روكب اليوم
تناولت الحلقة التاسعة من برنامج “الشريعة والحياة في رمضان” مفهوم فقه الميزان وضوابطه والمنهج الحق في إقامة العدل بين الناس حتى لا تختل الموازين.
واستضافت الحلقة رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الدكتور علي محيي الدين القره داغي، الذي شدد على أهمية الموضوع، باعتبار أن الله عز وجل أنزله مع القرآن الكريم وعبّر عنه في سورتين: في سورة الشورى وفي سورة الحديد.
ويقول الله عز وجل في سورة الحديد: “لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط”.
ويؤكد الدكتور القره داغي أن الله سبحانه وتعالى كرر كلمة “الميزان والموازين” أكثر من 20 مرة، ويقول إن الموازين كانت في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم وعصر الخلفاء الراشدين قائمة في التصورات وفي التصرفات.
ويشير إلى أن الموازين اختلت عند الأمة الإسلامية، ويعطي مثالا بالخوارج الذين -وفق قوله- نظروا إلى ميزان واحد، وهو الآيات التي تتحدث عن القتال وعن الشدة والحكم لله سبحانه وتعالى، ولم ينتبهوا إلى الميزان الآخر المتعلق بالصلح والسلم الاجتماعي، وهي فكرة انتقلت إلى الجماعات المتطرفة.
ويرجع الدكتور القره داغي الاختلال الذي يقع فيه بعض الأفراد مثل الاهتمام بالسنن على حساب الفرائض، إلى عدم فهمهم للدين فهما صحيحا، حيث اختلت موازينهم في معرفة الحياة ومقاصد الله سبحانه وتعالى من خلق الإنسان.
وعن الجوانب التطبيقية لفقه الميزان، يشدد الدكتور على ضرورة أن يعتمد الفرد في إقامة الميزان على الوحي كأساس وعلى العقل في تمشيط الأمور، وأن يقيم الميزان في عباداته، بحيث يصلي صلاة حقيقية تتوفر فيها الشروط الظاهرية والباطنية.
كما أن على الفرد أن يقيم الميزان في علاقته مع نفسه، في مسألة الروح والجسد، بحيث لا يجوز تغليب جانب على آخر.
ويقول ضيف برنامج “الشريعة والحياة في رمضان” إن الرسول صلى الله عليه وسلم نجح في إقامة التوازن بين الظاهر والباطن، وبين العقل والروح، وبين الداخل والخارج، بشهادة الله عز وجل. كما أقام عليه أفضل الصلاة والسلام التوازن في علاقته مع أسرته.
ويلفت الدكتور القره داغي إلى أن الخلل الذي حصل في الأمة يعود إلى عدم مراعاة الوحي والعقل.
وعن خلل الحكومات المسلمة في إقامة الميزان، يقول إن الرواد الأوائل والمفكرين في أوروبا توصلوا إلى أنه لا يمكن إصلاح المجتمع الأوروبي إلا بـ3 أمور: إصلاح النظام السياسي وإصلاح النظام التعليمي وإصلاح النظام الديني.
ويشدد رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين على أن “المسلمين بحاجة إلى إصلاح النظام الاجتهادي، بحيث نطور الأمة من خلال الاجتهادات الصحيحة، ولا نشغلها بالقضايا الجزئية وبالتكفير والتفسيق وما أشبه ذلك”.