غاتوزو صوت الإنسانية من إيطاليا إلى أطفال غزة |


روكب اليوم

في لحظة نادرة امتزجت فيها الرياضة بالوجدان الإنساني، عبّر مدرب المنتخب الإيطالي جينارو غاتوزو عن حزنه العميق على ما يتعرض له المدنيون والأطفال في غزة، قبيل مواجهة إسرائيل في تصفيات كأس العالم 2026.

ولم تقتصر تصريحات غاتوزو على الموقف الرياضي، بل تفاعلت معها الجماهير الإيطالية بمظاهرات حاشدة تضامنا مع الفلسطينيين، في وقت تكشف فيه تقارير عن تحركات أمنية واستخباراتية غير مسبوقة مرتبطة بالمباراة، مما جعل اللقاء يتحول إلى منصة رمزية للتعبير عن التضامن الإنساني والسياسي في آن واحد.

وخلال مؤتمر صحفي طغت عليه المشاعر الإنسانية أكثر من الحسابات الرياضية، قال غاتوزو بصوته الأجش المعروف: “نحن نعلم أننا مضطرون لخوض المباراة، لأننا إن لم نفعل فسنعتبر خاسرين بـ3 أهداف دون رد… أكرر مرة أخرى أن ما يحدث للمدنيين الأبرياء وللأطفال أمر مؤلم للغاية ويمزق قلبي رؤيته”.

وجاءت هذه التصريحات عشية المواجهتين الحاسمتين “للأتزوري” في تصفيات كأس العالم 2026، إحداهما أمام المنتخب الإسرائيلي في 14 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، حيث بدت مشاعره صادقة وسط تصاعد الغضب الشعبي في إيطاليا رفضا للحرب.

أجواء مشحونة ومخاوف أمنية واستخباراتية

وتتجه الأنظار نحو المباراة المرتقبة في مدينة أوديني الثلاثاء المقبل، وسط أجواء مشحونة بعد مظاهرات شعبية مؤيدة للفلسطينيين اجتاحت مختلف المدن الإيطالية خلال الأسبوع الماضي.

وفي خطوة مثيرة للجدل، كشف ساسة إيطاليون أن وزير الداخلية ماتيو بيانتيدوسي منح إذنا سريا لجهاز الموساد الإسرائيلي للتحرك في أوديني لتأمين بعثة إسرائيل خلال المباراة، وهو ما وصفه النائب ماركو ريمالدي بأنه “ليس فقط غير مسؤول سياسيا، بل إنه غير قابل للتصور على مستوى المؤسسات”.

وتشير تقارير إعلامية إيطالية إلى أن “المباراة في أوديني ليست مجرد حدث رياضي، ومع اقتراب موعدها واندلاع احتجاجات غزة إلى جانب الاستيلاء على أسطول الحرية العالمي، أصبحت المواجهة قضية استخباراتية”.

وكانت المباراة السابقة قد شهدت توترات غير متوقعة بعد نهايتها، حين اندلع شجار بين غاتوزو وعدد من لاعبي المنتخب الإسرائيلي.

عزوف جماهيري وإجراءات أمنية مشددة

وتشهد مبيعات تذاكر المباراة تباطؤا ملحوظا، مع توقع وجود مساحات شاغرة كبيرة في ملعب “بلو إنرجي” الذي سيخضع لإجراءات أمنية مشددة. وقال غاتوزو: “الأجواء لن تكون سهلة، لأن هناك نحو 10 آلاف شخص سيكونون خارج الملعب، و5 إلى 6 آلاف فقط داخله”.

وأشار المدرب الإيطالي إلى أنه كان يفضل أجواء أكثر طبيعية قائلا: “نحن نريد التأهل إلى كأس العالم، وكنت أفضل أن نخوض المباراة على أرضنا أمام جماهير متحمسة، كما حدث في بيرغامو قبل شهر عندما فزنا على إستونيا 5-0”.

تعاطف جماهيري

وحظيت تصريحات غاتوزو بتفاعل واسع على منصات التواصل الاجتماعي بين النشطاء وعشاق كرة القدم، الذين اعتبروا كلماته تعبيرا صادقا عن موقف الجماهير الإيطالية، وترجمة حقيقية لمشاعرها التي ظهرت في المظاهرات الرافضة للإبادة الجماعية في غزة.

وكتب أحد النشطاء: “عندما يكون الرياضي إنسانا”.

في حين قال آخر: “غاتوزو رجل عظيم داخل وخارج الملعب، يقول كلمة الحق ولا يخاف على منصبه”.

ورأى مدونون أن مشاعر غاتوزو الصادقة تعكس نبض الشارع الإيطالي الذي خرج في مظاهرات حاشدة تضامنا مع الفلسطينيين، معتبرين أن الملاعب تحولت إلى منابر رمزية للتعبير عن صوت الشعوب الرافضة للحرب.

ضمير إنساني فوق الصافرة

أثنى عدد كبير من النشطاء على موقف المدرب الإيطالي، مؤكدين أن كلماته تجاوزت حدود المستطيل الأخضر لتصبح رسالة إنسانية صادقة في زمن تعلو فيه أصوات الصافرات على أنين الضحايا.

ورأى مدونون أن غاتوزو، المحارب القديم في وسط الميدان، يجد نفسه اليوم أمام مفترق طرق بين صرامة الواجب الرياضي وبين قيم الإنسانية، مشيرين إلى أن هذا التناقض بين الاحتراف والضمير الإنساني هو ما جعل كلماته تلامس وجدان الجماهير في إيطاليا وخارجها.

وتؤكد هذه المواقف كما يرى كثيرون أن الرياضة لم تعد بمعزل عن الألم الإنساني، وأن ما يجري في الملاعب اليوم هو انعكاس لموقف الشعوب الرافضة لحرب الإبادة على غزة، لتغدو كرة القدم مساحة للتعبير عن الضمير الإنساني قبل أن تكون مجرد منافسة على المستطيل الأخضر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Enable Notifications OK No thanks