روكب اليوم
13/7/2025–|آخر تحديث: 22:27 (توقيت مكة)
كشف منتجا فيلم وثائقي أعدته شبكة “بي بي سي” البريطانية -يتناول استهداف الجيش الإسرائيلي الأطقم الطبية والمستشفيات في قطاع غزة– عن أن إدارة القناة سحبت الفيلم قبيل موعد بثه بعد سلسلة من التأجيلات، لأسباب وصفوها بأنها سياسية وليست تحريرية.
وكان الفيلم الذي حمل عنوان “غزة.. أطباء تحت القصف”، والذي أخرجه كريم شاه وأعدّته الصحفية الاستقصائية الحائزة جوائز راميتا نافاي وزميلها بن دي بير، ثمرة تحقيق استمر عاما كاملا، ووثق شهادات مؤلمة لأطباء ومسعفين فقدوا زملاءهم وأفرادا من عائلاتهم في القصف الإسرائيلي.
وأوضح معدا الفيلم -في مقال لهما بصحيفة أوبزرفر البريطانية- أن العمل نال موافقة المحامين والمحررين في “بي بي سي”، وحاز ثناء كبار المسؤولين التحريريين، بيد أن عرضه أجل لعدة مرات قبل أن يسحب نهائيا في مايو/أيار الماضي، قبل أيام من بثه.
ووفقا للمنتجين، فإن إدارة “بي بي سي” طرحت فكرة تقليص دور راميتا نافاي من “مراسلة” إلى “مساهمة خارجية”، بذريعة أن تغريداتها على موقع إكس (تويتر سابقا) اعتُبرت “منحازة” للفلسطينيين، رغم كونها إعادة تغريد لمصادر حقوقية توثق الانتهاكات.
واعتبر المنتجان أن المؤسسة الإعلامية البريطانية العريقة رضخت لضغوط وخشيت من تكرار ما حدث مع فيلم وثائقي سابق عن غزة بعنوان “كيف تنجو في منطقة حرب”، سُحب من منصاتها بعد الجدل الذي أثاره بسبب كون الراوي “وهو طفل عمره 14 عاما ابنا لوزير في حركة حماس”.
وأشارا في مقالهما إلى أن إدارة “بي بي سي” بررت التأجيل بأن الفيلم الجديد يحتاج لمراجعة من مستويات عليا داخل المؤسسة، واعتبرت أن هناك حساسية سياسية كبيرة بشأن تغطية الحرب على غزة، خاصة في ظل الانتقادات التي وُجهت لتغطية القناة والتي اتُهمت بأنها تمنح “تكافؤا زائفا” بين ما جرى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، والرد الإسرائيلي الذي خلف عشرات آلاف القتلى الفلسطينيين.
كما كشفا أن بعض الاجتماعات التحريرية كانت تدار بروح من الرقابة الذاتية، حيث أُثيرت أسماء نشطاء مؤيدين لإسرائيل، وقيل إن بعض المعلومات في الفيلم قد تُرفض إذا اعتُبرت غير مقبولة من منظمات ضغط إعلامي مؤيدة لإسرائيل.
في نهاية المطاف، بثت قناة “شانل 4” البريطانية الفيلم كاملا، ونال إشادة واسعة من النقاد والمتابعين
وتابعا أنه في أحد الاجتماعات، قال أحد كبار صحفيي “بي بي سي” إنه يجب حذف بعض المعلومات لأنها لن تُرضي منظمة كاميرا، وهي هيئة رقابة إعلامية مؤيدة لإسرائيل.
ورغم محاولة القناة لاحقا بث مقتطفات قصيرة من الفيلم، فإن شرطا قانونيا أُدرج في العقد ينص على منع منتجي الفيلم أو أي طرف يشتريه من “الإساءة لبي بي سي” أو الإيحاء بأنه فيلم معتمد من المؤسسة، وهو ما أدى إلى رفض التوقيع على العقد.
وفي نهاية المطاف، بثت قناة “شانل 4” البريطانية الفيلم كاملا، ونال إشادة واسعة من النقاد والمتابعين، بينما تواصلت ردود الفعل داخل “بي بي سي” وخارجها، حيث أبدى عديد من الصحفيين تعاطفهم مع فريق العمل، وأكدوا أنهم “في الجانب الصحيح من التاريخ”.
لكن راميتا نافاي ودي بير اختتما شهادتهما بالقول: “نحن لا نريد أن نكون في الجانب الصحيح من التاريخ، بل في الجانب الصحيح من الزمن الحاضر”.