
ويحذر مراقبون من أن هذا التطور يعكس تدهورًا غير مسبوق في البيئة الإنسانية، ويهدد قدرة وكالات الإغاثة على إيصال المساعدات إلى ملايين اليمنيين الذين يواجهون خطر الجوع والمرض في ظل تفاقم الأوضاع المعيشية.
وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، إن موظفًا أمميًا جديدًا اعتُقل مؤخرًا، ليرتفع عدد المعتقلين إلى ستة خلال الأيام الماضية، فيما يبلغ إجمالي المحتجزين لدى الحوثيين نحو 59 موظفًا، بينهم من يقبعون في السجون منذ سنوات.
وأوضح دوجاريك أن عناصر من الميليشيا اقتحموا عددًا من مقار الأمم المتحدة في صنعاء، وصادروا معدات وأجهزة اتصالات ومعلومات، ما تسبب في تعطّل جزئي لبرامج إنسانية حيوية في تلك المناطق.
من جانبه، أكد نائب المتحدث باسم الأمين العام، فرحان حق، أن المئات من موظفي المنظمة لا يزالون في مناطق سيطرة الحوثيين، بمن فيهم عدد من الأجانب، مشيرًا إلى أن “الأولوية القصوى هي ضمان سلامة العاملين وتأمين إطلاق سراح المعتقلين ومنع المزيد من الانتهاكات”.
وأضاف حق أن تصرفات الميليشيا تعرقل بشكل متزايد عمل الوكالات الإنسانية وتجبر الأمم المتحدة على إعادة تقييم آلية عملها في تلك المناطق، مؤكدًا أن الوضع الراهن يشكل تهديدًا مباشرًا لاستمرار برامج الإغاثة.
ويأتي هذا التصعيد في وقت تتفاقم فيه معاناة اليمنيين مع استمرار الحرب وتدهور الخدمات الأساسية وارتفاع معدلات الفقر والجوع. وتشير تقارير أممية إلى أن أكثر من 18 مليون شخص يعيشون في حالة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، فيما تضع القيود الحوثية المتزايدة عوائق أمام وصول المساعدات إلى المحتاجين.
وفي السياق، قالت الباحثة في منظمة “هيومن رايتس ووتش”، نيكو جعفرينا، إن الحوثيين يتهمون الأمم المتحدة بأنها “مليئة بالجواسيس” رغم استمرار استفادتهم من برامجها داخل اليمن، ووصفت هذا السلوك بأنه “تناقض فاضح يعكس ازدواجية الجماعة التي تتحدث عن السيادة وتمارس انتهاكات خطيرة ضد العاملين الإنسانيين”.
ويرى محللون أن استمرار هذه الممارسات يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني الذي يحمي العاملين في المجال الإغاثي، ويؤكد اتباع الميليشيا سياسة ممنهجة لابتزاز المجتمع الدولي واستخدام المساعدات الإنسانية كورقة ضغط سياسية واقتصادية.
وحذّر مسؤولون أمميون من أن استمرار احتجاز الموظفين وعرقلة العمل الإنساني قد يؤدي إلى توقف شبه كامل لبرامج الإغاثة في مناطق سيطرة الحوثيين، مما ينذر بكارثة إنسانية وشيكة في بلد يعتمد أكثر من ثلثي سكانه على المساعدات للبقاء على قيد الحياة.
