غزة تموت.. وماتت قبلها أمة المليار

ياسر الفرح

يقولون إن الجوع كافر، لكنهم لم يقولوا إنه قاتل أيضاً.. غزة تموت جوعاً، حصاراً، قهراً، وتموت معها الإنسانية، بينما أمة المليار تقف متفرجة، تتلو الأدعية وتبكي على الشاشات، وكأن البكاء والتنديد باتا أقصى مراتب الرجولة والنصرة!

يا أمة المليار، هل هذا كل ما بقي في جعبتكم؟ دعاء خافت من خلف شاشات مضيئة، ونشرات عاجلة تذرف فيها القلوب دموع العجز؟! الشعوب التي يصفها علمائنا بالكافرة خرجت، هتفت، كسرت صمت العالم، تحدّت بطش الحكومات وسُحلت في الشوارع لأجل غزة… فهل نحن الكفار؟ أم أننا كفرنا بوعد الله ونصره حين قعدنا؟!

غزة ليست فقط تحت النار، بل تحت الخذلان. لم يُقتل أطفالها فقط بالقنابل، بل بموت ضمائرنا، بجبن علمائنا، بصمت قادتنا، بخيانة النخب والمثقفين، بانشغال الجموع بتفاهات الدنيا.

علماؤنا… هل انتهت فتاواكم عند عدد الزوجات وأحكام الحيض والنفاس؟ أما آن أن ترتفع أصواتكم للحق، أن تعودوا أمناء على رسالة محمد الذي قال: “المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يُسلمه”؟!

يا رسول الله، قد خذلناك. خذلناك حين فاخرْتَ بنا الأمم ونحن عار عليك. خذلناك حين استُبيح المسجد الأقصى أمام أعيننا فلم نتحرك. خذلناك حين قُطّعت أوصال غزة، وجاع أهلها، وسُحقت براءة أطفالها تحت ركام الخيانة.

إننا لم نمت اليوم.. نحن أموات منذ زمن. يوم ماتت نخوتنا، يوم مات الحياء من وجوهنا، يوم أُسكتت الحقيقة، وأُلجمت الألسن. ماتت أمة الإسلام قبل أن يموت أول طفل جوعاً في غزة.
وها نحن اليوم في قاع الذل.. لم تمر على هذه الأمة حقبة أذلّ من هذه. ذلّ في الأرض، وضياع في الهوية، وخيانة للرسالة.
عظّم الله أجرنا جميعاً في أنفسنا، في أمتنا، في الأمانة التي حملنا إياها سيد الخلق، محمد صلى الله عليه وسلم. أمانة لم نحملها، بل دنّسناها، وتاجرنا بها، وتخلينا عنها عند أول اختبار.

إلى مزبلة التاريخ جميعاً، وأنا أولكم. وستبقى غزة شامخة… لأنها وحدها التي دفعت الثمن. وحدها التي تموت واقفة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com
Enable Notifications OK No thanks