روكب اليوم
2025-07-17 07:43:00
وأفادت تقارير إعلامية، هذا الأسبوع، نقلاً عن مسؤولين في البيت الأبيض لم تسمهم، بأن من المرجح أن يُقيل ترامب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي قريباً، حيث ناقش هذه الخطوة المحتملة في اجتماع مع الجمهوريين في الكونغرس، الثلاثاء الماضي.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display(‘div-gpt-ad-1738926244764-0’); });
لكن ترامب خرج في مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض، ليكذب مثل هذه التقارير، غير أنه «لم يستبعد أي شيء، ما لم يكن هناك احتيال يستوجب ذلك» على حد قوله، في إشارة إلى الانتقادات الأخيرة التي وجّهها البيت الأبيض وبعض الجمهوريين إلى باول بشأن تجاوزات مزعومة في تكلفة مشروع تجديد مقر الاحتياطي الفيدرالي بواشنطن، الذي يُقدر بـ2.5 مليار دولار.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display(‘div-gpt-ad-1739447063276-0’); });
ويُصر ترامب منذ عودته على خفض أسعار الفائدة بشكل فوري، حيث اعتاد مهاجمة باول في أكثر من مناسبة، واصفاً إياه بـ«الغبي والأحمق والمتأخر دائماً»، نظراً لاعتقاده بأن الفائدة مرتفعة بنحو 300 نقطة أساس عن المستوى الذي يجب أن تكون عليه، ما يُشكّل ذلك عائقاً أمام جهوده لتعزيز النمو وتقليل النفقات والعجز المالي في ظل تفاقم الدين العام إلى مستوى قياسي عند 36 تريليون دولار.
ويتمسك الاحتياطي الفيدرالي منذ بداية 2025 بسياسة «الترقب والانتظار» لمعرفة مدى تأثير الرسوم الجمركية «المتغيرة»، قبل النظر في تخفيضات إضافية بأسعار الفائدة، وذلك بعد خفض بـ100 نقطة أساس بين سبتمبر وديسمبر 2024، لتتراوح حالياً بين 4.25% و4.5%.
ولم تكن هذه المرة الأولى التي يجري الحديث فيها عن إقالة صانع السياسة النقدية الأبرز في العالم، بل كان ترامب نفسه قد أشار إلى ذلك بشكل مباشر عبر منصة «تروث سوشيال» في أبريل الماضي، قبل أن يتراجع سريعاً بعد اضطرابات واسعة في الأسواق المالية، بما في ذلك تراجع قيمة الدولار وموجة بيع واسعة للسندات الأميركية.
وتحدثت تقارير مؤخراً نقلاً عن مسؤولين في الإدارة الأميركية، أن ترامب بدأ بالبحث عن خليفة باول، الذي من المقرر أن تنتهي ولايته رئيساً في مايو 2026.
ويرى محللون تحدثوا إلى «روكب اليوم الاقتصادية» أن ترامب لن يكون قادراً على إقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي بسبب اختلاف وجهات النظر فيما يتعلق بأسعار الفائدة، لكن هذا قد يحدث «حال اكتشاف مخالفات جسيمة»، وهي الورقة التي يتبناها الجمهوريون حالياً، حيث يزعمون أن باول أفسد مشروع تجديد مقر الاحتياطي الفيدرالي.
ويقول الخبير في أسواق المال، ومؤسس أكاديمية «ماركت تريدر»، عمر عبده، إن ترامب لا يملك أي سلطة لإقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي، وإن «هذا الأمر مرهون بخروقات كبيرة مثل خيانة الأمانة، أو السرقة».
ويضيف في حديثه مع «روكب اليوم الاقتصادية» أن الرؤساء الأميركيين اعتادوا الاختلاف علنية مع سياسات الاحتياطي الفيدرالي، لكن لم يكن هناك سابقة تاريخية فيما يتعلق بإقالة المسؤول الأول عن السياسة النقدية في البلاد.
وفي مذكرة للعملاء نقلت ما جاء فيها صحيفة «فايننشال تايمز»، يذكر كبير خبراء الاقتصاد الأميركي في جي بي مورغان، مايكل فيرولي، أن «الأزمة الحالية بين ترامب وباول، ربما تكون قد مرت.. رغم أننا نشك في أننا انتهينا تماماً من هذه الملحمة».
وبعد نصف ساعة فوضوية في «وول ستريت»، خلال تعاملات الأربعاء، حيث تراجعت الأسهم وانخفض الدولار وارتفعت عوائد سندات الخزانة، على خلفية أنباء إقالة باول، أغلقت المؤشرات على ارتفاع طفيف بعد تصريحات ترامب.
ومع هذا، يرى مدير محفظة بشركة إدارة الأصول الأميركية «دوبل لاين»، بيل كامبل، وفق «فايننشال تايمز» «أن هناك فرصة متزايدة لإقالة باول.. ويمكنك رؤية ذلك في الأسواق».
وينص قانون الاحتياطي الفيدرالي لعام 1913، على أنه لا يجوز عزل أعضاء مجلس محافظيه الذين يعينهم الرئيس ويوافق عليهم مجلس الشيوخ لفترات متداخلة مدتها 14 عاماً، إلّا لـ«سبب»، وهو ما كان يُعتقد فترة طويلة أنه يعني سوء السلوك، وليس الخلاف على السياسات.
وعلى الرغم من ذلك، فإن القانون يغفل الإشارة إلى القيود المفروضة على إمكانية إقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي.
وتشير صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية إلى أن المفهوم الحديث لاستقلال الاحتياطي الفيدرالي يرجع إلى اتفاق بين وزارة الخزانة وبنك الاحتياطي الفيدرالي عام 1951، الذي أعطى البنك المركزي حرية أكبر في تحديد أسعار الفائدة كما يراه مناسبا.
ومنذ ذلك الحين، تمتّع الاحتياطي الفيدرالي باستقلالية واسعة، لكنه لم يكن بمنأى عن الضغوط السياسية.
ولم يسبق لأي رئيس أميركي أن حاول إقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي، كما لا توجد سابقة قانونية مباشرة تتعلق بهذا الأمر، ما يعني أن الإقالة إن حدثت ستشق طريقها إلى المحاكم للطعن عليه، وهو ما قد يأخذ المزيد من الوقت، بحسب وكالة «رويترز»، حتى لما بعد انتهاء ولاية باول في مايو 2026.
ويؤكد هذا عبده، الذي يقول في حديثه مع «روكب اليوم الاقتصادية» إن إقالة بأول من شبه المؤكد ستذهب للمحاكم وذلك سيأخذ سنوات طويلة ستكون قبلها قد انتهت فترة توليه رئاسة الاحتياطي الفيدرالي.
ووفق أرشيف الاحتياطي الفيدرالي، الذي اطلعت عليه «روكب اليوم الاقتصادية»، هناك الكثير من رؤساء الاحتياطي الفيدرالي لم يكملوا ولايتهم، من بينهم يوجين آي. ماير، الذي استقال من منصبه في 10 مايو 1933، بعد أقل من ثلاثة أعوام، حيث تزامنت فترة رئاسته مع سنوات الكساد الكبير الأولى، ليتعرض لانتقادات واسعة بسبب عدم قيامه بما يكفي من التحفيز النقدي لمواجهة الأزمة الاقتصادية وتفاقم الأزمة المصرفية، حسبما ما يقول مؤرخون.
أما آخر الرؤساء السابقين للاحتياطي الفيدرالي الذين لم يكملوا مدتهم، جي. ويليام ميلر (1978-1979)، الذي استقال بعد عام تقريباً، لكن ذلك بعد تعيينه وزيراً للخزانة من قبل الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، حيث استمر ميلر في منصبه الوزاري حتى 20 يناير 1981.
لكن عبده يستبعد أن «يستقيل باول إذ ساءت الأمور بينه وبين ترامب أكثر وأكثر، لأنه هذا السيناريو سيضر كثيراً بسمعة ومكانة الفيدرالي الأميركي وبالتبعية ما يسمى بالاستثنائية الأميركية فيما يتعلق بمكانة الدولار وأسواق الأسهم والدين».
يتوقع المستثمرون على نطاق واسع أن يظل باول رئيساً للبنك المركزي حتى انتهاء ولايته، إلّا أن هجوم ترامب المتكرر يثير التقلبات في الأسواق، وكذلك التكهنات حول ما إذا كان الرئيس سيرشح خليفة يكون أكثر تقبلاً لأسعار الفائدة المنخفضة.
ويقول عبده إن الرئيس ترامب الذي عُرف عنه «تراجعه المتكرر بشأن قرارته» منذ عودته إلى البيت الأبيض قبل 6 أشهر، قد يواصل إحداث المزيد من الاضطرابات بالأسواق في كل مرة يتحدث فيها عن السياسة النقدية ورئيس الاحتياطي الفيدرالي.
ويضيف: «هذا بدوره يهدد مفهوم استقلالية الاحتياطي الذي سيحاول جاهداً السير عكس توجهات ترامب دائماً، وربما هذا يثير المخاوف بشأن بداية نهاية الاستثنائية الأميركية وهيمنة نظامها المالي على الاقتصاد العالمي».
وتتوقع الأسواق ارتفاع التضخم إذا ما خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة تماشياً مع رغبات ترامب، وفق «فايننشال تايمز»، إذ يرى بعض المحللين أن العواقب ستكون عالمية، لأن سندات الخزانة الأميركية والدولار يدعمان الأسواق المالية حول العالم.
ويؤكد باول -الذي عُين رئيساً للاحتياطي الفيدرالي من قبل ترامب خلال ولايته الأولى عام 2017- في أكثر من مناسبة على أنه لا يهتم بالتصريحات والضغوط السياسية ويركز فقط على البيانات الاقتصادية فيما يتعلق بقرار أسعار الفائدة، ويشير أيضاً إلى أنه «لا يمكن إقالته إلا لسبب وجيه وفق القانون.. وأرغب في استكمال مدتي كاملة».