الناشط الحقوقي أسعد أبو الخطاب
بينما يعجّ الجنوب بصوت التكبيرات وفرحة العيد وزيارات الأحبة وتبادل التهاني، هناك رجالٌ خلف الكواليس لا يُسمع لهم صوت، لكنهم يصنعون الأمن الذي نحتفل في ظله، ويحمون الأرض التي نطؤها مطمئنين.
أولئك هم جنود الجنوب الأشاوس، أبناء الميدان الحقيقيين، الذين يقضون عيد الأضحى المبارك على خطوط النار، لا بين الأهل والأبناء، بل بين الخنادق والمتاريس، في حرارة الشمس ولهيب التراب، كي يبقى الجنوب آمنًا.
عيد في الميدان:
ليس لهم خروف عيد، ولا لبس جديد، ولا ضحكات أطفال عند الفجر… عيدهم يتجلى في كل لحظة يثبتون فيها أنهم درع الجنوب وسياجه الحصين… هؤلاء لا ينتظرون تهنئة رسمية ولا صُورًا تُنشر على مواقع التواصل، بل يكفيهم أن يروا حدود الجنوب آمنة، وأن يسمعوا الوطن ينبض.
أيها المرابطون: أنتم العيد:
يا من تقضون العيد بعيدًا عن أسرِكم وأبنائكم، أنتم العيد الحقيقي في هذا الوطن… أنتم التكبير في صدورنا، وأنتم الأضحية التي تُقدم يوميًا دفاعًا عن شرف الأرض وكرامة الجنوب.
أقف أمامكم كناشط حقوقي ومواطن جنوبي لا يملك إلا أن ينحني احترامًا لبطولتكم… أنتم حماة السيادة، منارة الكرامة، وأنتم الحصن الذي فشلت في تجاوزه كل المؤامرات.
ليسوا وحدهم… بل نحن معهم بالدعاء والعهد:
نعلم أن بعض المرابطين يواجهون الإهمال، وأن أبسط الحقوق تُنزع منهم، ومع ذلك لا يتراجعون ولا يُساومون… لذلك، نحن مدينون لهم لا بالشكر فقط، بل بالدعم والمرافعة الصادقة لحقوقهم المهدورة.
كل طلقة يطلقونها في وجه المعتدين، كل ليلة يسهرونها على خطوط التماس، كل نفس يتنفسونه في الخطر، هو عهدٌ جديد بيننا وبين الوطن: أن الجنوب لا يُحمى إلا بأبنائه الأوفياء.
في يوم العيد… علمونا معنى الصمود:
يا جنود الجنوب، وأنتم هناك على الثغور، علمتمونا أن الوطنية لا تُقاس بالمناصب، ولا تُوزن برواتب، بل تُصاغ بالدم والعرق والتضحية.
في هذا العيد، وبينما يهنأ البعض في بيوتهم، تذكروا أن هناك من يرابط لا ليحصل على وسام، بل ليحمي الوطن، واسم الوطن، وتاريخ الوطن.
اللهم انصرهم وسدد رميهم، واحفظهم من كل سوء، واجعل العيد القادم لهم بين أحبّتهم… على أرض جنوبٍ حرٍ مستقلٍ، بلا احتلال ولا تبعية.
كل عام وأنتم صامدون… كل عام وأنتم سلاحنا الحيّ في وجه الظلم والعدوان.