تقرير – روكب اليوم /خاص:
في زمن تضعف فيه العدالة ويعلو فيه صوت القسوة على الرحمة، يقف شاب خلف قضبان السجن ينتظر حكم الإعدام، رغم أن الدم قد عفي عنه وقلوب أولياءه قد صفحت عنه بدموع ووجع لا يحتمل.
إنه الشاب أرسلان نبيل سعيد قاسم، البالغ من العمر أربعة وعشرين عامًا، يقف اليوم بين الحياة والموت، ولم يتبق على تنفيذ حكم الإعدام بحقه سوى 19 يومًا فقط، في قضية عنوانها الألم، وجوهرها الخطأ، لا العمد ولا القصد.
رصاصة واحدة… قلبت حياة أسرة بأكملها:
في عام 2018م، وبينما كان أرسلان ينظف مسدسًا لأول مرة في حياته، انطلقت رصاصة غادرة عن طريق الخطأ لتصيب والده – رحمه الله – وترديه قتيلًا في لحظة لم يكن فيها أي نية أو تعمد.
أرسلان، الشاب الطيب الخجول، سلّم نفسه طوعًا للعدالة، وصرخ من أول يوم: يا جماعة، ما كنت أقصد، والله ما كنت أقصد!
ست سنوات من الندم والبكاء والحرمان قضاها داخل الزنزانة، ينام وهو يرى صورة أبيه في أحلامه، ويستيقظ وهو يدعو الله أن يُكفر عنه ما حدث بالخطأ.
الكل تنازل.. فلماذا يصر القضاء على الإعدام؟
القضية اليوم لم تعد قانونية بحتة، بل أصبحت قضية إنسانية وعدلية وأخلاقية بامتياز.
فقد تنازل جميع ورثة الدم – الأم، الأخت، الأخ، وخالته (زوجة والده) – رسميًا عن حقهم الشرعي، مؤكدين أن ما حدث كان قضاء وقدرًا لا أكثر.
لكن رغم هذا التنازل الصريح، ورغم كل المناشدات، لا يزال شبح الإعدام يهدد حياة أرسلان، وسط صمت رسمي مؤلم وأسوار عالية تخفي خلفها مأساة أسرة تنهار يومًا بعد يوم.
أم مريضة وأخ معاق وأسرة بلا معيل:
أم أرسلان اليوم تصارع أمراض الضغط والسكر، وأخوه المعاق ينتظر من يطعمه ويعتني به، وأخته الصغيرة لا تجد من يسدد مصروف دراستها بعد أن أصبح عائلها الوحيد خلف القضبان.
كلهم اليوم يرفعون أيديهم إلى السماء وقلوبهم مكسورة، يناشدون الرحمة، ويستغيثون بكل صاحب ضمير:
لا تقتلوا من لم يقصد القتل… لا تهدموا بيتنا مرتين!
نداء من الضمير:
الناشط الحقوقي أسعد أبو الخطاب وجه مناشدة عاجلة لكل المنظمات الحقوقية المحلية والدولية، ولكل النشطاء والقيادات القضائية والاجتماعية، للتدخل السريع والعاجل لإيقاف تنفيذ الحكم، قائلاً:
لسنا ضد القانون، ولكننا مع العدالة التي تعرف الرحمة.. هذا الشاب لم يتعمد القتل، وكل الورثة قد عفوا، فأي عدالةٍ تبقى إذا أعدمنا من لم يقصد؟
وطالب أبو الخطاب بسرعة تأجيل تنفيذ الحكم وإعادة النظر في القضية على ضوء التنازلات الرسمية، مؤكدًا أن تنفيذ الإعدام في هذه الحالة سيكون طعنة في قلب العدالة، ووصمة عار في جبين الإنسانية.
كلمة أخيرة..
لم يتبق على القصاص سوى 19 يومًا… تسعة عشر يومًا قد تكون الفارق بين الظلم والرحمة، بين الحياة والموت، بين إنقاذ بيت مهدد بالضياع، أو دفنه إلى الأبد.
أرسلان لا يطلب سوى فرصة للعيش، فرصة ليثبت أن الندم يمكن أن يكون بابًا للتوبة، لا للحبل حول العنق.
فلعل في تحرك الضمائر ما يعيد لهذا الوطن جزءًا من إنسانيته المفقودة.
أنقذوا أرسلان… قبل أن يُعدم صوت العدالة.
إعداد:
الناشط الحقوقي أسعد أبو الخطاب، نائب رئيس تحرير صحيفتي عدن الأمل، وعرب تايم الإخباريتين، ومحرر في عدد من المواقع المحلية والعربية
