
يهيمن المجلس الانتقالي الجنوبي على عدن والكثير من لحج وأبين بدعم إماراتي. بينما تظل الوحدات الموالية لحزب الإصلاح متحصنة في مأرب وأجزاء من تعز تحت رعاية سعودية. أما ألوية طارق صالح الساحلية، فتسيطر على مواقع البحر الأحمر كقوة مستقلة مرتبطة بأبوظبي. التنسيق بين هذه الكتل ضئيل، ما يترك فجوات مفتوحة يستغلها تنظيم القاعدة في جزيرة العرب بتكلفة محدودة.
لقد ترسخ نمط التقسيم الفعلي للبلاد، وأصبح أشبه بتوازن مُدار. يحكم الحوثيون الشمال كسلطة منضبطة، ويسيطرون على الإيرادات والجمارك والتجارة عبر الحدود. وفي المقابل، نجح المجلس الانتقالي الجنوبي في بناء أجهزة إدارية وأمنية فاعلة في جميع أنحاء الجنوب. وفي خضم هذا الواقع، تحول مجلس القيادة الرئاسي إلى واجهة تُبقي عليها السعودية للحفاظ على الشرعية الدولية.
- تحول الاستراتيجيات الإقليمية والدولية
بالنسبة لواشنطن ولندن، لا يزال اليمن مسرحاً لانخراط محدود. وتتواصل العمليات الأمريكية والبريطانية ضد البنية التحتية لإطلاق الصواريخ التابعة للحوثيين والمرتبطة باضطرابات الملاحة في البحر الأحمر، ولكن دون تفويض أوسع لتغيير الحقائق السياسية. وقد استأنفت الوكالات الإنسانية الوصول الجزئي إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، لكن إعادة الإعمار لا تزال رهينة للخريطة السياسية المجمدة.
- اليمن.. توازن مُدار بين مراكز قوى ذاتية
إن وقف إطلاق النار في غزة من شأنه أن يغير الحسابات في اليمن، عبر تحرير النطاق الدبلوماسي والعسكري للجهات الفاعلة التي كانت توازن بين الساحتين: المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وإيران، والولايات المتحدة.
- تداعيات الهدنة على اللاعبين الرئيسيين
بالنسبة لإيران: تزيل الهدنة في غزة المبرر الأساسي للحفاظ على تصعيد الوكلاء. وقد تشجع طهران الحوثيين على إعادة معايرة العمليات البحرية والصاروخية مقابل تنازلات اقتصادية. ويتناسب هذا مع نمط إيران في استخدام اليمن كورقة ضغط في مفاوضات أوسع، وليس كغاية بحد ذاتها.
بالنسبة لواشنطن ولندن: توفر جبهة غزة الهادئة مساحة لإعادة تقييم تكلفة واستدامة مهامهما في البحر الأحمر. وقد تتجهان نحو وضع أكثر اعتمادًا على الاستخبارات، والاعتماد على الشركاء الإقليميين بدلًا من الضربات المباشرة على أصول الحوثيين، شريطة أن ينخفض نشاط الصواريخ والطائرات المسيرة.
سيعتمد تأثير الهدنة داخل اليمن على ما إذا كانت هذه الجهات الفاعلة الخارجية ستستغل الهدنة الدبلوماسية لترسيخ التسوية المجزأة أو ستكتفي بتجميدها في مكانها. فإذا تحولت الرياض وطهران إلى وضع خفض التصعيد، سيكسب الحوثيون متنفسًا لمأسسة السيطرة في الشمال، بينما يعزز المجلس الانتقالي الجنوبي الوصول الإداري في الجنوب. عندها، يمكن لليمن أن يدخل مرحلة جديدة من المنافسة منخفضة الحدة بمجرد أن يستقر الوضع.
