
في مشهد نادر يعكس تصاعد الغضب الشعبي داخل مناطق سيطرة جماعة الحوثي، نظّم العشرات من أبناء ووجهاء ومدراء مديرية السلفية بمحافظة ريمة، يوم الأحد، وقفة احتجاجية حاشدة في العاصمة صنعاء، احتجاجًا على مقتل الشاب محمد عارف عبده الجباهي تحت التعذيب على يد أحد القيادات الأمنية التابعة للمليشيا.
الوقفة، التي جمعت بين الغضب والحزن، جاءت بعد اتهامات صريحة بتواطؤ الأجهزة الأمنية الحوثية في التستر على الجناة ومنع فتح تحقيق نزيه، ما أثار مخاوف واسعة من تفشي ثقافة الإفلات من العقاب في مناطق سيطرة الجماعة.
لافتات تطالب بالعدالة… وتحذيرات من “دولة داخل دولة”
رفع المحتجون لافتات كُتب عليها:
“العدالة ليست رفاهية… بل حق”،
“لا لدولة الأمن الموازي”،
“أين النائب العام من جريمة تعذيب مواطن حتى الموت؟”
وطالب المتظاهرون النائب العام الحوثي بنقل ملف القضية فورًا إلى النيابة الجزائية المتخصصة في صنعاء، وتشكيل لجنة تحقيق محايدة تضم ممثلين عن أولياء الدم، مع الكشف الكامل عن تفاصيل الجريمة أمام الرأي العام لضمان الشفافية والمساءلة.
اختطاف خارج القانون… وتعذيب حتى الموت
وبحسب مصادر مقربة من أسرة المجني عليه، فإن القيادي الأمني الحوثي حميد محمد دجران، المكنّى بـ”أبو حرب”، قام بخطف الجباهي منتصف ليل الثلاثاء 3 سبتمبر 2025، بدون أي مذكرة قبض أو إجراء قانوني، قبل أن يُنقل إلى جهة مجهولة.
وأكدت المصادر أن الضحية تعرض للتعذيب الوحشي داخل إدارة الأمن بمديرية سفيان بمحافظة عمران، حتى فارق الحياة، في انتهاك صارخ لكل المعايير القانونية والإنسانية. الأدهى أن دجران نفسه كان قد قدّم البلاغ ضد الجباهي، ثم تولّى بنفسه عملية القبض والتحقيق والتعذيب، ما يُعد خرقًا فاضحًا لمبدأ فصل السلطات ونزاهة التحقيق.
تلاعب بالملف… وضغوط لطمس الجريمة
واتهم المحتجون الأجهزة الأمنية في عمران بالتواطؤ في طمس معالم الجريمة، والضغط لمنع إحالة الملف إلى الجهات القضائية المختصة، وهو ما يُعد مؤشرًا صارخًا على غياب أي آليات مساءلة حقيقية داخل هياكل السلطة الحوثية.
احتجاجات في زمن الانتهاكات
تأتي هذه الوقفة في وقت تشهد فيه العاصمة صنعاء تصاعدًا مقلقًا في جرائم التعذيب والاختفاء القسري داخل السجون الخاضعة لسيطرة الجماعة، وسط غضب شعبي متزايد من انهيار منظومة العدالة واستمرار سياسة الإفلات من العقاب.
ويُنظر إلى هذه الجريمة – وردّ الفعل الشعبي عليها – كمؤشر على تفاقم الأزمة الأمنية والقانونية في مناطق سيطرة الحوثيين، حيث باتت السجون أدوات انتقام وتصفية، لا مؤسسات لإنفاذ القانون.
