”انشقاق في صعدة.. صراع خفي يهدد حكم الحوثي من الداخل: ”كبير الزيدية” الذي يتحدى عبدالملك؟”

روكب اليوم

في قلب الجبال الشامخة لصعدة، معقل الجماعة الحوثية، لا تُسمع فقط دويّ القذائف، بل تُدار الآن معارك صامتة تُهدّد بتفكيك النسيج الديني والسياسي الذي بُني عليه مشروع الحوثيين على مدى عقود.

2a02:4780:2b:1814:0:1e98:448f:1

لم تعد صعدة مجرد قاعدة عسكرية للحوثيين، بل أصبحت ساحة صراع خفي بين زعيم الميليشيات عبدالملك الحوثي، وبين رجل دين يمني يُلقب بـ”كبير الزيدية”، يحمل في جعبته إرثاً دينياً يهدد بسحب الشرعية الدينية من تحت أقدام الجماعة.

هذا الصراع، الذي يُدار خلف الكواليس، يتجاوز الخلافات العقائدية ليتحول إلى صراع على الزعامة، والنفوذ، والشرعية، في واحدة من أكثر الفترات حساسية في تاريخ الجماعة.

تفاصيل الخبر:

معركة النفوذ: مران ضد ضحيان

بين مران، حيث يتخذ عبدالملك الحوثي مركز قيادته، وبين ضحيان، مسقط رأس محمد عبدالله عوض المؤيدي، يُدار صراع محتدم على الهوية الزيدية. فالحوثي، الذي يستند إلى القوة العسكرية والدعم الإيراني، يواجه اليوم تحدياً داخلياً من رجل يمتلك سلطة روحية تُعدّ من أقدم مراجع الطائفة الزيدية في اليمن.

يُنظر إلى المؤيدي، وريث عالم الدين البارز مجد الدين المؤيدي، باعتباره رمزاً للodoxy الزيدية التقليدية، والتي استخدمت مؤلفات مجد الدين المؤيدي في بدايات المشروع الحوثي. لكن اليوم، يُتهم الحوثيون بـ”الانحراف عن المذهب” والانزلاق نحو الفكر الاثني عشري المدعوم من إيران، وفقاً لأتباع المؤيدي.

“الحوثي يستخدم الزيدية كغطاء، لكنه يُعيد تشكيلها وفق أجندته الإيرانية”، يقول أحد أتباع المؤيدي، طالباً عدم الكشف عن هويته خشية الاعتقال.

قمع ديني بغطاء “الجهاد في فلسطين”

كشفت مصادر مطلعة أن مليشيات الحوثي منعت في الأسابيع الأخيرة أتباع المؤيدي من التدريس في مراكز دينية بمنطقة سحار في صعدة، في خطوة تُعدّ الأحدث في سلسلة تصعيد ضد التيار المؤيدي.

ومنذ عام 2022، شنّت الجماعة حملة واسعة لإغلاق المدارس الدينية والمساجد التابعة للمؤيدي، ونفذت سلسلة اعتقالات طالت نحو 20 عالماً دينياً من سحار في ديسمبر 2023، وفقاً لشهادات نقلتها منظمات حقوقية. بعضهم أُفرج عنهم بعد تحقيق مطول، فيما يُعتقد أن آخرين ما زالوا مختفين قسراً في سجون سرية تابعة للحوثيين.

وتمارس الجماعة ضغوطاً متزايدة على أتباع المؤيدي، وتُطلق عليهم لقب “المثبطين”، بزعم أنهم يثبطون عزيمة الشباب عن القتال في الجبهات، خصوصاً في ظل التصعيد الأخير على خلفية الأزمة الفلسطينية.

لكن مراقبين يرون أن هذا التبرير مجرد ستار:

“الحوثيون يخشون فقدان الشرعية الدينية أكثر من خسارتهم في الجبهات”، يوضح أحد الباحثين في الشأن اليمني.
“إغلاق المراكز الدينية ليس عناداً ضد غزة، بل هو محاولة يائسة للإبقاء على وهم الزعامة الدينية في صعدة.”

صراع الأجيال: من بدر الدين إلى عبدالملك

الخلاف بين الطرفين ليس وليد اليوم. بل يعود إلى سبعينيات القرن الماضي، حسبما يوضح الباحث المتخصص في الجماعات الدينية في اليمن، أحمد الحميري.

في حديث له ، أشار الحميري إلى أن الجذور الحقيقية للصراع تكمن في التنافس على الإمامة الزيدية بين بدر الدين الحوثي (الوالد الروحي للحوثية) ومجد الدين المؤيدي، أحد أبرز مراجع الزيدية في القرن العشرين.

“الحوثي بنى مشروعه على مؤلفات المؤيدي، ثم حاول طمس إرثه”، يقول الحميري.
“الآن، الصراع انتقل إلى الأبناء: عبدالملك الحوثي ضد محمد المؤيدي، في معركة على الشرعية الدينية والزعامة القبلية في صعدة.”

وأضاف: “الدعم الإيراني منح الحوثي القوة العسكرية، لكنه لم يمنحه شرعية دينية حقيقية بين الزيدية التقليديين.”

ماذا يعني هذا الصراع للحوثيين؟

هذا التصدع الداخلي قد يكون الأكبر في تاريخ الجماعة منذ سيطرتها على صنعاء عام 2014. ففي الوقت الذي تواجه فيه ضغوطاً عسكرية من التحالف، واقتصادية من الحصار، تظهر الآن معركة وجودية داخلية تهدد بانقسام الصف في المعقل التاريخي.

وتشير تقارير ميدانية إلى أن عدد أتباع المؤيدي في صعدة وحدها يتجاوز عشرات الآلاف، معظمهم من القبائل النافذة، ما يجعل التحدي ليس مجرد خلاف فكري، بل تهديداً حقيقياً لسيطرة الحوثي على الأرض والقبائل.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Enable Notifications OK No thanks