الناشط الحقوقي أسعد أبو الخطاب
في ذاكرة الجنوب، هناك رجال لا تمحوهم الأيام ولا تسقطهم سنوات الغدر والنسيان، بل كلما مرّ الزمن زادت قاماتهم علوًا وازداد حضورهم إشراقًا في الوجدان الشعبي… ومن بين هؤلاء الأبطال، يقف الشهيد البطل الشهيد العميد الركن محمد قاسم عبدالقوي الظليمي، فارس الجنوب وقائد اللواء الخامس مظلات، الذي ترجل شهيدًا في ملحمة الدفاع عن الوطن ضد جحافل الغزو اليمني عام 1994م.
الميلاد والنشأة:
وُلد الشهيد محمد قاسم الظليمي عام 1957م في منطقة أقذيذ المشارع بمديرية الشعيب، محافظة الضالع، في أسرة جنوبية مناضلة عُرفت بتاريخها الوطني ومواقفها الراسخة ضد الاستعمار البريطاني،وكان من بين أفراد أسرته من استشهدوا في حرب التحرير مثل الشهيد محمد أحمد الظليمي والشهيد محسن علي الظليمي.
نشأ في بيئة ثورية، ودرس في مدرسة الصمود بالشعيب، حيث عُرف بتفوقه وتميّزه الدراسي، محققًا المركز الأول بين زملائه، ومشاركًا في المسيرات الطلابية المناهضة للاحتلال البريطاني، وتعرض برفقة أخيه جمال قاسم للتشريد إلى منطقة مريس نتيجة مطاردات الاحتلال لوالده المناضل قاسم عبدالقوي.
المسيرة العسكرية:
- في عام 1975م، التحق الشهيد بالمليشيا الشعبية الجنوبية، وكان مثالًا في الانضباط والكفاءة.
- حصل على دورة تدريبية نال فيها المركز الأول، ثم تم تعيينه قائدًا للتعبئة العسكرية في مركز الشعيب.
- لاحقًا أُرسل إلى كوبا للدراسة في الكلية العسكرية، وهناك حصل على درجة الماجستير بامتياز في العلوم العسكرية.
- عُرف خلال مسيرته العسكرية بشخصيته القوية والمنظمة، وقدرته على اتخاذ القرار الميداني السليم، مما أهّله لتولّي عدة مناصب قيادية.
المناصب التي تقلدها:
1) رئيس أركان لواء لبوزة – المليشيا.
2) رئيس أركان اللواء الخامس مظلات بعد أحداث 1986م.
3) قائد اللواء الخامس مظلات (الذي عُرف لاحقًا باللواء 131 مشاه) حتى استشهاده عام 1994م.
الأوسمة والشهادات:
نتيجة إخلاصه وتفوقه، نال الشهيد عددًا من الأوسمة والميداليات وشهادات التقدير، منها:
وسام الشجاعة القتالية.
ميدالية التفوق العلمي من كوبا.
شهادات امتياز في المناورات والتكتيك العسكري.
أوسمة تقدير من القيادة العسكرية الجنوبية نظرًا لبطولاته الميدانية وحنكته القيادية.
موقفه من الوحدة اليمنية:
كان الشهيد محمد قاسم الظليمي رافضًا بشدة للوحدة اليمنية بشكلها المفخخ، وكان يرى فيها مشروعًا خطيرًا يسعى لتذويب الهوية الجنوبية والهيمنة على مقدراتها من قبل نظام صنعاء.
وقد عبّر عن موقفه بوضوح في أكثر من اجتماع داخل المؤسسة العسكرية، مؤكّدًا أن الجنوب يجب أن يحتفظ بسيادته وهويته، وأن الوحدة يجب أن تُبنى على شراكة حقيقية وعدالة واحترام وليس على قاعدة الضم والإلحاق.
مقاومته في حرب 1994م:
عندما اندلعت حرب صيف 1994م، كان الشهيد العميد محمد قاسم في مقدمة الصفوف لمواجهة قوات صالح وحزب التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلمين)، مدعومين بميليشيات قبلية شمالية.
قاد المعارك في جبهات:
- دوفس.
- ردفان.
- جبهة صبر.
وكان يتقدم جنوده بنفسه، رافعًا راية الجنوب، ورافضًا الانسحاب رغم الفارق في العدد والعدة. قاتل بشرف وبسالة حتى سقط شهيدًا في 24 يونيو 1994م وهو يواجه جحافل الغزاة في جبهة صبر. خاتمة الوفاء:
رحل العميد الركن محمد قاسم الظليمي جسدًا، لكنه بقي رمزًا من رموز العسكرية الجنوبية، ومثالًا يُحتذى به في الانضباط، والكفاءة، والكرامة الوطنية… ومنح الجنوب صفحة ناصعة في سجل البطولة ستظل خالدة في قلوب كل الجنوبيين.
اللهم اجعل نضال الشهيد البطل عميد ركن محمد قاسم عبدالقوي الظليمي في ميزان حسناته، وارحمه بواسع رحمتك، واغفر له ذنوبه، واجعل قبره روضة من رياض الجنة.
اللهم ثبت أقدامنا على دربه، وامنحنا القوة والإرادة لمواصلة طريق الحرية والكرامة التي ضحى من أجلها، واجعلنا أوفياءً لوطننا الجنوبي ولشهدائه الأبرار.
اللهم انصر شعب الجنوب على كل من يعاديه، واحفظ أرضه وشعبه من كل سوء ومكروه، واجعل المستقبل مشرقًا بنصر دائم وعزة لا تزول.
آمين يا رب العالمين.
– نائب رئيس تحرير صحيفة عدن الأمل الإخبارية، ومحرر بعدة مواقع أخبارية.
