اليمن أمام مفترق طرق: هل يُصنع السلام على مقاس الحوثي؟

بين مسقط وعدن والرياض، تدور مشاورات وتحركات متسارعة، تُعيد فتح ملف “السلام مع الحوثيين” في توقيت بالغ الحساسية، يطرح سؤالاً وجودياً: هل يتجه المجتمع الدولي لفرض تسوية سياسية على حساب الدولة اليمنية؟ أم أن هناك لحظة تاريخية لتصحيح المعادلة وإنهاء عبث المليشيات؟.

في لقاء وصف بـ”المعقد”، اجتمع المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ مع قيادات الحوثيين في مسقط، وسط تأكيد على أهمية “تثبيت الاستقرار” و”تجنب التصعيد”. لكن المفارقة أن اللقاء تزامن مع استمرار الجماعة في احتجاز موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية والدبلوماسيين، في خطوة اعتُبرت دولياً بمثابة ابتزاز سياسي ينسف أي نوايا حقيقية للسلام.

مصادر خاصة كشفت أن المملكة العربية السعودية طرحت خلال اتصالاتها الأخيرة مع القيادة الإيرانية ضرورة ضبط سلوك الحوثيين وتخفيف التوتر في البحر الأحمر كشرط أساسي لإنجاح أي حوار إقليمي. وجرى تداول معلومات عن وساطة سعودية لتهيئة لقاء غير رسمي بين واشنطن وطهران خلال زيارة مرتقبة للرئيس الأمريكي السابق ترامب إلى الرياض.

في مقابل هذه التحركات، بعثت القيادة اليمنية ممثلة بالمجلس الرئاسي رسائل واضحة عبر اجتماعات مكثفة ضمت رئيس مجلس القيادة الرئاسي والهيئات الحزبية والمكونات السياسية، أكدت أن “العام الحالي هو عام الحسم”، وأن أي سلام لا يقوم على نزع سلاح المليشيات واستعادة مؤسسات الدولة، هو تأبيد للأزمة وليس حلاً لها.

لقاءات السفير السعودي محمد آل جابر مع هيئة التشاور والمصالحة في الرياض، أكدت على استمرار دعم المملكة لجهود السلام، ولكن وفق مقاربة جديدة، تتضمن تعزيز الشرعية وتقوية التحالف السياسي اليمني الداخلي، ورفض أي مسارات تُنتج “سلاماً شكلياً” يبقي السلاح في يد الحوثيين.

ردود الفعل لدى النخبة السياسية و الشارع اليمني حملت نبرة غاضبة من “الحديث الناعم” الذي تروج له بعض الأطراف الأممية حول إشراك الحوثي في الحكم دون محاسبة أو نزع سلاح. ناشطون وصفوا ذلك بأنه “مكافأة للإرهاب”، فيما شدد قادة في هيئة التشاور أن السلام الحقيقي يبدأ بتجريم الإمامة والعنصرية، لا تقاسم السلطة مع من دمّر الدولة وسفك دماء اليمنيين.