
روكب اليوم
اكتشف فريق بقيادة عالم رياضيات من جامعة نيو ساوث ويلز في سيدني طريقة جديدة لفك شفرة أقدم تحدٍّ في تخصص الجبر، ألا وهو حل معادلات كثيرات الحدود العليا.
في علم الجبر، فإن المعادلات كثيرات الحدود تتضمن متغيرا مرفوعا لأسس (مثلا س² أو س³)، وقد تم حل المعادلات البسيطة من الدرجة الثانية (مثل س²) منذ عام 1800 قبل الميلاد بواسطة البابليين الذين ابتكروا “طريقة إكمال المربع” .
وفي كتابه “المختصر في حساب الجبر والمقابلة”، وضع الخوارزمي أول قواعد واضحة لحل هذه المعادلات أو التي تطورت إلى الصيغة التربيعية المألوفة لدى عديد من طلاب الرياضيات في المرحلة الثانوية.
وفي القرن الـ16، تم إيجاد طرق لحل المعادلات من الدرجة الثالثة والرابعة، لكن المعادلات من العليا من هذا النوع، أي من الدرجة الخامسة فما فوق (تلك التي تحتوي على متغيرات مثل س⁵ أو أكبر) لم يتم العثور على حل عام لها أبدا.
تُعد هذه المعادلات أساسية في الرياضيات والعلوم، حيث لها تطبيقات واسعة، مثل المساعدة في وصف حركة الكواكب والنجوم أو كتابة برامج الحاسوب، ولذلك فإن حل أعلى مستوياتها سيكون ذا فائدة جمة في تلك النطاقات.
كثيرات الحدود العليا
وفي سنة 1832 أثبت عالم الرياضيات الفرنسي إيفاريست غالوا أن الحلول العامة الدقيقة لهذه المعادلات مستحيلة بسبب التعقيد الرياضي فيها، ومنذ ذلك الحين وُضعت حلول تقريبية لكثيرات الحدود من الدرجة الأعلى، وهي تُستخدم على نطاق واسع في التطبيقات، لكن هذه الحلول لا تنتمي إلى الجبر الصرف.
لكن الرياضياتي نورمان وايلدبرغر وفريقه من جامعة نيو ساوث ويلز في سيدني اكتشفوا طريقة جديدة لحل المعادلات العالية الدرجة، ونشرت النتائج في دراسة بدورية “ذي أميركان ماثيماتيكال مونثلي”
رأى وايلدبرغر أن الطرق التقليدية تعتمد على الجذور (مثل الجذر التربيعي والجذر التكعيبي)، التي عادة ما تنتج أعدادا غير نسبية توقف حل المشكلة، لأن هذه الأعداد لا يمكن حسابها بدقة لأنها تحتوي على عدد لا نهائي من الأرقام العشرية.
وايلدبرغر اعتمد بدلا من الجذور على ما تُسمى “سلاسل القوى”، وهي معادلات يمكن أن تحتوي على عدد لا نهائي من الحدود من أسس “س”، وهي طريقة ذكية في الرياضيات لكتابة أي دالة (علاقة بين الأرقام) على شكل مجموعة أشياء نجمعها معا.
تخيل مثلا أنك تبني برجا من المكعبات، تضع مكعبا واحدا، ثم تضيف مكعبا أصغر، ثم أصغر، ثم أصغر… وتستمر، وكل مكعب يضيف شيئا بسيطا للبرج. نفس الشيء في سلسلة القوى، حيث تبني الجواب الصحيح خطوة بخطوة عن طريق إضافة أعداد صغيرة فوق بعضها.
بعد ذلك، قام وايلدبرغر -عبر تقطيع تلك السلاسل- من استخراج إجابات عددية تقريبية للتحقق من نجاح الطريقة، ثم جرب الطريقة على معادلات تاريخية معروفة، ونجحت بشكل ممتاز، إحداها كانت معادلة تكعيبية شهيرة استخدمت في القرن الـ17 لإثبات طريقة نيوتن.
الأعداد الكتالونية
تستخدم الطريقة الجديدة متواليات من الأرقام تمثل علاقات هندسية معقدة، تنتمي هذه المتواليات إلى علم التوافقيات، وهو فرع من الرياضيات يتعامل مع أنماط الأرقام في مجموعات من العناصر.
تصف أشهر متوالية توافقية، تُسمى “الأعداد الكتالونية”، عدد الطرق التي يمكنك من خلالها تشريح مضلع، وهو أي شكل بثلاثة أضلاع أو أكثر، إلى مثلثات.
الأعداد الكتالونية هي مجموعة خاصة من الأعداد تظهر عندما نحاول حساب عدد الطرق الممكنة لترتيب أشياء معينة بدون أخطاء، بمعنى آخر، هي أعداد تساعدنا في عدّ كم طريقة ممكنة لحل مشكلات معينة.
على سبيل المثال، تخيل أنك تود تقسيم “بيتزا” مضلعة لها عدة جوانب، فسيكون السؤال: “كم طريقة ممكن تقسيم هذه البيتزا إلى مثلثات بخطوط لا تتقاطع؟”.
لو كانت البيتزا لها 3 جوانب، فهناك طريقة واحدة فقط، ولو كانت لها 4 جوانب، فهناك طريقتان (عبر قطري المربع)، ولوكان للبيتزا 5 جوانب، فهناك 5 طرق، وهكذا، هذه الأعداد هي الأعداد الكتالونية!