
روكب اليوم
17/8/2025–|آخر تحديث: 20:00 (توقيت مكة)
في موسم يزدان بالحراك الثقافي والرياضي، تطل مدينة بنغازي شرقي ليبيا، ثاني أكبر مدن البلاد، بوجه متجدد عبر مهرجان صيفها الذي يشكّل منارة للحياة والإبداع. ويأتي المهرجان هذا العام حافلا بفعاليات متنوعة تجمع بين الثقافة والفنون والرياضة، ليعكس صورة نابضة بالحياة عن المدينة.
فعاليات متنوعة
وتضمنت النسخة الثانية من المهرجان حضورا بارزا لصناع المحتوى والمؤثرين العرب، إلى جانب نخبة من الملاكمين الدوليين.
وعلى الصعيد الثقافي احتوت ساحة الكيش في مدينة بنغازي ركنا ثقافيا احتضن معارض الكتب والتراث تحت إشراف وزارة الثقافة والفنون.
ففي المعرض التراثي عُرضت المقتنيات الشعبية والتقليدية من شرقي ليبيا وغربها وجنوبها… وتضمنت أدوات فلاحية قديمة وأدوات طهي وأزياء تقليدية ومنتجات طبيعية.
وفي المجال الترفيهي قدّم السيرك الإيطالي عروضا أمتعت العائلات، إلى جانب الحفلات الغنائية التي تمازجت مع معارض الرسم المختلفة.
أما في الشق الرياضي فقد أبانت مسابقات كرة القدم الشاطئية بمشاركة منتخبات مصر وتونس والبرازيل وغيرها عن بعد تنافسي رفيع… يتناغم مع سباقات الدراجات الهوائية ومسابقات القوى البدنية، ما جعل من المهرجان فعالية شاملة تمزج بين الاحتفال والرياضة والفرح الجماعي.
إستراتيجية تسويقية
المتحدث الرسمي باسم مهرجان صيف بنغازي 2025، محمد الزوي للجزيرة نت: لم يأت صدفة وإنما أتى نتيجة إستراتيجية ترويجية اعتمدت منذ النسخة الأولى على الإعلام البديل وصناع المحتوى، بهدف تغيير الصورة النمطية عن بنغازي عربيا ودوليا.
وأشار الزوي في حديثه إلى أن نسخة هذا العام جاءت مختلفة من حيث الأنشطة ومدة المهرجان وعدد الحضور اللافت، مستفيدة من فريق مؤسسة أجيالنا -القائمة على المهرجان- والتي تضم شبابا شغوفين بتقديم الجديد ويعتبرون أن كل حدث هو فرصة للتعلم والتطوير.
إقبال كثيف
بدوره، أكد رئيس لجنة الاحتفالات في مهرجان صيف بنغازي 2025 أحمد كويفية، أن النسخة الأولى من مهرجان صيف بنغازي كانت ناجحة وحققت هدفها في إيصال الصورة الإيجابية عن المدينة، بدليل الإقبال الجماهيري الكبير على الفعاليات الثقافية كمعارض الكتاب والتراث والزي الوطني.
وشمل الإقبال بحسب كويفية الحفلات والمسابقات والبطولات الشاطئية، وسط حضور عربي ودولي عزز الحماس لدى المنظمين.
ليلة الأساطير
وأوضح كويفية للجزيرة نت، أن ليلة الأساطير في نسختها الأخيرة سجلت بيعا كاملا للتذاكر وجذبت 22 ألف متفرج، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ الرياضة الليبية، خاصة في رياضة الملاكمة التي كانت محظورة خلال عهد العقيد الراحل معمر القذافي.
وتُعد هذه الفعالية من أبرز الفعاليات الرياضية في المنطقة، إذ نظمت على حلبة ملعب شهداء بنينا في بنغازي تحديات مثيرة واستثنائية بين أبطال اللعبة، وسط حضور أساطير الملاكمة العالميين من ضمنهم العالمي مايك تايسون.
بدوره قال المنسق الإعلامي لمهرجان صيف بنغازي 2025 رامي المنصوري للجزيرة نت، إن الحدث -الذي حظي بتغطية إعلامية واسعة شملت كبرى القنوات العالمية مثل DAZN وTyC Sports، إلى جانب قنوات دولية أخرى- تضمن 5 نزالات على أحزمة عالمية مرموقة- وسط حضور رئيس الاتحاد الدولي للملاكمة WBA إلى مدينة بنغازي كأول زيارة لشمال أفريقيا، حسب تصريحه.
رؤية واعدة
ومن زاوية الفكرة والرسالة، يروي المنصوري أن مبادرة المهرجان انبثقت من مجموعة شباب طموحين أرادوا بث أجواء حياة وثقافة وحراك جديد في المدينة، مستندين إلى حالة الاستقرار النسبي والنهضة العمرانية التي تشهدها بنغازي.
وشدّد المنصوري في تصريحه للجزيرة نت على أن المهرجان يسعى لإثبات أن بنغازي قادرة على احتضان أحداث كبرى في الفن والرياضة والسياحة والثقافة.
تحديات مصفّاة
وبعد استعراض الرسالة والنجاحات، يعرج المنصوري على التحديات.. معتبرا أن غياب البنية التحتية المناسبة يظل العقبة الأبرز إذ تفتقر ليبيا عموما إلى المسارح والمساحات المؤهلة لفعاليات بهذا الحجم، لكنه يضيف أن فريق العمل تمكن في كل نسخة من تهيئة مواقع جديدة وتحويلها إلى منصات تليق بالحدث، مشيرا إلى أن الحفاظ على الزخم وتطويره في السنوات المقبلة يبقى أولوية ملحّة، وفق قوله.
رصيد سياحي
أما على صعيد الأرقام، فيوضح المنصوري للجزيرة نت أن النسخة الأولى حققت حضورا تجاوز 20 ألف شخص للفعاليات الرياضية والثقافية من بينهم أكثر من 10 آلاف في حفلة الافتتاح، فيما جذبت المعارض الثقافية ما بين 4 و6 آلاف زائر يوميا، وسجلت البطولات الشاطئية حضورا قويا من العائلات.
هذا الزخم انعكس أيضا على الاقتصاد المحلي، إذ يشير المنصوري إلى أن المهرجان ساهم في تنشيط السياحة والفنادق والمطاعم وقطاع النقل، فضلا عن التغطية الإعلامية الإيجابية التي رفعت من مكانة المدينة في الأوساط العربية والدولية.
وفيما يخص فرص العمل، لفت المنصوري إلى أن المهرجان يشغّل بين 200 و500 شاب بشكل مباشر، ويصل العدد إلى أكثر من ألف عند احتساب المتطوعين؛ ما يتيح فرصا فعلية للتدريب والتأهيل.