
وبحسب ما يؤكد أكثر من خبير إسرائيلي في شؤون العلاقات الثنائية، تثبت هذه الخطوات، بادئ ذي بدء، أن الرئيس ترامب لا يولي المصلحة الإسرائيلية أيّ اهتمام. وفي نظره، الأولوية للمصلحة الأميركية ومصلحته الشخصية فقط.
وثانياً، جرت العادة أن يمرّر الرئيس الأميركي الرسائل إلى إسرائيل بشكل مباشر وحادّ أحياناً، ومن دون أيّ كوابح، ولكن ترامب اختار استعمال طريقة جديدة لتمرير رسائل غير مباشرة إلى الحليف الإسرائيلي.
\ومن ضمن ذلك أدوات غير مكتوبة، واتخاذ خطوات أو الامتناع عن اتخاذها بدلاً من التصريحات الواضحة والمباشرة. وعلى سبيل المثال، هذا ما حدث عندما تفاجأ نتنياهو بسماع خبر إطلاق الحوار الدبلوماسي بين واشنطن وطهران، ومن دون أن يعرف شيئاً عن هذا المسار الذي جرى من وراء ظهره، بالرغم من أنه أولوية قصوى بالنسبة إليه.
ولم يكن هذا سوى بداية مسار من خطوات أخرى لم تتضمن أيّ انتقادات علنية مباشرة من البيت الأبيض، لكنها كانت بمثابة إشارة جدية إلى تراجُع مكانة ما توصف بأنها علاقات خاصة أو استثنائية بين الدولتين. وفي خصوص هذه المسألة، يُشار، على وجه التحديد، إلى أن قرار ترامب عدم المرور في إسرائيل خلال جولته في الدول الخليجية يتضمن مقولة واضحة، أن هذه العلاقات الخاصة آخذة بفقدان بريقها وخصوصيّتها.
بطبيعة الحال، تتعدّد الاجتهادات بشأن كيف على إسرائيل أن تتعامل مع هذا التغيير. وما نعثر عليه توجهان رئيسيان: الأول، وجوب بحث الأسباب العميقة لهذا التغيير أمام الأميركيين وفهمها، وعدم الاكتفاء بالقول إن هذا الأمر خاضع لطبيعة الرئيس ترامب ومزاجيته.
ويدعو بعض أصحاب هذا التوجّه جهاراً إلى فحص القيود على قوة إسرائيل أمام الولايات المتحدة. ووفقاً لموقف معهد أبحاث الأمن القومي في جامعة تل أبيب، الوقت الحالي غير ملائم، ولا ترامب هو الرئيس الملائم، لإيجاد أزمة تبادر إسرائيل إليها أمامه؛ فإن أزمة كهذه يمكن أن تمنح بعض النقاط في مقابل إدارة أميركية طبيعية، لكنها مخاطرة غير محسوبة أمام إدارة مثل التي يتولاها ترامب.
التوجّه الثاني الذي تتبناه أبواق الحكومة ورئيسها، هو القائل إن آخر ما تحتاجه إسرائيل هو الاستسلام والتنازل. وحجّة هؤلاء أن إسرائيل لم تكن تعتمد على الأميركيين دائماً لضمان أمنها، وفي العقدين الأولين من وجودها، لم تكن الولايات المتحدة تقف إلى جانبها، ولم تزودها بالسلاح أو بالمساعدات الاقتصادية، ولم تدعمها دبلوماسياً.
عن “العربي الجديد”