ليس دما.. ما طبيعة السائل الأحمر في قطع اللحم قليلة النضج؟ | أسلوب حياة


روكب اليوم

|

تختلف أذواقنا فيما يتعلق بتناول اللحوم، ففي حين تبدو شريحة اللحم “ستيك” شبه النيئة أو متوسطة النضج شهية للبعض، ينفر آخرون من تناولها ولا يستطيعون تحملها بسبب لونها الوردي من الداخل وما يتجمع حولها من عصارة أو سائل أحمر، يبدو للوهلة الأولى دما.

وبخلاف الاعتقاد الشائع، فإن هذا السائل ليس دما كما يبدو أو كما نظن، ويؤكد الشيف ومنشئ المحتوى، جوشوا فايسمان في فيديو نشره مؤخرا على قناته على يوتيوب أن هذا الاعتقاد يعد أحد أكثر المفاهيم الخاطئة شيوعا في عالم تناول اللحوم.

ولكن.. ما طبيعة هذا السائل؟ ولماذا قد يكون مفيدا لك؟

وفق وزارة الزراعة الأميركية فإنه أثناء عملية الذبح يتم تصريف أو تصفية كل الدم تقريبا، ولهذا فإن السائل الأحمر الذي تلاحظه غالبا في شريحة اللحم غير المطهوة جيدا ليس دما على الإطلاق، بل هو مزيج من الماء الذي يُشكل حوالي 75% من اللحم وبروتين في الأنسجة العضلية يسمى “الميوغلوبين”.

وعند تحضير اللحم، تُسبب الحرارة تحلل هذا البروتين عالي الصبغة فيمتزج مع الماء في شريحة اللحم، ويخرج سائل أحمر يشبه الدم يطلق عليه خبراء الطهي “عصارة اللحم” وهي ما تمنح شريحة اللحم نكهتها المميزة، لذلك إذا كانت عدم رغبتك في تناول شريحة لحم شبه نيئة هو الدم، فلا تقلق.

أهمية الميوغلوبين

 يساعد الميوغلوبين خلايا العضلات على تخزين الأكسجين كما يفعل الهيموغلوبين في الدم، ومثل الهيموغلوبين، يتحول الحديد الموجود في الميوغلوبين إلى اللون الأحمر عند تعرضه للأكسجين، مما يجعله يبدو مثل الدم ويعطي اللحوم النيئة لونها الأحمر الزاهي.

كذلك يلعب الميوغلوبين دورا أساسيا في التمييز بين اللحوم الحمراء والبيضاء، ولهذا فإن معظم الثدييات التي تحتوي على مستويات عالية من الميوغلوبين في أنسجتها تعتبر لحوما حمراء مثل لحم البقر والضأن، بينما تعرف اللحوم التي تأتي من حيوانات ذات مستويات منخفضة من الميوغلوبين باسم “اللحوم البيضاء”، كما في الدواجن والمأكولات البحرية.

السائل الأحمر الذي يتجمع في طبقك عند تقطيع شريحة اللحم نصف المطهوة ليس دما (شترستوك)

كيف يؤثر الميوغلوبين على لون اللحوم؟

يتحكم الميوغلوبين في تحديد لون اللحم باختلاف درجات نضجه، إذ بمجرد وضع شريحة اللحم الطازجة على النار، تبدأ الحرارة في تغيير التركيب الكيميائي للميوغلوبين.

فمثلا: في شرائح اللحم شبه النيئة، يُطهى الجزء الداخلي من اللحم على درجة حرارة منخفضة نسبيا ولا يحدث تفاعل واضح بين الميوغلوبين والحرارة وبالتالي يحافظ على لونه الأحمر، ونتيجة لذلك، تبدو شريحة اللحم المطبوخة وردية أو حمراء وتحتفظ برطوبتها وتخرج السوائل بسهولة عند تقطيعها، ولكن مع ارتفاع درجة حرارة شريحة اللحم عند النضج المتوسط، يتحول الميوغلوبين إلى ميتميوغلوبين، وهي مادة تعطي لونا بنيا، وبحلول الوقت الذي يكتمل فيه نضج شريحة اللحم، يتحول الميتميوغلوبين والميوغلوبين إلى هيميكروم، وهذا يجعل اللحم يبدو بلون بني مائل إلى الرمادي.

ووفق ما نشره موقع “ستيك سكول”، فإن التغيرات الكيميائية التي تطرأ على الميوغلوبين تساعد كذلك في الحكم على جودة اللحوم ونضارتها في المتجر، إذ يتغير لون اللحوم عندما تترك في الثلاجة لعدة أيام وتتحول إلى اللون الرمادي البني عندما يتسرب منها الميوغلوبين لأي سبب (التأكسد البني)، ولهذا السبب، يُعالج بعض مصنعي اللحوم شرائح اللحم النيئة بأول أكسيد الكربون لحبس الميوغلوبين في اللحوم والحفاظ على مظهرها بلون أحمر وردي؛ وهذا يزيد من إقبال المستهلك على شرائها، كذلك يتم إضافة أكسيد النيتريك إلى اللحوم المعالجة مثل النقانق للحفاظ على لونها الوردي.

مع زيادة طهي شريحة اللحم يخضع الميوغلوبين لمزيد من التغييرات وتتحول إلى اللون البني (بيكسابي)

لماذا يفضل الطهاة شرائح اللحم متوسطة النضج بعصارتها الحمراء؟

يستهلك البشر حوالي 350 مليون طن من اللحوم سنويا، ونسبة كبيرة منها من شرائح اللحم، ووفق ما تنصح به وزارة الزراعة والغذاء الأميركية، فإن طهو اللحوم في درجة حرارة 145 درجة فهرنهايت أو ما يعادل 62.8 درجة مئوية يسمح بقتل البكتيريا المُسببة للأمراض المنقولة بالغذاء ويقضي على مسببات أي أمراض محتملة.

كما توفر اللحوم نصف المطهوة بعض المميزات ومنها:

تحتفظ بنكهاتها الطبيعية وطراوتها، بعكس شرائح اللحم مكتملة النضج والتي تتبخر نكهاتها الطبيعية وينكمش الكولاجين بداخلها مما يجعلها بروتينا جافا ولا يتبقى منها سوى قطعة لحم بنية مطاطية.

تحتفظ بعناصرها الغذائية مثل البروتين والحديد وفيتامين “ب 12” وكذلك الزنك والسيلينيوم والنياسين، بالإضافة إلى الدهون الصحية الموجودة في لحوم الأبقار التي تتغذى على العشب.

ومن الناحية الصحية، قد يكون من الأفضل تناول شريحة لحم مطهوة بشكل أقل، إذ تُقلل اللحوم غير المطهوة جيدا من إنتاج المواد المسرطنة، وقد أظهرت الدراسات أن الإفراط في تناول اللحوم المطهوة جيدا على درجات حرارة عالية قد يزيد من خطر الإصابة بأنواع معينة من السرطان، ومنها دراسة نشرتها مجلة المعهد القومي للسرطان عام 1998 توصلت إلى أن طهو اللحوم على درجات حرارة عالية قد يُنتج مركبات مسرطنة تزيد من خطر الإصابة بالسرطان، وبحسب الدراسة فإن النساء اللواتي تناولن اللحوم المطهوة جيدا باستمرار كن أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي بحوالي 5 مرات مقارنة بالنساء اللواتي تناولن اللحوم المطهوة قليلا أو متوسطة النضج، ووفقا لعيادة كليفلاند، فإن تناول اللحوم المطهوة جيدا قد يزيد من خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم.

والآن بعد أن تأكدت أن السائل الأحمر الذي يتجمع في طبقك عند تقطيع شريحة اللحم نصف المطهوة ليس دما، هل ما زلت تشعر بالانزعاج والقلق؟ إذا كان الأمر كذلك، يقترح عليك موقع “ويلز أون لاين”، ترك شريحة اللحم ترتاح لمدة 5 إلى 7 دقائق بعد طهوها، إذ يسمح ذلك بإعادة توزيع العصارة وامتصاصها داخل أنسجة اللحم مرة أخرى وبالتالي لا يبدو طبقك كأنه مليء بالدم.

ويمكنك أيضا توزيع عصارة شريحة اللحم على الأطباق الجانبية الأخرى مثل الخضروات المشوية أو تقليبها مع الأرز أو الحبوب للحصول على نكهة إضافية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com
Enable Notifications OK No thanks