Site icon روكب اليوم

أخبار وتقارير نأمل من حكومتنا أن يكون لها دور فعال في الحفاظ على العمارة الطينية ومنع انتشار البناء الخرساني في وادي حضرموت

أخبار وتقارير 
نأمل من حكومتنا أن يكون لها دور فعال في الحفاظ على العمارة الطينية ومنع انتشار البناء الخرساني في وادي حضرموت

أخبار وتقارير نأمل من حكومتنا أن يكون لها دور فعال في الحفاظ على العمارة الطينية ومنع انتشار البناء الخرساني في وادي حضرموت


روكب اليوم
2025-07-26 20:37:00

58e5ef48 ef91 41e6 ace0 6b921a6e46bd

مثلت العمارة اليمنية وعلى مر العصور السجل الحقيقي المعبر عن حضارة الإنسان وتطوّره وأسلوب حياته، والتي هي الحضارة الراقية التي تركت في مدنها ومراكزها الحضرية تراثاً معمارياً يواكب متطلباتنا حتى اليوم، وتُعَدُّ العمارة وخصوصاً الطينية في حضرموت أحد أبرز السمات المعمارية التي تعكس تاريخ المنطقة وحضارتها العريقة، حيث تمثل هذه العمارة جزءاً حيويًا من الهوية الحضرمية تاريخياً، يمكن القول بأن العمارة الطينية هنا لا تتوقف عند كونها وسيلة للبناء فقط، بل تتجاوز ذلك لتكون تجسيدًا للروح الجماعية والثقافة النابضة بالتراث.

موقع “عدن الغد” حاور المهندس علي عبيد باسعد مدير المشاريع بمؤسسة دوعن للعمارة الذي رد على أسئلتنا الآتية نتابع ذلك:

حاوره / عبدالعزيز بامحسون

• كيف هي البدايات الأولى لتأسيس المؤسسة، وكيف جاء تأسيسها؟

مؤسسة دوعن للعمارة كانت بداية تأسيسها في العام ٢٠٠٨م كمؤسسة غير ربحية، حيث أتت كاستجابة طارئة للأضرار الجسيمة التي سببتها الفيضانات الجارفة التي ضربت محافظة حضرموت في عام التأسيس، والتي دمرت العديد من المباني والمعالم التاريخية في وادي حضرموت، حيث تولت المؤسسة مهمة ترميم العديد من هذه المباني ذات القيمة التاريخية، حيث كان في البداية سميت بـ (مؤسسة دوعن للعمارة الطينية) ونظرا لتوسيع نشاط المؤسسة ليشمل ساحل حضرموت حيث البناء التقليدي باستخدام الحجارة والنورة والصاروج وكذلك البناء باستخدام القرف في بعض المناطق تم الاتفاق لتكون مؤسسة دوعن للعمارة بحيث تشمل جميع أنماط البناء التقليد سواء في حضرموت أو اليمن بشكل عام، وتسمية دوعن بالذات أتت لأن وادي دوعن في تلك الفترة يمثل متحفا مفتوحا للعمارة الطينية نظرا لعدم وجود المباني الخرسانية فيه أسوة بمناطق وادي حضرموت الأخرى، والآن وللأسف الشديد انتشر البناء الخرساني بشكل كبير فيها نظرا لغياب دور الرقابة من جهة الدولة في الحفاظ على البناء الطيني وتقنياته.

• ما هي المهام المنوطة التي تضطلع بها المؤسسة؟

من خلال عملها، تسعى المؤسسة إلى الربط بين الماضي والحاضر، وتثمين القيم المعمارية والثقافية المحلية ومن أبرز المهام المنوطة بها الحفاظ على العمارة الطينية، ونقل المعرفة وبناء القدرات، والتمكين المجتمعي والتنمية المستدامة، والبحث والتوثيق، والترويج الثقافي والسياحي، والشراكة مع المؤسسات الأكاديمية والمهنية.

وتساهم المؤسسة في الحفاظ على التراث المعماري والثقافي الفريد في محافظة حضرموت وإظهاره للعالم من خلال الندوات والمعارض التي تنظمها المؤسسة، كما لعبت المؤسسة دورًا مهمًا في توعية أهالي حضرموت بأهمية عمارة الطين والحفاظ عليها كجزء من التراث الثقافي العالمي.

وأحب أن أشيد هنا بالعمالة الماهرة من منطقة تريم الذين يعدون الركيزة الأساسية التي تعتمد عليهم مؤسسة دوعن في معظم أعمالها حيث لايزال هناك العديد من الأسر التي لا زالت تمتهن البناء الطيني بجدارة في وادي حضرموت.

• ما هي أبرز الإنجازات والمشاريع التي نفذتها المؤسسة خلال الفترات الماضية؟

حقيقة أن المؤسسة ساهمت في إنجاز العديد من المشاريع منذ نشأتها في العام 2008م حيث كان من أبرز مشاريعها مسجد الفقيه في عينات، ومسجد الشيخ عمر باوزير في منطقة ساه بوادي حضرموت، كذلك مصنعة باصرة وقرن ماجد بوادي دوعن، وكذلك في شبام حيث عملت المؤسسة على صيانة العديد من أسطح المباني في مدينة شبام وكذلك صيانة مبنى السلطة المحلية والبوابة الرئيسة في مدينة شبام، وفي الآونة الأخيرة ساهمت المؤسسة في إعادة العديد من المعالم التاريخية في ساحل حضرموت التي تعرضت للهدم والتخريب فترة الحرب الأخيرة منها مبني ديوان محافظة حضرموت التاريخي بمدينة المكلا، والعديد من المساجد القديمة منها مسجد بن اسماعيل في الشحر، وشكلنزا في غيل باوزير، وكذلك القباب ذات القيمة التاريخية أهمها قبة الشيخ يعقوب بالمكلا، ومؤخرا مشروع إعادة بناء قصر السلطان القعيطي بالقطن الذي يعد من أهم وأكبر المشاريع التي نفذتها مؤسسة دوعن للعمارة بتمويل من مؤسسة (ALIPH) لما له من أهمية تاريخية وثقافية لمديرية القطن كونه يوازي قصر سيئون من حيث الأهمية المعمارية.

• من هم أبرز الداعمين للمؤسسة، ومن هم أبرز شركائها؟

يعد الشيخ المهندس عبدالله أحمد بقشان رئيس مجلس المؤسسين من أبرز الداعمين للمؤسسة منذ نشأتها إلى يومنا هذا، مما ساعد في خلق شراكات مع أهم المؤسسات والصناديق الدولية حيث يعد صندوق الأمير كلاوس الهولندي عبر الاستجابة الطارئة للتراث والثقافي ومقرهم (هولندا) الذي يعد هذا الصندوق الشريك الأهم لمؤسسة دوعن في انطلاقتها الأولى من خلال تمويل العديد من المشاريع التي تتطلب التدخل الطارئ، كذلك ساهم المجلس الثقافي البريطاني في إعادة بناء المعالم التي تضررت من الحرب في ساحل حضرموت، ومؤخرا عملنا شراكة مع مؤسسة إلف (ALIPH) والتي هي من أهم الشركات لمؤسسة دوعن للعمارة كونها مولت أكبر وأهم مشروع على مستوى اليمن .

من حيث الكلفة المالية للمشاريع التي تم تمويلها عبر الشركاء الرئيسيين تقدر بأكثر من ثلاثة مليون دولار كقيمة إجمالية للمشاريع التي قامت بتنفيذها المؤسسة منذ تأسيسها.

• للمؤسسة مشاركات خارج الوطن، ممكن تحدثونا عن أبرزها؟

شاركت المؤسسة في العديد من المعارض والفعاليات خارج الوطن في أمريكا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا والارجنتين وروسيا الاتحادية، ومن أهم تلك المشاركات مبادرة كلينتون العالمية (CGI)، ومعرض العربية السعيدة في لندن ومؤخرا في روسيا الاتحادية بالشراكة مع جامعة حضرموت حيث أقيمت ندوات ومعرض تعريفي بالعمارة الطينية في أعرق جامعات روسيا الاتحادية.

كذلك حصلت المؤسسة على العديد من الجوائز العالمية منها الجائزة العالمية للعمارة المستدامة عام 2012م في باريس، وكذلك جائزة هولسيم للبناء المستدام حيث حصلت المؤسسة على الجائزة الفضية على مستوى الشرق الأوسط وإفريقيا.

• هناك باحثون من خارج الوطن مهتمون بالعمارة الطينية في بلادنا، ماذا قدموا هؤلاء للمؤسسة؟

أن العمارة الطينية في وادي حضرموت لاقت اهتمام العالم أجمع لما تتميز به من طابع معماري فريد ومتميز فهي تعد موروث ثقافي مهم لحضرموت وللوطن وللعالم، لهذا تجد هناك العديد من الباحثين من خارج الوطن مهتمين بالعمارة في اليمن حيث ساهم بعضهم وبدعم من المؤسسة في نقل صوت المؤسسة إلى خارج الوطن كونهم أكاديميين ويحملون جنسيات أجنبية تسهل لهم التنقل بأريحية في جميع أنحاء العالم لحضور الندوات والمشاركة فيها، كذلك ساعدتهم في نشر وطباعة العديد من الكتب عن العمارة في حضرموت وكذلك الكتب التي تتحدث عن مشاريع مؤسسة دوعن للعمارة التي نفذتها في الفترة الأخيرة.

ولكن وللأسف الشديد أن أغلب الباحثين والمهتمين بالعمارة الطينية وخاصة من هم من خارج الوطن أعطتهم العمارة الطينية أكثر مما قدموه لها، لهذا لا بد من وزارة الثقافة ووزارة التعليم العالي من تشكيل صندوق مشترك لدعم البحث العلمي في مجال العمارة الطينية على وجه الخصوص وعمارة البيئة بشكل عام لما لها من أهمية كونها موروث ثقافي مهم للوطن وللعالم أجمع، وأحد أبرز المتأثرين بالتغير المناخي الحاصل في العالم.

• هل هناك تعاون مشترك بينكم وبين المؤسسات الأكاديمية في بلادنا؟

نعم هناك تعاون مع المؤسسات الأكاديمية في حضرموت من خلال اشراك طلاب الجامعات في التدريب على مشاريع الحفاظ والتأهيل التي تنفذها المؤسسة، حيت تعمل المؤسسة في كل مشاريها عمل برنامج تدريبي لطلاب الجامعات وكل المهتمين بالعمارة المحلية والطينية في محافظة حضرموت، كذلك عملت المؤسسة مؤخرا بالشراكة مع جامعة حضرموت في فعاليات أسبوع حضرموت في روسيا الاتحادية حيث عملت على تقديم ندوات حول العمارة الطينية في وادي حضرموت وتعريف الطلاب الروس على العمارة الطينية في وادي حضرموت ومن أهمها مدينة شبام التاريخية، كذلك تعمل على تزويد المكتبات الجامعية ببعض الكتب والمراجع العلمية التي ساهمت المؤسسة في طباعتها .

نحن في مؤسسة دوعن نطمح أن يكون هناك شراكات أكثر مع الجامعات في العمل الأكاديمي البحثي حول العمارة الطينية حيث نسعى حاليا مع جهات مانحة من خارج الوطن لإنشاء مركز للعمارة الطينية في وادي حضرموت حيث عملنا على اعداد دراسة متكاملة لهذا المشروع المهم الذي سوف يسهم بشكل كبير في العمل الأكاديمي البحثي حول العمارة الطينية.

• ما هي خططكم ومشاريعكم المستقبلية؟

بصفتنا مؤسسة متخصصة في الحفاظ على العمارة الطينية وعمارة البيئة فإننا نعمل وفق رؤية شاملة تهدف إلى تعزيز استدامة التراث المعماري وتحويله إلى رافعة للتنمية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، وتتمثل أبرز خططنا في المرحلة القادمة فيما يلي:

1. برامج الحفظ والترميم:

حيث نستهدف من خلال هذه البرامج إلى تنفيذ مشاريع ترميم نوعية لمبانٍ تاريخية مهددة، مع تطبيق معايير دولية، وباستخدام مواد وتقنيات تقليدية مستدامة، بالشراكة مع المؤسسات المانحة المحلية والدولية وأهمها منظمة اليونسكو.

2. بناء القدرات المحلية:

نركز على تدريب الحرفيين والمهندسين الشباب في تقنيات العمارة الطينية، من خلال ورش عمل متقدمة وشراكات مع مؤسسات أكاديمية ومهنية.

3. التوثيق المعماري الشامل:

نسعى إلى استكمال توثيق القرى والمواقع المعمارية المميزة باستخدام أدوات رقمية وتقنيات ثلاثية الأبعاد، لحفظ الذاكرة المعمارية ودعم جهود الحماية المستقبلية.

4. الشراكات الإقليمية والدولية:

نعمل على توسيع شبكة الشراكات مع الجهات المعنية بالتراث والثقافة، مثل اليونسكو، وبرامج الاستجابة الطارئة للتراث الثقافي (Cultural Emergency Response)، لتعزيز الدعم الفني والتمويلي.

5. التوعية والمشاركة المجتمعية:

نؤمن بأن حماية التراث لا تتم بدون المجتمع، لذا نطلق حملات توعوية وفعاليات ثقافية تستهدف مختلف الفئات، وخاصة الشباب، لترسيخ قيمة التراث في الوعي العام.

6. الاستثمار في السياحة الثقافية المستدامة

نخطط لتطوير مسارات سياحية تراثية بالتعاون مع المجتمعات المحلية، تسهم في خلق فرص اقتصادية وتحفّز الاهتمام العالمي بالمنطقة.

• أبرز التحديات والصعوبات التي تواجهكم؟

من أبرز التحديات أن أغلب القصور والمعالم التاريخية تكون ملكية خاصة حيث نجد صعوبة في العمل فيها بسبب بعض الورثاء، مما يعرقل العمل وتأخيره حتى اضطررنا في بعض المشاريع إلى وقف العمل فيها نهائيا، كذلك نواجه بعض الأحيان صعوبة التعامل مع بعض الجهات الحكومية المختصة في هذا المجال الا أن أغلبهم تفهم دور المؤسسة بأنه عامل مساعد ومكمل لهم في ظل غياب دور الدولة في تمول وتبني مثل هذه المشاريع.

ومن أبرز التحديات المهمة أيضا التي تواجه عملنا في الآونة الأخيرة هي التحويلات المالية حيث نلاقي صعوبة في وصول دفعات التمويل إلى حسابات المؤسسة لدى بعض البنوك وذلك بسبب وضع الحرب لهذا يعده الممولين من الأسباب عالية الخطورة لتمويل المشاريع في اليمن، وكذلك التهديدات البيئية والمناخية والتي تكمن في التغير المناخي، وخصوصًا الأمطار والسيول المفاجئة والتي تشكل خطرًا مباشرًا على الأبنية الطينية، وتستدعي تطوير استراتيجيات تأقلم جديدة.

• هل لكم من كلمة أخيرة؟

نأمل من حكومتنا ممثلة في وزارة الثقافة بأن يكون لهم دور فعال في الحفاظ على العمارة الطينية في محافظة حضرموت ومنع انتشار البناء الخرساني في وادي حضرموت حتى لا تفقد العمارة قيمتها التاريخية واهتمام العالم بها.

كما نود أن نشكر قيادة السلطة المحلية في محافظة حضرموت ممثلة بالأستاذ مبخوت مبارك بن ماضي محافظ محافظة حضرموت على التسهيلات الكبيرة التي أسهمت في نجاح مشاريع المؤسسة، حيث أن المؤسسة لا تقدم على أي مشروع إلا بعد التنسيق الكامل مع السلطة المحلية بالمحافظة، كما نتقدم بالشكر لرئيس مجلس إدارة المؤسسة المهندس عبدالله أحمد بقشان بجزيل الشكر و الامتنان لرعايته ودعمه المتواصل للمؤسسة الذي أوصلها إلى مصاف المؤسسات العالمية في مجال الحفاظ على الموروث الثقافي.

Exit mobile version