حكاية نجاح في صندوق النظافة.. نبيل غانم بين التفهم والتواصل الحقيقي مع العمال

✍️ عبدالله عادل

في زمنٍ طغت فيه البيروقراطية، وتوارى التواصل الإنساني خلف المكاتب المغلقة، برز في صندوق النظافة وتحسين العاصمة عدن اسمٌ لا يشبه سواه: المهندس نبيل غانم، نائب مدير الصندوق والقائم بأعمال المدير، الذي استطاع أن يكتب قصة نجاح غير مألوفة في مؤسسات الدولة المترهلة.

نبيل غانم لم ينجح لأنه يجلس خلف مكتبه ويوقع الأوراق، بل لأنه اختار أن ينزل إلى الميدان، ويكون جزءًا من معاناة العمال لا مُشرفًا عليها.
لم يكن “مديرًا” بالمعنى التقليدي، بل أخًا كبيرًا، سندًا حقيقيًا، وصوتًا عاقلاً في وسط الصراخ الإداري الذي طالما أغفل صوت العامل البسيط.

يقول أحد عمال الصندوق، وهو يداه لا تزالان ملوّثتين بتراب الطريق:
يعجز اللسان عن وصف أخلاقه، لا يتأخر عن الوقوف معنا، سواءً في وقت الدوام أو بعده… يشعرنا أننا بشر، لا مجرد أرقام في كشوفات الرواتب.

وفي مؤسسة تُعد من أكثر الجهات عرضة للإهمال والتهميش، خصوصًا في العاصمة عدن، برز غانم كحالة استثنائية، تجاوزت حدود الوصف الوظيفي إلى مساحة الضمير الإنساني، فأدار بعقله، وقاد بقلبه، وواجه الصعوبات بإرادة لا تلين.

العاملون أنفسهم أجمعوا، وبغير تنسيق، على أن الرجل لم يتغير لا بمنصب ولا بلقب، فهو كما كان في أول يوم التحق فيه بالصندوق، يفتح بابه للجميع، يتحدث بلغة بسيطة يفهمها العامل قبل الإداري، ويُقدّم الحلول لا الأعذار.

الجدل هنا لا يكمن في سلوك غانم فقط، بل في السؤال الأخطر:

لماذا لا نرى أمثاله في بقية المؤسسات؟

أين المسؤول الذي لا يختبئ خلف سكرتير، ولا يطلب موعدًا لمقابلة عامله؟

لماذا أصبحت الإنسانية في الوظيفة العامة عملة نادرة، بينما في صندوق النظافة، نجدها تمشي على قدمين باسم نبيل غانم؟

نحن أمام تجربة يجب أن تُدرّس، لا تُكتم، أمام شخصية إذا تحدثنا عنها بإيجابية، لا نُتّهم بالتطبيل، بل نؤدي أقل واجب تجاه من حمل همّ الناس وهمّ مؤسسته معًا.

هي ليست قصة رجل فقط، بل قصة مؤسسة تغيّرت لأن في إدارتها إنسانًا قبل أن يكون مسؤولًا.

فهل تلتقط المؤسسات الأخرى الدرس؟

وهل يدرك صانعو القرار أن العدالة تبدأ من باب الصندوق، لا من مؤتمرات الفنادق؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Enable Notifications OK No thanks