كنز في بحيرة ناصر .. التماسيح تتحول إلى ثروة بـ 1.2 مليار دولار تحت أقدام المصريين

روكب اليوم

من مصدر خطر إلى فرصة ذهبية .. في الوقت الذي بدأت فيه مصر تنفيذ أحد أكبر مشاريع الطاقة الشمسية العائمة في العالم فوق سطح بحيرة ناصر، تكشف الأرقام والوقائع عن كنز اقتصادي غير مستغل بعد، يتمثل في التمساح النيلي، الذي لطالما اعتُبر تهديدًا للثروة السمكية، لكنه قد يكون اليوم مفتاحًا لثروة قومية كامنة تتجاوز قيمتها 1.2 مليار دولار.

التحول الجذري في النظرة نحو التماسيح، لم يأتِ من فراغ، بل نتج عن خطة تنموية مدروسة بدأت الدولة المصرية بتطبيقها في إطار مشروع الطاقة المتجددة، حيث يُعاد الآن توظيف عناصر البيئة المحلية بشكل يحقق توازنًا بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

الرقم المفاجئ: 300 ألف تمساح في بحيرة ناصر

تشير التقديرات الرسمية وشبه الرسمية إلى وجود نحو 300 ألف تمساح في بحيرة ناصر، وهو رقم يفوق بكثير القدرة البيئية والاقتصادية للبحيرة. وقد أدت هذه الكثافة في أعداد التماسيح إلى هدر سنوي يُقدر بـ 146 ألف طن من أفضل أنواع الأسماك، نظرًا لاستهلاك كل تمساح ما بين 10 إلى 20 كجم من الأسماك يوميًا.

لكن مع ارتفاع الطلب العالمي على جلود التماسيح، التي تُستخدم في صناعة الساعات والحقائب والأحذية الفاخرة، تحولت هذه الكائنات من عبء بيئي إلى فرصة استثمارية ضخمة، إذ يبلغ سعر الجلد الواحد نحو 4000 دولار، ما يعني أن بحيرة ناصر تُخزّن كنزًا محتملًا بقيمة:

300,000 تمساح × 4000 دولار = 1.2 مليار دولار

صناعة فاخرة بأيدٍ مصرية

صناعة المنتجات الجلدية من جلود التماسيح تُعد من أكثر الصناعات ربحًا في العالم، وتُستخدم في أشهر الماركات العالمية، من “هيرمس” إلى “لويس فويتون”. وبالنظر إلى الجودة الفائقة لجلود التماسيح في بحيرة ناصر، فإن مصر تمتلك فرصة نادرة لإنشاء صناعة جلدية فاخرة يمكنها اختراق الأسواق الأوروبية والآسيوية.

وقد بدأت مصر فعليًا في هذا المسار، من خلال خطة رئاسية تتضمن إنشاء مزرعة تماسيح نموذجية، تُدار بأساليب علمية، لضمان الحفاظ على التوازن البيئي، وإنتاج جلود عالية الجودة تُخصص للتصدير أو للصناعات المحلية الراقية.

الرئيس السيسي يفتح الباب لاستثمار الثروة البيئية

خلال زيارته الأخيرة لأسوان، وجّه الرئيس عبد الفتاح السيسي بتسريع تنفيذ مشاريع تنمية بحيرة ناصر، مؤكدًا على أهمية الاستفادة الاقتصادية من التماسيح، عبر إنشاء مزارع رسمية، وتنظيم عمليات الصيد، وتأسيس مصانع لمعالجة الجلود وتحويلها إلى منتجات قابلة للتصدير.

ويمثل هذا التوجه تحولًا في السياسة البيئية المصرية، حيث لم تعد الحيوانات البرية مجرد عناصر بيئية يُكتفى بحمايتها، بل أصبحت شريكًا اقتصاديًا في التنمية المستدامة.

السياحة البيئية: مكسب إضافي من التماسيح

إلى جانب العائد الاقتصادي المباشر من بيع الجلود، تقدم التماسيح أيضًا فرصة لتعزيز السياحة البيئية في مصر. إذ تدرس الحكومة إنشاء حدائق تماسيح آمنة في مناطق مثل الأقصر وأبو سمبل، لجذب الزوار المحليين والأجانب، في تجربة بيئية فريدة تربط بين السياحة والطبيعة والثقافة.

فرصة عمل ضخمة للشباب

إنشاء مزارع التماسيح ومعالجة الجلود وتصديرها يعني توفير آلاف فرص العمل في صعيد مصر، خاصة في مجالات مثل:

  • تربية التماسيح وإدارة المزارع

  • دباغة الجلود وتصنيع المنتجات

  • التسويق والتصدير

  • السياحة البيئية والخدمات المرافقة

وهذه المجالات لا تتطلب استثمارات ضخمة كبداية، بل يمكن دعمها عبر حاضنات الأعمال المحلية والمبادرات الشبابية بدعم من الدولة.

من البحيرة إلى العالم: علامة تجارية مصرية ممكنة

يمكن لمصر خلال سنوات قليلة فقط أن تُطلق علامة تجارية وطنية لمنتجات جلد التماسيح، تكون رديفًا لـ”القطن المصري”، في الأسواق العالمية، بشرط الالتزام بالمعايير البيئية، واتباع قواعد صارمة في الصيد والمعالجة والتصدير.

التكامل مع مشروع الطاقة الشمسية

اللافت أن مشروع محطة الطاقة الشمسية العائمة فوق بحيرة ناصر لا يتعارض مع خطط استثمار التماسيح، بل يُكملها. فتغطية أجزاء من سطح البحيرة بالألواح الشمسية سيقلل من ارتفاع حرارة المياه، ما يسهم في تحسين الظروف البيئية للحياة المائية، بما فيها التماسيح والأسماك.

كما ستُخصص المناطق غير المغطاة بالمشروع لإنشاء المزارع الجديدة، في توزيع ذكي للموارد والمساحات.

التمساح.. من خصم إلى كنز قومي

لقد تحوّل التمساح الذي كان يُنظر إليه كخطر يهدد التوازن البيئي في بحيرة ناصر إلى رمز للفرص الاقتصادية، بل وإلى أحد أعمدة التنمية المستدامة في الجنوب المصري. ومع الإرادة السياسية والدعم المؤسسي، يمكن لمصر أن تجعل من هذه الزواحف مصدرًا لمليارات الدولارات، وفرص العمل، والتنمية المحلية.

بحيرة ناصر لم تعد فقط مستودعًا للمياه أو مشروعًا للطاقة الشمسية، بل أصبحت نموذجًا حيًا للاستثمار الذكي في الطبيعة.

بحيرة ناصر، التماسيح في مصر، جلود التماسيح، صناعة الجلود الفاخرة، مشروع الطاقة الشمسية في بحيرة ناصر، مزارع التماسيح في مصر، السياحة البيئية في أسوان، عبد الفتاح السيسي، التنمية المستدامة في مصر، الطاقة المتجددة، الثروة البيئية في مصر، كنوز بحيرة ناصر، مشروع مصدر، الطاقة النظيفة، إنتاج الأسماك، صناعة الجلود في مصر، الاستثمار في بحيرة ناصر، التمساح النيلي، فرص العمل في الصعيد


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com
Enable Notifications OK No thanks