال عام 2025، مشيراً إلى أن بلاده تلقّت 3 مليارات يورو في يناير، ومليار يورو شهرياً من مارس إلى سبتمبر، وأربعة مليارات إضافية في أكتوبر، وهي المرة الأولى التي تُكشف فيها أرقام أكتوبر بشكل علني، كما أشار إلى دفعاتٍ موازية من المملكة المتحدة وكندا ضمن مساهماتهما في الآلية.

وأضاف أن الحكومة تعمل بالتوازي على إطلاق «قرض التعويضات»، الذي سيستخدم الأصول الروسية المجمّدة كضمان لتوفير تمويل إضافي لعامَي 2026 و2027، موضحاً أنه لن يحلّ محلّ برامج الدعم الحالية، بل سيُكملها ضمن إطار تمويلي طويل الأجل يهدف إلى تقليل الاعتماد على المساعدات الطارئة.

أشار سوبوليف إلى أن الإنفاق الدفاعي يشكّل محور الموازنة الوطنية لعام 2026، موضحاً أن الاحتياجات الإجمالية تبلغ نحو 120 مليار دولار. وأوضح أن الرقم الكلي معروف منذ أشهر، لكن الجديد هو تفاصيل توزيع التمويل، فبحسبه تتحمّل الدولة نحو 60 مليار دولار من ميزانيتها الخاصة، فيما يُغطّى النصف الآخر عبر دعمٍ عيني من الشركاء الدوليين عبر منصّات تنسيق متعددة مثل Ramstein وSAFE وPURL.

وأوضح أن هذا النموذج الجديد لتوزيع الإنفاق الدفاعي يتيح إدارة الموارد بكفاءة أكبر، ويضمن استمرار التمويل العسكري دون التأثير على أولويات النمو والإصلاح.

كشف الوزير عن ملامح إطار وطني جديد لتأمين الاستثمارات ضد مخاطر الحرب، موضحاً أنه نظام يهدف إلى تشجيع المستثمرين من خلال جعل المخاطر قابلة للتسعير والإدارة، لا مانعة للاستثمار.

ويقوم النظام على مستويين متكاملين؛ الأول يشمل المشروعات القريبة من خطوط التماس، حيث تتكفّل وكالة ائتمان الصادرات بتعويض المستثمرين عن الأضرار المباشرة؛ والثاني يخص المناطق الآمنة نسبياً، حيث تعمل الحكومة على خفض قسط التأمين إلى نحو 1% من قيمة التغطية السنوية لجعل التأمين ميسور الكلفة.

وأشار سوبوليف إلى أن حجم المحفظة الحالية يبلغ نحو مليار دولار من التغطيات، مع برامج إضافية بقيمة مليار دولار جديدة قيد الإطلاق بالتعاون مع مؤسسات دولية مثل مؤسسة ضمان الاستثمار متعدد الأطراف (MIGA) ومؤسسة تمويل التنمية الأميركية (DFC) ووكالات ائتمان الصادرات الأوروبية، واعتبر أن هذا الإطار يمنح المستثمرين وسيلة واقعية لتقدير المخاطر، ويساعد كييف على الانتقال من نموذج الضمانات المانحة إلى نموذج تأمينٍ وطنيٍ قابلٍ للاستمرار.

أوضح سوبوليف أن الحكومة الأوكرانية تطبّق خطة خصخصة تمتد لعامَي 2025 و2026، وتشمل أكثر من 450 أصلاً من الصناعات والموانئ والبنوك، وكشف حصرياً لـ«روكب اليوم الاقتصادية» تفاصيل جديدة حول الأصول الكبرى ومواعيد طرحها.

فمن المقرر أن يُطرح مصنع أوديسا للكيماويات (OPZ) في مزادٍ إلكتروني خلال نوفمبر 2025، على أن يلي ذلك مصنع الألومينا في ميكولايف (MGZ) في النصف الثاني من 2026، ثم مصنع زابوريجيا للتيتانيوم والمغنيسيوم (ZTMK) في نهاية العام نفسه، كما تشمل الخطة بيع حصص أقلية في شركات استراتيجية مثل «Ukrposhta» بنسبة تتراوح بين 15% و20% بقيمة تقديرية تبلغ 180 مليون دولار، و«Ukrnafta»، و«الشركة الأوكرانية للملاحة في نهر الدانوب (UDP)».

وبيّن أن عملية الخصخصة ستتم وفق معايير الحوكمة لدى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والاتحاد الأوروبي، وبإشرافٍ مباشر من مجلس الوزراء لضمان الشفافية وإتاحة المعلومات للمستثمرين المحليين والدوليين على حدّ سواء.

أشار سوبوليف إلى أن أوكرانيا تشهد اهتماماً متنامياً من الصناديق السيادية الخليجية بالاستثمار في اقتصادها، خصوصاً في قطاعات الزراعة والطاقة والبنية التحتية، وأوضح أن هذا التوجّه يمثل تطوراً جديداً في العلاقات الاقتصادية، إذ ينتقل التعاون مع دول الخليج من مرحلة الدعم والمساعدات إلى مرحلة الشراكات الاستثمارية طويلة الأمد.

ولفت إلى أن الحوار الجاري مع الصناديق الخليجية يشمل فرصاً محددة في مجالات الزراعة، والطاقة المتجددة، والخدمات اللوجستية، والبنية التحتية، مشيراً إلى أن بعض الصناديق بدأت بالفعل دراسة مشاريع داخل أوكرانيا رغم الظروف الميدانية، كما ذكر أن شركات سعودية مثل سالك (الشركة السعودية للاستثمار الزراعي والإنتاج الحيواني) وفاس إنرجي (FAS Energy) تواصل نشاطها واستثماراتها داخل البلاد، معتبراً أن هذا الاهتمام من الصناديق السيادية الخليجية يعكس مرحلة جديدة من الانفتاح الاستثماري بين الجانبين.

تعكس تصريحات وزير الاقتصاد الأوكراني مساراً يهدف إلى تحويل اقتصاد الحرب إلى اقتصاد منظم وقابل للاستمرار، فبين أرقام النمو الصناعية والإصلاحات الموثّقة بمؤشرات وآليات التمويل المتقدمة مثل ERA و«قرض التعويضات»، ونظام التأمين الاستثماري وبرامج الخصخصة، ترسم كييف ملامح اقتصادٍ جديد يحاول التكيّف مع الحرب لا التوقف عندها.

Exit mobile version