روكب اليوم
2025-07-27 07:17:00
الواقعة أعادت إلى الأذهان حادثة مشابهة عام 2017 حين نفق نحو 20 دولفينًا، دون تفسير علمي واضح، لكنها هذه المرة أخذت طابعًا كارثيًا ينبئ بخلل عميق في المنظومة البيئية البحرية.
تُعد الدلافين من الكائنات الحساسة التي تعكس مستوى صحة البيئة البحرية، ونفوقها بهذه الصورة الجماعية يفتح الباب أمام تساؤلات عميقة ومقلقة.
دراسة بحثية حديثة بعنوان “ظاهرة جنوح الدلافين في سواحل سقطرى 2025″ كشفت عن عوامل متعددة تفسر هذه الظاهرة، أبرزها الاختلالات البيئية المفاجئة، والتلوث الكيميائي، وتغيرات درجات الحرارة، والاضطرابات الموسمية في التيارات البحرية.
الباحث الدكتور يحيى فلوس، أستاذ علوم البحار بجامعة الحديدة، قال إن التغيرات المناخية وارتفاع نسب التلوث في المياه تضعف مناعة الدلافين وتجعلها أكثر عرضة للجنوح والأمراض، محذرًا من أن تكرار هذه الحوادث ينذر بـ”كارثة بيئية كبيرة” على مستوى التنوع البيولوجي في الجزيرة.
رغم تصنيف سقطرى كموقع تراث طبيعي عالمي لما تتميز به من تنوّع بيولوجي فريد، فإنها اليوم تواجه ضغوطًا بيئية متصاعدة نتيجة التغير المناخي والأنشطة البشرية.
دراسة صادرة عن مركز سقطرى للدراسات الإنسانية والاستراتيجية بيّنت أن الطبوغرافيا المعقدة لسواحل الأرخبيل، وتحديدًا الخلجان والمداخل الضيقة، تُعد “فخاخًا طبيعية” للدلافين التي تفقد قدرتها على التوجيه في ظل تغيرات التيارات والمناخ.
المدير العام للهيئة العامة للمصائد السمكية في أرخبيل سقطرى، أحمد علي عثمان، أكد أن الأمواج العاتية والتيارات القوية خلال الفترة بين يونيو وسبتمبر تؤدي إلى انخفاض نسبة الأوكسجين في المياه، ما يجعل عودة الدلافين إلى المياه العميقة شبه مستحيلة، فتجنوح إلى الشاطئ وتموت.
كما أن الأنشطة البشرية كالسياحة غير المنظمة، وحركة القوارب، واستخدام معدات الصيد، تسهم بشكل مباشر في إرباك أنظمة التوجيه الطبيعية للدلافين، كما أوضح الباحث جميل السقطري.
خبراء البيئة حذروا من أن هذا النفوق الجماعي قد يكون مقدمة لتحولات بيئية أعمق في سواحل سقطرى، ما يهدد المخزون السمكي والتوازن البيئي، ويؤثر على معيشة آلاف الأسر التي تعتمد على البحر.
الدعوات تتصاعد لتفعيل برامج رصد بيئي عاجلة، وتشديد الرقابة على الأنشطة البشرية، واتخاذ خطوات واقعية لحماية الثروة البحرية قبل فوات الأوان.