
وتشهد المكلا خلال فعاليات “نجم البلدة ” ازدحاما على شواطئها في الساعات الأولى من كل يوم و كثافة سكانية كبيرة تكتظ بها فنادق ومنازل المواطنين، وقيلت الحكم والأشعار والأمثال حول هذا النجم منها: “غسل البلدة ترجع العجوز ولدة”.
ونجم البلدة كما يطلق عليه أهل حضرموت أو منزلة البلدة كما يصف شكلها الفلكي (القزويني) “هي بقعة شاسعة من السماء تخلو من النجوم، ويبرد فيها البحر، ويعتدل المناخ، ويبلغ قطرها 13 درجة تقريبا»، وهي ظاهرة بحرية فريدة يغتنمها السكان للاغتسال في مياه البحر الباردة، لما لها من فوائد صحية وعلاجية كثيرة وثبت للأجداد علاجها للأمراض الجلدية.
تبدأ من يوم 15 يوليو من كل سنة حتى أوائل سبتمبر، ويتميز نجم البلدة عن غيره من النجوم الفلكية عند المناطق الساحلية في محافظة حضرموت بوصول البحر في أشد درجات البرودة تدفع الناس للخروج للاغتسال في البحر البارد، للانتعاش والمتعة، وللفائدة الصحية، حيث يتداول أهل ساحل حضرموت المثل الشعبي (غسله في البحر في نجم البلدة، تغنيك عن حجامة سنة).
وتشير معلومات طبية إن برودة البحر مفيدة للمفاصل ولألاّم العظام عند كبار السن والروماتيزم، وغيرها من الفوائد الصحية.
يشهد البحر حالة هيجان كبيرة يصعب فيها على قوارب الصيد الصغيرة الخوض في البحر، مما تدفع الكثير للتوقف عن أعمال الصيد التي تعد مصدر الرزق الأول لأهالي الساحل الحضرمي.
فظهرت عادة متوارثة معروفة عند أهل الساحل تسمى “الخيصة ” يتم فيها جمع الأموال وغيرها من الأمور العينية لدى مقدم الحارة أو شيخ الصيادين، ليتم بها معاونة صغار الصيادين الذين لا يستطيعون الإبحار في موسم البلدة السنوي.
وقديمًا كان الناس يربطون البلدة بموسم جني السمسم وثمار النخيل (التمر)، وبداية ظهور الرمان، وكثرة الليمون الحامض والتفاح المحلي والعنب والجوافة ورخص البيض واختفاء وغلاء الأسماك ومنها نوع يطلق عليه “الثمد”، وظهور أنواع أخرى تعارف الناس على تسميتها مثل البوغة والعِيد، بسبب اضطرابات وحركة البحر في هذا الموسم.
- فرص عمل في البلدة
الصحفي سند بايعشوت تساءل: ماذا لو استغل شباب المدارس والجامعيين في إجازتهم الصيفية موسم نجم البلدة كمهرجان صيفي ببيع بعض المشغولات من الحرف اليدوية المرتبطة بالبحر، مثل القبعات المصنوعة من الخوص، والزنابيل والمراوح والسلق والتفالات والقفف بمختلف أشكالها وأنواعها، وكلها مرتبطة بحفظ الخبز أو أخذ الأسماك الطازجة كمنتجات صديقة للبيئة، إضافة إلى بيع المتعلقات البحرية من أدوات البحر كالسباحات، وطوق النجاة وأحذية البحر والملابس البحرية.
وأضاف: “لنكسر حاجز الحياء لدى الشباب باستغلال موسم البلدة في خلق فرص عمل يدر بالدخل لانطلاقة أخرى لكل شاب وشابة في دخول سوق العمل”.
وخلال الأعوام الأخيرة تنظم خلال موسم البلدة مهرجانات شعبية وسياحية ساعدت في جذب الكثير من المغتربين من خارج الوطن والمحافظات المجاورة للاستمتاع بأجواء البلدة بالمكلا.
ودشّن الأمين العام للمجلس المحلي بحضرموت صالح العمقي، اليوم بالمكلا، رسميًا فعاليات وأنشطة موسم نجم البلدة السياحي للعام 2025م، في أجواء احتفالية شهدت حضورًا جماهيريًا من أبناء المحافظة وزوارها القادمين من مختلف المحافظات ومن الخارج.
واحتضن شاطئ الستين بالمكلا، تدشين برنامج الفعاليات لموسم هذا العام، بحضور قيادة السلطة المحلية ومدراء عموم المكاتب التنفيذية، حيث أطلق أمين عام محلي المحافظة عددًا من الحمام الزاجل إعلانًا بتدشين المهرجان.
وطاف الأمين العام متفقدًا عددًا من الفقرات والأنشطة الثقافية والتراثية المتنوعة، التي تقام على ساحل الستين، منها معرض الأسر المنتجة والصناعات التقليدية والأكلات الشعبية، والمنافسات الرياضية، والفرقة التراثية، ومسابقات لعبة مصارعة الذراعين، وسط انتشار لقوات خفر السواحل على امتداد الشريط الساحلي لمدينة المكلا لتأمين المواطنين ومرتادي البحر.
عقب ذلك، دشّن الأمين العام ضمن برنامج المهرجان، الفعاليات التي يقيمها الهلال الأحمر الإماراتي بهذه المناسبة تحت رعاية السلطة المحلية مساهمةً في رسم الفرح ومشاركة أبناء حضرموت أفراحهم بالمهرجان، حيث تم عند تدشين فعاليات القرية التراثية وخيم المأكولات الشعبية، والأسر المنتجة، ومسرح الطفل والعائلة، التي ستقام متزامنة بساحل الستين بالمكلا، وسواحل مدينة شحير.
وأشار العمقي إلى أن مشاركة الجهات الراعية من القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني هذا العام في تنظيم العديد من الفعاليات المصاحبة لموسم نجم البلدة شكلت نقلة إيجابية، تعكس التكامل المجتمعي في دعم القطاع السياحي وإحياء الفعاليات الثقافية والتراثية التي تعزز الهوية الحضرمية.
وأوضح أمين عام محلي حضرموت أن موسم نجم البلدة لا يقتصر على كونه مناسبة ترفيهية فقط، بل يمثل فرصة اقتصادية وسياحية كبيرة، حيث تشهد الفنادق ومرافق الإيواء إقبالًا واسعًا من الزوار القادمين من داخل البلاد وخارجها، وتنشيط الحركة التجارية والأسواق المحلية، كما تشكل الفعاليات المصاحبة للمهرجان منصة مهمة للأسر المنتجة لعرض مشاريعهم ومنتجاتهم عبر المعارض المرافقة، ما يعزز من دورهم في تنمية المجتمع المحلي، معتبرًا أن استمرار إحياء موسم نجم البلدة يعزز من الحراك الثقافي والسياحي بالمحافظة، ويشكل رافدًا مهمًا للاقتصاد المحلي، وفرصة لتقديم حضرموت كوجهة سياحية وثقافية آمنة وغنية بالتقاليد والموروثات الأصيلة.
ويشمل برنامج المهرجان لهذا العام، تنظيم فعاليات مختلفة منها تنظيم المهرجان العائلي والرقصات الشعبية، ومهرجانات فنية غنائية بمشاركة فنانين من داخل حضرموت وخارجها، وسينما البلدة للعروض السينمائية، ومعرض نكهات، وفعاليات بحرية وندوات ثقافية، وحفل مشروع كورال أطفال حضرموت، وبطولة دوري كأس البلدة لكرة القدم، وماراثون رياضي، وبطولة للسباحة.
ويأتي تدشين فعاليات مهرجان موسم نجم البلدة بمدينة المكلا، متزامنًا مع فعاليات أخرى تشهدها مديريات ساحل حضرموت، ودعت اللجنة المنظمة للمهرجان، المواطنين لحضور هذا الحدث السياحي التراثي السنوي الذي يعكس الموروث الثقافي الحضرمي ويُسهم في تنشيط الحركة السياحية والاقتصادية في المحافظة.