«المحبوسون».. حين يقامر المضاربين بشراء الأسهم يوم إعلان الأرباح : روكب اليوم الاقتصادية


روكب اليوم
2025-05-30 07:12:00

1670179

تبدأ قصة اليوم بنتائج فصلية مبشّرة، تصريحات متفائلة لمسؤولي شركات مدرجة في أي من البورصات، ووعود بنمو المشاريع، تقفز الأسهم بالفعل، وتنبض الشاشات بالأخضر، الكل يشتري، الكل يغرد، الكل يتحدث عن «الصعود القادم»، لكن في يوم الإعلان عن الخبر أو الأسبوع الذي يليه على أقصى تقدير يبدأ السوق بالهبوط، وتبدأ معه دراما المحبوسين.

«المحبوسون».. مصطلح معروف لمتداولي أسهم البورصات التقليدية المحلية .. فهم المضاربين الراغبين بالشراء والبيع في ذات الجلسة.


googletag.cmd.push(function() { googletag.display(‘div-gpt-ad-1738926244764-0’); });

صفقات قد تصيب مرة وقد تخيب عشر مرات، قد توصف بالذكاء والعبقرية وقد توصف بالعشوائية والمقامرة.

هكذا موسم أرباح الشركات، يكثر فيه عدد هؤلاء المحبوسين، خاصة أن الأسهم قد تستبق الصعود قبل الإعلان عن نتائج الأعمال وأخبار أرباح الشركات، والدخول المبكر لا يستثمره سوى الأذكياء، ولا يتكبد خسائره سوى من يلهث فوراً خلف الخبر من المضاربين الذين جاؤوا متأخرين، ثم يأتي السوق لينصب شباكه.. بدهاء شديد.. السوق عند القمم بعد الأخبار الإيجابية لا يبيع مرة واحدة، يُفرّغ ما لديه كما يسكب الشاي في كوب متصدّع، قطرة فقطرة.


googletag.cmd.push(function() { googletag.display(‘div-gpt-ad-1739447063276-0’); });

المحبوسون هم العالقون في القمم على وقع أخبار أرباح الشركات.. المحبوسون هم فهموا بشكل خاطئ القمم التاريخية والأرقام القياسية.. المحبوسون هم المضاربون الذين لم يستوعبوا أن السوق في نهاية الموجة بل يمنون النفس بالبدايات، وعند القمم يطول وقت العودة لزيادتها مجدداً.

يوم إعلان الأرباح قد يقفز سهم ولكن قد ينهار 10 أسهم.. لعبة لا قانون لها.. لكنها وقت مهم للتخارج الذكي.. فالعروض ستظل موجودة بعشرات الألوف، والطلب أيضاً لن يبعد كثيراً عن هذه المساحة.. وأحياناً ما تكون الطلبات عند القمة هي الفخ لاستدراج المحبوسين.

ففي الوقت الذي كان فيه فيبوناتشي يشير إلى نهاية موجة بدأت من ارتكاز ودعم قوي كانت موجات إليوت تقول إنها الموجة الأولى أو الثانية من خمس موجات.

إذاً هو التصحيح، هكذا يخبرك المحللون.. تصحيح بسيط.. لكن الحقيقة «أنت محبوس» في السوق ليوم أو شهر أو سنة.

السوق يرتدي قناع الزاهد في القمة.. فالكثير يعرض ما لديه للبيع أجزاء مما لديه دون أن يظهر ذلك فقد ربح قبل إعلان الخبر، بل ويضع أوامر شراء بكميات أقل حتى يقنع الضحية بأن الزخم موجود والسهم فرصة.. يضخ الكميات وكأنها عروض بيع طبيعية، ويشجع الهواة على اقتناص بضاعته في العالي عند قمة القمة.

الرابح من دخول السهم قبل إعلان خبر الأرباح ونتائج الأعمال يخرج قبل القمة بلحظات، يترك السهم عند ذروة زائفة مهرولاً في قناع الزاهد، ثم يطفئ الأنوار ويغلق الباب خلفه، بهدوء يشبه اللامبالاة، أما من تبقّى، فهم المحبوسون.

المحبوسون عالقون بين الأمل والإنكار والرجاء، يطول الوقت، تمر الأيام، والأسهم لا تعود لأسعار الشراء، يستفيق المشتري كل صباح وهو يقول: «مجرد تصحيح بسيط»، ثم تمر الشهور وهو يهمس: «السهم سيعود، فقط قليل من الصبر»، لكن الرابح أولاً لاذ بالفرار، والسعر لن يعود لأجل أحد.

المحبوس لا يعترف بالخسارة، بل يقنع نفسه أنه مستثمر طويل الأمد، يرفض البيع عند القمة متمسكاً بسهم اشتراه على وقع ضجيج الانفجار.

الجروبات والمنتديات، والمحللون، والوعود طالت دون جدوى.

السوق باع وباح بكل أسراره.. والمضارب يظل محبوساً في القمة.. بأعلى الأسعار.. السهم يهبط بعنف دون عودة، يتساءل: هل انقطعت شبكة الإنترنت؟ هل انقطعت الكهرباء؟.. هل شاشة التداول أصابها خلل تقني؟.. لا شيء من ذلك حدث.. الشيء الوحيد الذي حدث بشكل مؤكد أن السوق مؤسسات وأفراد خارج اللعبة.. و«أنت محبوس» إلى إشعار آخر.

في مدرسة السوق لا تُدرّس هذه الفصول، لا أحد يخبرك أن القمم هي فخاخ لا منصات تتويج، وأن الهروب عند النشوة أذكى من البقاء عند الحشود.

لا أحد يقول لك إن الشراء سهل، لكن البيع فنّ لا يتقنه سوى من تعلم الألم.

المحبوسون في الأسهم ليسوا ضحايا السوق فقط، بل ضحايا أنفسهم، ضحايا الطمع الذي لم يُروَ، والأمل الذي لم يُضبط، والجهل الذي تزيّا برداء الثقة.

الانهيارات المفاجئة لا تُخبرك بقدومها يا عزيزي، والرابح من استباق الخبر أولاً قبل الإعلان عنه يبيع على مراحل عند القمة بهدوء قبل أن تتساقط الأسعار على رؤوس المتأخرين.

وفي كل مرة، يُولد جيل جديد من «المحبوسين في الأسهم» الذين لا يُفلتهم السوق إلا بعد أن يتعلّموا أن الخروج من القمة فنّ، لا خيانة.

في كل موجة صعود، يولد مئات المحبوسين، يدخلون السوق جرياً خلف الأرباح، ويخرجون زحفاً تحت ركام الخسائر.

في السوق لا تُقاس المكاسب بعدد الأسهم، بل بعدد المرات التي نجوت فيها من فخّ البريق، آمل ألا تكون من «المحبوسين».

بالنهاية، فالخلاص الأوحد ليس إلا جملة من الشروط، أولها، ارتداد السعر للقمة نفسها، والصبر الطويل، ونسيان الخسارة، والتداول على أسهم أخرى برأس مال جديد لعدم إضاعة الوقت والفرص، والخلاص الأهم.. هو تعلم الدرس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Enable Notifications OK No thanks