


روكب اليوم
إسطنبول- من أجل توحيد جهود القيادات الكشفية في دول عدة، وتكريسها لخدمة قضية القدس وفلسطين، أطلق الائتلاف الكشفي العالمي لنصرة القدس وفلسطين، سلسلة مخيمات ومشاركات بمخيمات صيفية، بدأت بإسطنبول في الفترة من بين 29 يوليو/تموز و6 أغسطس/آب، ثم انتقلت إلى تونس ولاحقا إلى إندونيسيا فالجزائر.
وتأسس الائتلاف في مدينة إسطنبول عام 2011، ليكون إطارا تنسيقيا يجمع تحت مظلته نخبة من الجمعيات والقيادات الكشفية العربية، بهدف ترسيخ الوعي بالمقدسات الإسلامية وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك داخل الأوساط الكشفية، وفق المدير العام للائتلاف محمد خليل زهرة متحدثا للجزيرة نت.
وأوضح زهرة أن الائتلاف بات -خلال السنوات الأخيرة- إطارا كشفيا فاعلا يدمج النشاط التربوي الكشفي بالهوية المقدسية، عبر منظومة متكاملة من البرامج والمبادرات التي عززت الوعي بالقدس وربطت أجيال الكشافين بها في العالمين العربي والإسلامي.
بمشاركة أكثر من 15 دولة عربية وإسلامية، يُقام في مدينة إسطنبول المخيم الكشفي للصداقة المقدسية، الذي ينظمه الائتلاف الكشفي العالمي لنصرة القدس وفلسطين، والذي يركز على مناصرة قضايا الأمة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. pic.twitter.com/7WKQGrGNer
— مجلة ميم.. مِرآتنا (@Meemmag) August 1, 2025
هدف مركزي
وقال إن هذه المنظومة انطلقت بمخيم النورس الإلكتروني عام 2020، قبل أن تتطور إلى فعاليات حضورية أبرزها المخيم الدولي للصداقة المقدسية الذي استضافته إسطنبول عام 2025 بمشاركة وفود من أكثر من 16 دولة.
وشدد زهرة على أن الهدف المركزي للائتلاف يتمثل في ترسيخ الوعي بالمقدسات الإسلامية وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك داخل الأوساط الكشفية، مؤكدا التزام الائتلاف بهوية كشفية نقية بعيدة عن الاصطفافات السياسية والمذهبية، وموضحا أن تأسيسه جاء ثمرة جهود قادة كشفيين توحدت قلوبهم على خدمة القدس وفلسطين.
وفي سياق خططه المقبلة، كشف زهرة عن مشاركة الائتلاف في مخيم “الجامبوري” بتونس بين 15 و20 أغسطس/آب الجاري من خلال محطة مقدسية متكاملة، تليها المشاركة في المخيم الكشفي المسلم بإندونيسيا في سبتمبر/أيلول، الذي يستضيف نحو 19 ألف كشاف، حيث سيكون للائتلاف إحدى المحطات الرئيسية الأربع متضمنة ورشا للألعاب والشارة المقدسية. ويختتم الائتلاف عام 2025 بإقامة دورة تدريبية للقائد والعريف المقدسي في الجزائر.
مخيم إسطنبول
في غابات بيكوز في مدينة إسطنبول التركية، ارتفعت الأناشيد الكشفية وهتافات الفتيان والفتيات القادمين من 16 دولة عربية وإسلامية، وهم يصطفون تحت راية فلسطين في مشهد تتقد فيه الحماسة والروح الوطنية.
وعلى وقع أجواء التآخي الكشفي، ارتفع العلم الفلسطيني على الساريات خلال المخيم الكشفي الدولي للصداقة المقدسية، الذي استضافته الفدرالية الكشفية التركية بين 29 يوليو/تموز و6 أغسطس/آب الماضيين، بمشاركة أكثر من 1000 كشاف وقائد.
كان هذا الحدث نموذجا حيا لحراك كشفي عالمي يتجاوز حدود الهوية إلى رسالة سامية، يقوده الائتلاف ويكرس برامجه لنشر الثقافة المقدسية وتعزيز الوعي بالقضية الفلسطينية في صفوف الأجيال الكشفية عربيًا وعالميا.
وأكد زهرة أن المخيم حقق مشاركة قياسية فاقت التوقعات، حيث استقطب نحو 1200 كشاف وقائد من 16 دولة، يمثلون قرابة 45 جمعية كشفية، بينما كان العدد المتوقع لا يتجاوز 500 مشارك، موضحا أن جميع أنشطة المخيم حملت طابعا مقدسيا، حيث تضمنت برامج تعريفية بالمسجد الأقصى المبارك وفلسطين، وأخرى حول المقاطعة، وقضية الأسرى الأطفال، والجدار العازل، واللاجئين.
ونتيجة لذلك، نجح 850 كشافا في استكمال متطلبات “شارة الكشاف المقدسي” والحصول على الشهادة والوسام، في حين تخرج 130 قائدا مقدسيا بعد اجتيازهم دورة تأهيلية شملت محاور معرفية وتدريبية مثل التمييز بين الصهيونية واليهودية، وإدارة الحملات الإعلامية، وقياس الرأي العام.
تجمع كشفي عربي
بحسب الميثاق التعريفي الخاص بالائتلاف، الذي اطلعت عليه الجزيرة نت، ومن خلال عضويته التي تضم مؤسسات وأفرادا من مختلف أنحاء العالم، يمثل الائتلاف منصة جامعة للكشافة في بلدانهم، تحمل مسؤولية إيصال صوت القدس والدفاع عنها في الساحات الكشفية والإعلامية والمجتمعية.
وترتكز رؤية الائتلاف على تقاسم مسؤولية تحرير فلسطين مع كل مكونات الأمة وأحرار العالم، انطلاقا من إيمان راسخ بأن الحركة الكشفية مكوّن فاعل وأساسي في مسيرة الأمة.
أما رسالته، فهي اعتماد وتنفيذ برامج وفعاليات كشفية محلية ودولية تهدف إلى دعم صمود الشعب الفلسطيني وتعزيز ارتباطه بأرضه ومقدساته، حتى ينال كامل حقوقه العادلة ويقيم دولته المستقلة على كامل التراب الفلسطيني من البحر إلى النهر.
ويختصر الائتلاف هذه الرسالة في شعاره الملهم: “وكن لفلسطين دوما مستعدا”، المستوحى من الشعار الكشفي العالمي “كن مستعدا”، ليغرس في نفوس الكشافين قيم الاستعداد الدائم للدفاع عن القدس ومقدساتها.
وضمن أهدافه الإستراتيجية يسعى الائتلاف إلى توطين العمل لأجل فلسطين على مستوى الجمعيات والأفواج والفرق المحلية في مختلف البلدان، واعتماد وتنفيذ المشاريع الكشفية الرائدة الداعمة للقضية الفلسطينية بالتعاون بين مكونات الائتلاف، وتبادل الخبرات والتجارب بين الأعضاء للوصول إلى أفضل أساليب العمل الكشفي لنصرة فلسطين، وتطوير وتوثيق المحتوى العلمي عن فلسطين وتعميمه على أعضاء الائتلاف لاستخدامه في أنشطتهم وبرامجهم.
أنشطة نوعية
وعن الأنشطة والفعاليات المنوعة أشار زهرة إلى أن الائتلاف أطلق قبل نحو 3 سنوات “برنامج شارة الكشاف المقدسي”، وهو برنامج تأهيلي يُمنح بعد استكمال متطلبات معرفية وعملية حول القدس، وبدأ تطبيقه في الجزائر عام 2022 قبل أن ينتقل إلى دول أخرى من بينها تونس، التي شهدت في يونيو/حزيران 2024 ملتقى وطنيا بمشاركة أكثر من 350 كشافا.
وأضاف زهرة أن الائتلاف أعد كذلك “المنهاج الكشفي المقدسي”، الذي يغطي مجالات التاريخ والجغرافيا والمعالم الدينية والتراثية، ويطبق حاليا في ورشات معرفية داخل المخيمات الكشفية بدول عدة، بما يسهم في تعميق معرفة الفتية بالقضية الفلسطينية بأسلوب تفاعلي.
وأشار إلى أن عام 2024 شهد تنفيذ برامج متنوعة، من بينها تأهيل مقرات للكشافة في غزة، وإطلاق برنامج للتآخي بين كشافة فلسطين وأقرانهم في الخارج، وحصر شهداء الحركة الكشفية وتوثيق سيرهم، وعقد المخيم المقدسي الدولي “قدسك قدسي” عبر الإنترنت، وإطلاق النسخة الرقمية من شارة الكشاف المقدسي، بالإضافة إلى ترجمة محتوى برامج الائتلاف إلى 3 لغات، في خطوة تعكس –على حد وصفها– اتساع نطاق نشاط الائتلاف وتنوع أدواته في خدمة الرسالة المقدسية.
تحديات واستحقاقات
وعن أبرز التحديات التي يواجهها الائتلاف، قال محمد خليل زهرة، إن مسيرة الائتلاف –رغم ما حققته من زخم لافت واتساع في قاعدة المشاركين– ما تزال تواجه عقبات جدية تعوق بلوغ أهدافها كاملة.
وأوضح أن أحد أبرز هذه التحديات يتمثل في الحساسيات السياسية التي تمنع بعض الجهات الرسمية في عدد من البلدان من الانخراط المباشر في أنشطة الائتلاف، رغم أن الدعم الفردي والشعبي لفكرته وبرامجه واسع وملموس. وأرجع ذلك إلى حجم الضغوط التي تتعرض لها هذه الجهات، وهو ما يحد من مشاركتها العلنية.
وأضاف زهرة أن التحدي المالي يشكل عقبة أساسية أخرى، إذ يعتمد الائتلاف على جهود تطوعية ودعم مؤسسات أهلية، مما يجعل تمويل المخيمات الدولية، وطباعة المناهج الكشفية، وإطلاق الحملات الإعلامية الكبرى مرهونا بتبرعات أو رعايات غير ثابتة، مما يقيّد القدرة على التوسع والاستمرار بالوتيرة المطلوبة.