وحدة بالقوة = احتلال… ومن يدافع عنها لا مكان له في مشروع الجنوب الجديد!

الناشط الحقوقي أسعد أبو الخطاب

في معادلة التحرر الوطني، لا يوجد رماديٌّ بين الأسود والأبيض… إما أن تكون مع حق شعبك في تقرير مصيره، أو أن تكون ضده… وإذ نُحيي اليوم نضالات الجنوبيين في سبيل استعادة دولتهم، فإننا نواجه – للأسف – نمطًا من الخطاب السياسي الخبيث، الذي يحاول التجميل القبيح لوحدةٍ لم تَعُد قائمة إلا بالإكراه، ولا تُدار إلا بالوصاية والدم.

الوحدة التي جاءت في 1990م لم تكن خطيئة، لكنها تحولت إلى جريمة مكتملة الأركان بعد 1994م، حين تحولت البنادق إلى أدوات “فرض شراكة بالقوة”، وسقط الجنوب في أسر احتلالٍ ناعم تارة، وسافر تارة أخرى… وعليه، فإن كل من لا يزال يتغنّى بهذه الوحدة المفروضة، إنما يدافع عن الاحتلال – لا عن وطن مشترك – وعليه أن يتحمل مسؤوليته الأخلاقية والتاريخية.

الجنوب تغيّر… ولن يعود إلى الوراء:
من يظن أن الجنوب سيعود طوعًا إلى حضن “الدولة الواحدة” بعد كل هذا القهر والدماء، فهو إما غافل عن الواقع أو متورط في مشروع إجهاض الهوية الجنوبية… مشروعنا اليوم، كما يؤكد المجلس الانتقالي الجنوبي، ليس استعادة الجنوب كحدود فقط، بل كهوية سياسية وتاريخية وثقافية كاملة… والمفارقة الصارخة أن من يقفون ضد هذا المشروع هم من أبناء الجنوب أنفسهم، لكنهم مرتبطون بحبل سُرّي إلى فروع أحزاب صنعاء، ويعيشون على فتات شرعيات متآكلة.

هؤلاء، مهما تحدثوا عن “الجنوب”، فهم عمليًا لا ينتمون إليه سياسيًا… كيف لجنوبي أن يطالب ببقاء الوحدة اليمنية وهو يرى مآسيها؟

كيف لجنوبي أن يهاجم الانتقالي لأنه يُفاوض لأجل الجنوب، بينما لا يجرؤ على مساءلة من سلم البلاد للحوثي أو رهنها للخارج؟

الوحدة ليست مقدسة… والاحتلال ليس وجهة نظر:
نحن هنا لا نتحدث عن وحدة طوعية ولا شراكة ندية، بل عن مشروع سياسي سقط أخلاقيًا وسقطت شرعيته في قلوب الناس قبل أن تسقط في الواقع… ومن يُصرّ على وصف الانتقالي بـ”الانفصالي”، نقول له: نحن لا ننفصل، بل نتحرر من واقع فُرض علينا بالمدفع والدبابة، ولا مستقبل لنا تحت عباءة صنعاء مهما غيّرت خطابها أو بدّلت وجوهها.

الخاتمة: الجنوب الجديد لا يسع عملاء الماضي… مشروع الجنوب الجديد، الذي يحمله الانتقالي ويمضي فيه بتضحيات جسام، لا مكان فيه لأنصاف المواقف ولا لمزدوجي الولاء… نحن لا نغلق الباب أمام أحد، لكننا لا نفتح ذراعينا لمن يدافع عن الاحتلال… إن أرادوا أن يكونوا جزءًا من مستقبل الجنوب، فعليهم أولًا أن يعلنوا رفضهم الصريح للوحدة القسرية، ثم الانخراط بصدق في مشروع الاستقلال… أما غير ذلك، فليبحثوا لهم عن مكان في جغرافيا أخرى… الجنوب لم يعُد يقبل الاحتلال، ولو باسم الشراكة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Exit mobile version
Enable Notifications OK No thanks