هل سيضطر الانتقالي الجنوبي إلى إعلان «الإدارة الذاتية» من جديد؟

الناشط الخقوقي أسعد أبو الخطاب

مرة أخرى يعود السؤال الذي ظن كثيرون أنه قد طُوي: هل سيضطر المجلس الانتقالي الجنوبي إلى إعادة إعلان الإدارة الذاتية للجنوب؟

سؤال بات يطرح نفسه بقوة على وقع المشهد المتأزم، وسط عجز سياسي، وانفلات اقتصادي، وخذلان مركزي لا تخطئه العين.

الإدارة الذاتية.. هل كانت خطأً أم سبقًا في الرؤية؟

في أبريل 2020م، أعلن المجلس الانتقالي الإدارة الذاتية للجنوب، ردًا على تهميش ممنهج، وفساد مركزي أغرق المناطق الجنوبية في الفوضى والحرمان.
ذلك الإعلان قوبل حينها بانتقادات، وضغوط دولية، وصفه البعض بـ«الخطوة المتسرعة»، لكن آخرين رأوه تعبيرًا طبيعيًا عن انسداد الأفق السياسي.

اليوم، بعد مرور مايقارب خمس سنوات، ورغم اتفاق الرياض وما تلاه من تشكيل مجلس رئاسي، ما الذي تغيّر؟

الجنوب لا يزال محرومًا من موارده، العاصمة عدن تئن تحت أعباء الخدمات المنهارة، والمجلس الانتقالي بات شريكًا في حكومة عاجزة لا تمثل تطلعات شعب الجنوب، بل تكاد تكون جزءًا من معاناته.

العاصمة عدن.. بلا عاصمة!

كيف لعاصمة أن تبقى عاصمة وهي بلا ماء، بلا كهرباء، بلا أمن،…؟

كيف لعاصمة أن تمثل مشروع دولة، في حين أنها تحت سلطة عاجزة عن فرض سيطرتها على مؤسساتها؟

ما يحدث اليوم في العاصمة عدن من تفاقم للأزمات، وتخبط للسلطة المحلية، وانعدام لأي أثر للشرعية أو حتى لهيبة الدولة، يعيد إلى الواجهة منطق «الإدارة الذاتية» لا كمزاج سياسي، بل كخيار واقعي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

الرئاسة… سلطة لا ترى الجنوب إلا عند الحاجة!

من الواضح أن المجلس الرئاسي، بمكوناته المختلفة، لا يزال يتعامل مع الجنوب كجغرافيا تحت السيطرة لا كشعب له تطلعاته السياسية وتاريخه النضالي.
فهل يُعقل أن يبقى المجلس الانتقالي يتفرج على الانهيار في الجنوب، لمجرد البقاء شريكًا صوريًا في سلطة لا يملك فيها قرارًا ولا احترامًا؟!

ما بعد الصمت.. هل يعود القرار الجريء؟

كل المؤشرات تقول إن هناك ضيقًا شعبيًا آخذًا في التنامي… القواعد الجنوبية التي منحت الانتقالي شرعية الشارع بدأت تضغط عليه بشدة، لم تعد تُقنعها بيانات الشجب أو انتظار المجهول.
لقد جرب الناس الإدارة الذاتية في نسختها السابقة، ورغم ما شابها من ارتجال، إلا أن مجرد الشعور بالكرامة وكسر التبعية كان كافيًا لأن يتوق الناس لعودتها.

الختام: القرار أصعب من أي وقت مضى المجلس الانتقالي اليوم ليس كما كان في 2020م. هو الآن طرف في السلطة، وتحت مجهر إقليمي ودولي، وأي قرار من هذا النوع سيُفسّر باعتباره «انقلابًا على التوافق».

لكن ماذا لو كان «التوافق» نفسه سببًا في ضياع الجنوب؟

هل ننتظر أن يُعلن الانهيار الكامل حتى نتحرك؟

وهل يكون إعلان الإدارة الذاتية مجددًا صرخة نجاة… أم بداية لمواجهة شرسة مع الداخل والخارج؟

الجنوب على مفترق طرق، وعلى الانتقالي أن يختار: إما أن يكون صوتًا لشعبه… أو جزءًا من مؤامرة صمّاء لا تسمع صرخاته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com
Enable Notifications OK No thanks