أبناء روكب.. بين أنياب أجهزة الدولة وصمت العدالة..

روكب، تلك المنطقة البسيطة التي تحتضن أبناءها بكرامة رغم قسوة الحياة، أصبحت مسرحًا لجرائم تُرتكب باسم السلطة، حيث يُقتل الأبرياء، وتُداس الحقوق، دون خوف من المحاسبة. قضيّتا أديب ومحمد بامحفوظ، أبناء روكب، ليستا مجرد أحداث عابرة، بل وصمة عار على جبين أجهزة الدولة التي يفترض بها أن تحمي مواطنيها لا أن تعتدي عليهم.

أديب.. قتلوه مرتين

في عام 2018، انتُزع أديب من بين أهله إلى أقبية الظلم، حيث تعرّض لتعذيب وحشي على يد جهاز الاستخبارات. الرجل الذي عرفه الجميع في سوق صيد روكب المتواضع بشرفه وبساطته، عاد إليهم جثة هامدة تحمل آثار الجريمة.

تقرير الطب الشرعي كان واضحًا وصريحًا: أديب عُذب حتى الموت. لكن بدلًا من محاسبة الجناة، ومن كان ، المسؤول الأول عن الجريمة، يُنقل من منصبه بسلام، وكأن إقالته تكفي لمسح دماء أديب من يديه. أما معاونه ، منفذ الجريمة، فقد دخل السجن لشهور معدودة وخرج بعدها ليعيش حياته بحرية.

وعدوا عائلة أديب بمبالغ مالية ومنزل جديد لتهدئة العاصفة، لكن تلك الوعود كانت مجرد سراب. رحل أديب، وبقيت عائلته تعاني من الفقر والتهميش، بينما القتلة ينعمون بحريتهم كأن شيئًا لم يكن.

محمد بامحفوظ.. الجرح الذي أعاد فتح النار

لم تمضِ فترة طويلة حتى عادت أجهزة الدولة لتثبت أن أبناء روكب ليسوا سوى أرقام في دفاترها. محمد بامحفوظ، شاب من نفس المنطقة، كان ضحية جديدة لنفس الإهمال والتعامل التعسفي. تفاصيل قضيته الأخيرة فجّرت مشاعر الغضب في قلوب أبناء روكب، لتعيد للأذهان مأساة أديب وتجدد الإحساس بالعجز أمام بطش الأجهزة التي لا تخشى المحاسبة.

روكب.. مستباحة باسم الدولة

ما حدث لأديب وما جرى لمحمد بامحفوظ ليسا حادثين منفصلين، بل فصلان في كتاب طويل من الظلم والاستهداف الذي تعانيه روكب وأبناؤها. رسالتهم واضحة: أن تكون من روكب يعني أن تكون هدفًا، أن تكون من البسطاء يعني أن تصمت، وأن تموت مظلومًا يعني أن تُنسى.

لكن، هل يمكن أن تُنسى هذه الجرائم؟ هل يمكن لأبناء روكب أن يستمروا بالصمت وهم يرون حقوقهم تُنتهك وكرامتهم تُداس؟

رسالة إلى القتلة والمتواطئين

إلى أولئك الذين أصدروا الأوامر ونفذوا الجرائم، وإلى كل من تواطأ بالصمت أو تلاعب بالقوانين ليفلت المجرمون من العقاب: لن يموت أديب مرتين، ولن تُدفن قضيته مع التراب. أبناء روكب لن يسكتوا على إهانتهم واستهدافهم، وسيظل صوتهم يطالب بالعدالة حتى تتحقق، وإن طال الزمن.

هذه ليست دعوة للانتقام، لكنها دعوة للحقيقة والعدالة. إذا كان هناك ضمير حي في الدولة، وإذا كانت هناك إرادة حقيقية لإصلاح ما أُفسد، فإن أولى الخطوات هي الاعتراف بالجرائم، ومحاسبة كل من تورط فيها، من أصدر الأوامر إلى من نفذها.

روكب لن تنسى

روكب، تلك الأرض التي عاشت على البساطة والكرامة، لن تنسى من خانوا أبناءها. ستظل قضية أديب ومحمد بامحفوظ شاهدتين على مأساة الظلم وصمت العدالة. لكن الأمل لا يزال موجودًا، أن تُفتح الملفات، أن تُنفذ الوعود، وأن يعود الحق لأصحابه. حتى ذلك الحين، ستبقى هذه القضايا جرحًا مفتوحًا في قلب روكب، يذكّر الجميع بأن الصمت على الظلم هو أكبر خيانة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com
Exit mobile version
Enable Notifications OK No thanks