اقتصاد المرأة في العالم العربي.. بين ميراث الحضارة وفرص النهضة : روكب اليوم الاقتصادية


روكب اليوم
2025-07-04 15:34:00

1673215

في زمن تبحث فيه المجتمعات العربية عن سبل النمو والتنوع الاقتصادي، تبرز مشاركة المرأة كضرورة لا يمكن تجاوزها، لم يعد الحديث عن اقتصاد المرأة رفاهاً فكرياً أو ملفاً ثانوياً في أجندات التنمية، بل أصبح حجر زاوية في أي مشروع وطني يسعى لبناء مستقبل شامل ومستدام.

لقد أثبتت التجربة أن تمكين المرأة اقتصادياً لا يصب فقط في مصلحتها الشخصية، بل يعيد التوازن لقوة العمل، ويعزز دخل الأسرة، ويرفع الناتج المحلي الإجمالي للدول، لكن هذا الحضور المتنامي لا ينبغي أن يُنظر إليه كحالة جديدة أو مستوردة، بل هو استعادة لدور عريق للمرأة في التاريخ العربي والإسلامي، حين كانت شريكة في العمل والإنتاج قبل أن تُقصى بفعل ظروف تاريخية واجتماعية لاحقة.


googletag.cmd.push(function() { googletag.display(‘div-gpt-ad-1738926244764-0’); });

ففي صدر الإسلام، كانت السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، سيدة أعمال تدير تجارة واسعة وتوظف الرجال وتخوض غمار الأسواق بثقة واستقلال، بل كانت الداعم المالي الأول للدعوة الإسلامية، ما يجعلها واحدة من أوائل المستثمرات في القيم قبل الأموال، وفي عهد الخليفة عمر بن الخطاب، عهِدَ إلى الشفاء بنت عبد الله بمهمة الإشراف على السوق في المدينة المنورة، وهي سابقة تؤكد أن المرأة كانت تؤتمن على الرقابة الاقتصادية العامة، أما زينب بنت جحش فكانت تنتج بيديها وتبيع وتنفق على الفقراء، وأسماء بنت أبي بكر شاركت زوجها في الزراعة والعمل اليدوي، وأم سليم الأنصارية امتلكت بستان نخل تديره وتنفق من ريعه.

هذه النماذج ليست قصصاً رمزية، بل دلائل على أن المرأة العربية كانت حين أُتيح لها المجال فاعلة في التنمية، وشريكة في القرار الاقتصادي، وقادرة على التوفيق بين الإنتاج والأسرة، بين التجارة والقيم، بين الاستقلال المالي والالتزام المجتمعي، إن الدول العربية اليوم، في ظل التحولات الاقتصادية والسياسية، مطالبة بأن تُعيد النظر في حجم مساهمة المرأة الفعلية في الاقتصاد، لا من باب العدالة الاجتماعية فقط، بل من باب الكفاءة والمصلحة الوطنية. 


googletag.cmd.push(function() { googletag.display(‘div-gpt-ad-1739447063276-0’); });

ما تحقّقَ في السعودية يؤكد أن الإصلاح القانوني، حين يترافق مع إرادة سياسية واستثمار في التعليم، يُمكن أن يُحدث نقلة في سنوات قليلة، وهو ما يمكن تكراره في دول عربية أخرى، المرأة ليست عبئاً ينتظر الحلول، بل هي حلّ معطّل في كثير من الدول، تنتظر فقط إزالة العوائق الثقافية والإدارية لتعود إلى موقعها الطبيعي، فاقتصاد لا يفتح أبوابه للنساء، هو اقتصاد يشتغل بنصف إمكانياته، ويفوّت على نفسه نصف فرص الابتكار والإنتاج والازدهار، اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، يحتاج العالم العربي إلى أن يفعّل تنمية المرأة، ليس كقضية اجتماعية، بل كخطة عمل اقتصادية شاملة، مستلهمة من الماضي، ومواكبة لضرورات الحاضر، ومتجهة نحو المستقبل.

تم إعداد هذه المقالة لصالح روكب اليوم الاقتصادية، والآراء الواردة فيها تمثّل آراء الكاتب فقط ولا تعكس أو تمثّل بأي شكل من الأشكال آراء أو وجهات نظر أو مواقف شبكة روكب اليوم الاقتصادية. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com
Enable Notifications OK No thanks