أبو العز توفيق القطيبي
ليست المشكلة أن المدعو علي ناصر محمد أعان عفاش على احتلال الجنوب، فالتاريخ مليء بالمتخاذلين الذين باعوا أوطانهم ثم اختفوا في زوايا الخجل.
لكن المذهل أن الرجل لا يخجل… بل يتفاخر!
نعم، بكل فخر واعتزاز، ظهر “الرئيس السابق للجنوب” ليقول (كما لو أنه يعلن انتصاره في حرب تحرير) إنه هو من خطط، وهو من أقنع عفاش، وأن عفاش مجرد منفذ لأوامره!
وكأننا أمام نابليون القرن العشرين، أو ميكافيلي بثوب عدني.
قال المدعو علي ناصر محمد “أنا المخطط… وعفاش مجرد منفذ”!
بالله عليكم، أليس هذا أغبى اعتراف سياسي سُجل في العصر الحديث؟
رجل يدّعي أنه جنوبي، ثم يعترف أنه لم يكتف بالخيانة، بل كان مهندس احتلال الجنوب، والمبشر الأول بقدوم جحافل عفاش إلى العاصمة عدن!
لا نعلم هل نضحك من هذا المستوى من “الذكاء السياسي”… أم نبكي على وطن تم تسليمه هكذا، برضا وسرور، ومن ثم يباهي صاحبه بفعلته؟
عبقرية أم بلاهة؟
العجيب أن المدعو علي ناصر لا يكتفي بالتصريح، بل يبدو عليه الزهو وكأنه يتحدث عن إنجاز تاريخي.
هل الرجل يعاني من البلاهة السياسية المزمنة، ولم يكتشف أحد ذلك طوال عقود؟
أم أن في الأمر لعنة خفية من عفاش جعلت ناصر يعتقد أنه قدم “حلا سحريًا” لمشكلة الجنوب، وهو في الحقيقة قدّم الجنوب نفسه كبش فداء على مائدة صنعاء؟
الجنوب على طبق… والطاهي علي ناصر!
في المشهد المسرحي العبثي هذا، يظهر أن:
1- الجنوب كان الضحية.
2- علي ناصر هو الطاهي الذي أعد الطبق.
3- وعفاش هو الضيف الذي لم يصدّق حظه السعيد.
أما الشعب، فقد كان المتفرج المصدوم، الذي استيقظ ليجد عفاش يطوف في شوارع العاصمة عدن، ومهندس الصفقة في المنفى، ينظر للكرامة والنضال.
رسالة إلى عباقرة الخراب
الرجل العجوز علي ناصر محمد ومن على شاكلته:
إذا لم تخجلوا من الله، فاخجلوا من ذاكرة الشعوب… وإن لم تخجلوا من التاريخ، فاخجلوا من الأجيال القادمة التي ستقرأ أن جنوبيًا سلم الجنوب… ثم ظل يصفق لنفسه!
في الختام:
نحن لا نطلب منك أن تعتذر، الكبار لا ينتظرون اعتذارات من الهاربين… لكن فقط، اصمت.
فصمت الخائن أحيانًا، هو آخر ما يمكنه فعله من أجل الوطن…بعد أن عجز عن كل شيء.