نموذج الحوكمة المبتكر في السعودية يعزز خدمة الشعب ويدعم الاقتصاد : روكب اليوم الاقتصادية


روكب اليوم
2025-10-23 13:49:00

1682002

تعمل السعودية على بناء مستقبل يقوم على التكنولوجيا والابتكار والكوادر المؤهلة، معلنة بذلك توجهها نحو حقبة جديدة تتضافر فيها عوامل تنويع الموارد الاقتصادية والتحول الرقمي والاستدامة، ولا تقتصر هذه الخطوة على إعادة ترتيب أولويات اقتصاد المملكة فحسب، بل تشمل أيضاً تقديم نموذج جديد للحوكمة، يبرز الطريقة التي يمكن للدولة من خلالها خدمة المجتمع وفي الوقت نفسه تعزيز مشاعر الاعتزاز والفخر بالتحولات التي يشهدها الوطن.  

وفي إطار تطلعنا إلى المستقبل، نرصد الاتجاهات الكبرى السائدة في الوقت الراهن، ومنها حالة الغموض الجيوسياسي والتغيرات في قطاع التجارة والتطورات الثورية في مجال الذكاء الاصطناعي والمخاطر الملموسة لتغير المناخ وأثر هذه الاتجاهات على أسلوب معيشتنا وحياتنا العملية.


googletag.cmd.push(function() { googletag.display(‘div-gpt-ad-1738926244764-0’); });

وفي هذا الإطار، يكشف أحدث تقرير صادر عن بي دبليو سي بعنوان “القيمة المتغيرة: حان الوقت ليتولى الشرق الأوسط القيادة”، عن تضافر هذه القوى لإحداث التحول في مجموعة من القطاعات التقليدية “نطاقات النمو” التي تعيد توفيق أوضاعها لتخدم الاحتياجات الإنسانية الأساسية المتمثلة بأساليب العمل والتنقل التي نعتمدها، وطرق البناء، وموارد الطاقة التي نستخدمها، إضافةً إلى أساليب الرعاية بأنفسنا مدعومة بمجموعة من المجالات التمكينية التي تتمثل بأساليب التواصل والحوسبة والتمويل والتأمين، والأهم من ذلك، كيفية تطبيقنا للحوكمة وتقديم الخدمات.

بينما تُغيّر هذه التحولات الكبرى احتياجات الإنسان، تعمل الشركات والحكومات معاً بطرق جديدة لتحسين حياة الناس.


googletag.cmd.push(function() { googletag.display(‘div-gpt-ad-1739447063276-0’); });

وفي هذا السياق، أسهمت السياسات الاستشرافية التي تبنتها القيادات بالمملكة في تمكين الشركات من تجاوز أدوارها التقليدية لتشكيل التحالفات والانتقال إلى مجالات جديدة تستجيب لاحتياجات الإنسان.

وتذخر المملكة بالأمثلة التي تبرز دور الشركات الرائدة بتحويل أعمالها الأساسية، بدءاً من الطاقة والمرافق إلى الاتصالات، لتصبح روّاداً في مجالات التنقل النظيف، والطاقة المتجددة، والبنية التحتية الرقمية، والتكنولوجيا المتطورة.

الحوكمة ركيزة التحول

من الضروري إدراك أن طريقة “الحوكمة والخدمة” التي يتّبعها القادة أصبحت ركيزة التحول في المملكة، إذ بدأ إدخال الذكاء الاصطناعي في سوق العمل لرفع معدلات الإنتاجية في ظل سعي البلاد إلى تسريع عجلة التحول إلى الطاقة النظيفة من خلال استثمارات قياسية في مجال الطاقة المتجددة والهيدروجين. كما تُسهم شبكات إنترنت الأشياء للمدن الذكية في فتح فرص جديدة في النقل والخدمات اللوجستية.

نجد أيضاً أن الشراكات في قطاع الرعاية الصحية تستخدم الذكاء الاصطناعي في عمليات في حين أن الاستثمار في التعليم وتنمية المهارات يُؤهّل المواطنين لقيادة وظائف المستقبل.  

وتبين أبحاث بي دبليو سي أنه بحلول عام 2035 سيسهم مجال الحوكمة والخدمة في الشرق الأوسط بقيمة 0,62 تريليون دولار أميركي في إجمالي القيمة المضافة في المنطقة، ما يجعله محركاً أساسياً للنمو عبر مختلف القطاعات وركيزةً لمستقبل المنطقة.

خلال العقد المقبل، ستتجاوز الحكومات حول العالم دورها الإداري لتصبح ممكّناً فعّالاً للابتكار، وتعزز التعاون بين القطاعات، وتدفع نحو نماذج جديدة لخلق القيم، متقدمةً من مجرد وضع السياسات والحوكمة إلى تنفيذ رؤى استراتيجية للمستقبل، وهذا ما نشهده اليوم في المملكة العربية السعودية.

دور القيادة في تحفيز الابتكار

تعمل قيادتنا على رسم ملامح الأسواق وحشد الشراكات وتحفيز الابتكار من خلال دعمها المتزايد لتبني نموذج حوكمة قائم على الثقة يدفع التحوّل داخل الوطن ويُعزّز التأثير خارجه، هذه الإنجازات الطموحة هي دليل على فخرنا الوطني.

وفي هذا السياق، جاءت محركات الإصلاح مثل برنامج التحول الوطني لتسهم في إقرار المساءلة والمحاسبة وجعلها جزءاً لا يتجزأ من نظام عمل مختلف الوزارات، ما أسهم في تحقيق كفاءة أعلى في القطاع العام.

ولهذه البرامج تأثير تراكمي لا يقتصر على تحسين نظام الحوكمة فحسب، بل يمتد أيضاً إلى تحسين قدرة الحكومة على قيادة عملية التحول الاقتصادي والاجتماعي.

ورجحت أبحاث بي دبليو إلى أن الشرق الأوسط سيشهد طفرة في الإنتاجية مدفوعة بالذكاء الاصطناعي، تُضيف ما يعادل 8.3 نقطة مئوية إضافية من النمو بين عامي 2023 و2035، وتمتلك المملكة فرصاً أكبر في الاستفادة من الذكاء الاصطناعي حيث يمكن أن تسهم هذه التقنية بنسبة 12% في إجمالي الناتج المحلي للمملكة بحلول عام 2030 .

وفي المملكة العربية السعودية، كانت هيئة الحكومة الرقمية في طليعة الجهات التي استخدمت الذكاء للتنبؤ بالطلب، تقليل أوقات الانتظار، وتحسين تقديم الخدمات.

في الوقت الذي يتزايد فيه تبني الذكاء الاصطناعي في نظم الرعاية الصحية، إذ يستخدم في التشخيص المبكر والرعاية الاستباقية، بينما تستخدم البلديات الذكاء لتحسين انسيابية حركة المرور وتخطيط المدن.

ولا تمثل هذه الاستخدامات تجارب منفصلة، بل هي جزء من استراتيجية وطنية مدروسة تهدف دمج الذكاء الاصطناعي في منظومة العمل الحكومي.  

هل يمكن أن يعوض الذكاء الاصطناعي المخاطر المناخية؟

من المرجح أن يسهم التغير المناخي في تفاقم شح المياه مستقبلاً في المملكة العربية السعودية التي تعد واحدة من أكثر البلدان التي تعاني من ندرة المياه. ولهذا، يعمل قادتنا اليوم على تسخير قدرات الذكاء الاصطناعي من أجل الحد من المخاطر المناخية وتعزيز القدرة على التكيف مع التحديات البيئية.

وتساعد النماذج المتطورة عالية الدقة على التنبؤ بالمناخ وحركة الرياح في دمج مصادر الطاقة المتجددة في شبكة الطاقة بدقة أعلى، وفي إدارة المياه يستخدم الذكاء الاصطناعي في رفع قدرة محطات التحلية وخفض استهلاك الطاقة والتنبؤ باحتياجات الصيانة، وفي قطاع الزراعة يساعد الذكاء الاصطناعي على تحسين أساليب الري ومراقبة جودة التربة ورفع إنتاجية المحاصيل ما يعزز الأمن الغذائي في منطقة لطالما واجهت تحديات ندرة المياه.

وتتمتع المملكة بواحد من أعلى معدلات سطوع الشمس في العالم، ما يمنحها مكانة فريدة في تحول الطاقة العالمي.

وتنتج المملكة حالياً أرخص طاقة شمسية في العالم، إذ اغتنمت الحكومة هذه الميزة وحوَّلتها إلى سياسة.

والتزمت المملكة بضخ 235 مليار في توليد الطاقة النظيفة مستهدفة توفير ثلثي الكهرباء المولدة للاستخدام السكني باستخدام الطاقة النظيفة بحلول 2030 .

كما رصدت المملكة 187 مليار دولار أميركي للعمل المناخي خلال السنوات العشر القادمة.

وتملك المملكة الموارد الكافية لتعزيز الحلول المناخية داخلياً وتمويل التحول الأخضر في الدول الأقل حظاً من ناحية الموارد وذلك من خلال امتلاكها واحداً من أقوى وأكبر صناديق الثروة السيادية على مستوى العالم.

‎تعزيز القيمة المحلية بالنسبة للمملكة تُعَدّ القيمة المحلية استراتيجيةً للمرونة وتعزيز تقرير المصير، وتسعى المملكة إلى تحقيق مزيدٍ من الاعتماد الذاتي في مجموعة من القطاعات المحورية، مع توفير فرص العمل ودعم الابتكار، وذلك من خلال تطوير الصناعات والتقنيات والقدرات محليّاً.

ويتجلّى هذا النهج في استثمار 39 مليار دولار أميركي لتأسيس منظومة محلية لتصنيع السيارات الكهربائية، في إطار أهداف المملكة المتمثلة في تحقيق الحياد المناخي وتنويع الموارد الاقتصادية.

وتجد هذه التطورات صدى عميقاً لدى المجتمع السعودي الشاب الذي يتميز باطلاعه الواسع على العالم الرقمي والمنفتح على التواصل الدولي مع التزام راسخ بتحقيق النهضة الوطنية، وتبلغ نسبة الشباب دون سن 35 عاماً في المملكة نحو 70% من إجمالي عدد السكان.

ولا شك أن التطور الملموس الذي يشعرون به في المدن التي يعيشون فيها والمؤسسات والقطاعات التي يعملون بها يعزز من إحساسهم بالفخر والاعتزاز الانجازات الوطنية.

ومما يشعرني بأعلى درجات الفخر أن أرى قيادتنا تدعم الكوادر الوطنية، إذ تعمل المملكة حالياً على تأهيل 20 ألف خبير في مجالات الذكاء الاصطناعي والبيانات، بالإضافة إلى بناء حلول الذكاء الاصطناعي وترسيخها في ثقافتنا بما يتلاءم مع قيمنا.

ومن المتوقع أن تتماشى أدوات الذكاء الاصطناعي المطورة محلياً، سواءً كانت توليدية أو خاصة ببيئة معينة، مع قيم المملكة وواقعها.

وتعكس هذه الرؤية الطموح المزدوج المتمثل ببناء قدرات سيادية في مجال الذكاء الاصطناعي، وفي الوقت نفسه ضمان جاهزية الكفاءات السعودية لقيادة وظائف المستقبل وتحقيق الريادة فيها.

تجسيد الرؤية على أرض الواقع

إننا نتطلع إلى بناء مستقبل تواصل فيه القيادة دعم رواد الأعمال والمؤسسات الأكاديمية والقطاعات والمستثمرين، ما يؤدي إلى تهيئة المناخ لمواصلة التعاون في ما بينهم وتضييق هامش الانقسام في الأوساط الأكاديمية وخبراء القطاعات وتسريع نمو الشركات الناشئة من خلال وضع نظم تنظيمية قوية لتشجيع البحث والتطوير ودعم تنوع الكوادر وحصولها على التأهيل المناسب.  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com
Enable Notifications OK No thanks