
روكب اليوم
خلال فصل الصيف، تتوجه أنظار عشاق المغامرة والطبيعة إلى الأنهار والبحيرات الساحرة في إقليم بافاريا الواقع جنوبي ألمانيا.
هنا، لا يقتصر الأمر على المناظر الخلابة فقط، بل تتحول هذه الوجهات إلى ملعب طبيعي للرياضات المائية من التجديف وركوب الأمواج إلى الانزلاق على الشلالات الصغيرة، مما يمنح الزائر تجربة تجمع بين الرياضة والمغامرة والتصوير في قلب الطبيعة.
مغامرة وسط المدينة
في قلب مدينة ميونخ، عاصمة ولاية بافاريا وأشهر مدنها، يتدفق نهر إيسار بمياهه الصافية التي تقطع المدينة من الجنوب إلى الشمال.
يشتهر هذا النهر بكونه وجهة مثالية لممارسة التجديف باستخدام ألواح الوقوف، إلى جانب قوارب الكاياك للمغامرين الذين يرغبون في تجربة فردية أو جماعية وسط جمال الطبيعة.
في الحقيقة، ما يميز نهر إيسار هو تنوع تدفق مياهه، حيث يمكنك أن تجد مناطق هادئة تناسب المبتدئين والعائلات، كما تجد أيضا أجزاء أخرى تحتوي على شلالات وانزلاقات طبيعية ترفع مستوى الحماس لعشاق الإثارة.
وللوصول إلى المكان المقصود في النهر، فإن الأمر سهل بفضل شبكة المواصلات العامة في ميونخ، حيث تتوقف الحافلات والقطارات المحلية بالقرب من مناطق الاستئجار على ضفاف النهر.
تكلفة استئجار معدات التجديف أو الكاياك تتراوح بين 20 و35 يورو للساعة، في حين يمكن قضاء نصف يوم كامل مقابل حوالي 40 إلى 50 يورو للشخص.
وتشمل الأسعار عادةً تعليمات أساسية من مدرب التجديف أو الكاياك، فضلا عن سترات النجاة وتأمينًا على المعدات، بالإضافة إلى رسوم الاستئجار نفسه، مما يجعلها تجربة مناسبة للشباب والسياح الباحثين عن ترشيد النفقات.
الطبيعة في الألب
على بعد 30 كيلومترا من مدينة برشتسغادن، قرب الحدود الألمانية النمساوية، تقع بحيرة كونيغ زي التي توصف بأنها أجمل بحيرة في ألمانيا، فمياهها الفيروزية العميقة تحيط بها جبال الألب البافارية، لتشكل مشهدا يضاهي اللوحات الفنية.
الأنشطة في بحيرة كونيغ زي متعددة وتشمل:
1ـ التجديف الفردي بألواح الوقوف عبر المياه الهادئة: نشاط مثالي للراغبين في الاسترخاء والاستمتاع بالمناظر الخلابة، حيث يتيح للممارس التوقف لالتقاط الصور، أو التأمل في انعكاسات الجبال على سطح الماء. كما أنه مناسب للمبتدئين بفضل استقرار المياه ووجود مناطق مخصصة للتدريب.
2ـ رحلات الكاياك لاستكشاف الجروف الصخرية والشلالات الصغيرة: تمنح هذه الرحلات شعورًا بالمغامرة والاستكشاف، إذ يمكن الاقتراب من منحدرات صخرية مهيبة والدخول في ممرات ضيقة لا يمكن الوصول إليها إلا بالقوارب الصغيرة، مما يجعل التجربة فريدة من نوعها لعشاق الطبيعة.
3ـ الانزلاق على شلالات قصيرة في مناطق محددة بإشراف مدربين: هو النشاط الأكثر تشويقًا للشباب لأنه يجمع بين الإثارة والأمان؛ فالممارس ينزلق مع تدفق الماء بسرعة مدروسة، مما يمنحه جرعة أدرينالين عالية، مع ضمان السلامة بفضل الإشراف الاحترافي والمعدات الواقية. هذه التجربة غالبا ما تُكرر أكثر من مرة من قبل الزوار لشدة متعتها.
للوصول إلى بحيرة كونيغ زي، يمكن الانطلاق من ميونخ بالقطار نحو منطقة برشتسغادن، ثم ركوب حافلة محلية إلى مواقف البحيرة، وتستغرق الرحلة قرابة الساعتين ونصف الساعة.
الرياضة والمغامرة والتصوير
ما يجعل هذه التجارب فريدة هو مزجها بين المغامرة والاسترخاء، فإلى جانب النشاط البدني الذي يمنحه التجديف وركوب الأمواج، توفر أنهار وبحيرات بافاريا فرصًا مثالية للتصوير، حيث تنعكس الجبال على المياه الصافية، وتبدو القوارب وكأنها تسبح في لوحة طبيعية.
كما أن هذه التجربة مناسبة للجميع؛ إذ يمكن للمبتدئين الاستمتاع بالمناطق الهادئة والتعلم تحت إشراف مدربين، في وقت يجد فيه عشاق الإثارة تحديات كافية في الانزلاقات المائية والشلالات الصغيرة.
يحكي الشاب الألماني كليمنز بالد للجزيرة نت عن تجربته قبل أسابيع في بحيرة كونيغ زي، فيقول إن أكثر ما لفت نظره في البداية كان صفاء المياه ولونها الذي يميل إلى خضرة زاهية، لا تمنعك من رؤية القاع بشكل مباشر.
ويضيف كليمنز أنها كانت بالنسبة إليه تجربة لا تنسى، خصوصا مع المنحدرات التي جعلته يشعر بكل حركة على الماء الذي يبدو لامعا كالمرآة، في مشهد يزيد متعته ذلك الرذاذ المتطاير جراء ارتطام المجداف بسطح الماء.
وفي أحيان أخرى -يقول كليمنزـ “اترك اللوح ينجرف لأستمتع بالهدوء والمنظر الخلاب من حولي”، مما يمنح شعورا مختلطا بين الاستمتاع والاسترخاء في سلام وهدوء تام.
مغامرة صيفية لا تنسى
رحلة التجديف وركوب الأمواج -والمقصود بالأمواج أمواج الأنهار الصغيرة الناتجة عن تغيّر انحدار مجرى النهر أو عبور المياه فوق الصخور- في ولاية بافاريا تمنح الزائر يومًا كاملا من المتعة، يجمع بين الرياضة والمغامرة والتصوير وسط أحد أجمل مناظر ألمانيا الطبيعية.
بتكلفة يومية تتراوح بين 30 و60 يورو للشخص، حسب النشاط والمعدات، يمكن للزائر أن يعيش مغامرة حقيقية ويعود بذكريات وصور لا تُنسى.
إذا كنت تخطط لزيارة ألمانيا في الصيف، فإن نهر إيسار في ميونخ وبحيرة كونيغ زي قرب برشتسغادن يجب أن يكونا ضمن قائمتك، لتستمتع بمزيج فريد من المغامرة والطبيعة البافارية الساحرة.
كيفية الوصول
يُذكر أن ولاية بافاريا أحد أهم ولايات ألمانيا وعاصمتها مدينة ميونخ، والتي تشتهر بالكثير من المعالم السياحية والثقافية، أبرزها ساحة مارين بلاتز، وشارع ماكسيميليان، والعديد من المتاحف والكنائس التاريخية، إضافة إلى مدينة الألعاب الأولمبية، وملعب أليانز أرينا التابع لنادي بايرن ميونخ، أحد أشهر أندية كرة القدم في أوروبا والعالم.
وهناك مدن كبرى أخرى في بافاريا أهمها نورنبرغ، التي تشتهر ببلدتها القديمة ذات طابع العصور الوسطى، وأسواق الكريسماس، وقلعة نورنبيرغ التاريخية. يضاف إلى ذلك أوغسبورغ، وهي إحدى أقدم مدن البلاد، وتضم كاتدرائية أوغسبورغ ومنطقة فوكيراي السكنية التاريخية التي تعود للقرن السادس عشر.
وللوصول إلى ميونخ من خارج البلاد، فهناك مطار دولي في المدينة يستقبل الكثير من الرحلات، أما إذا كنت قادمًا من داخل ألمانيا، فيمكنك الوصول إليها عبر القطارات السريعة أو الرحلات الجوية الداخلية كالتالي:
• من العاصمة برلين نحو ساعة وربع الساعة بالطائرة، أو أربع ساعات بالقطار السريع.
• من فرانكفورت نحو ساعة بالطائرة، وثلاث ساعات ونصف الساعة بالقطار.
• من شتوتغارت 45 دقيقة بالطائرة، ونحو ساعتين ونصف الساعة بالقطار.
قواعد السلامة
قبل البدء بمغامرة التجديف، تأكد من معرفة حالة الطقس والرياح، وأي قيود محتملة تفرضها الدولة على مناطق مثل المحميات الطبيعية. ولا تنسَ ارتداء سترة النجاة وإحكام ربط اللوح على قدمك، خاصة في المياه المفتوحة.
من القواعد الأساسية خلال ممارسة رياضة التجديف والكاياك احترم أولويات المرور، فالسفن الكبيرة أولا، ثم الشراعية ثانيا، ومن ثم القوارب ذات الدفع الذاتي، مع اتباع قاعدة اليمين قبل اليسار عند التقابل مع قوارب أخرى.
وعلى بحيرة كونستانس ومناطق أخرى، يُطلب طباعة اسم وعنوان المالك على اللوح. ومن أجل حماية بيئة البحيرات والأنهار، يُمنع الاقتراب من البيئات الحساسة والأراضي الرطبة، كما أن استخدام مصادر أساسية مثل خرائط “إلويس” (ELWIS) أو تطبيق “كانوا” (CANUA) سيُجنبك المشاكل والمخالفات.
وخرائط “إلويس” وتطبيق “كانوا” هما أداتان رقميتان مهمتان لعشاق الملاحة والرياضات المائية في ألمانيا، خصوصا على الأنهار والقنوات، فالأولى تعني “النظام الإلكتروني للمعلومات عن الممرات المائية”، وهو تابع لهيئة الملاحة والممرات المائية الفدرالية، والتطبيق تابع للاتحاد الألماني لرياضات التجديف ويوفر خرائط مفصلة لجميع الأنهار الصالحة للتجديف في البلاد.