روكب اليوم
2025-09-17 08:53:00

ويُظهر مؤشر فيد واتش CME FedWatch احتمالاً بنحو 94.5% لخفض ربع نقطة أساس في اجتماع الاحتياطي الفيدرالي اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025، وبالتالي فإن أي تراجع عن هذا التوقع (بتثبيت السعر أو رفعه) سيشكّل صدمة مفاجئة للأسواق المالية.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display(‘div-gpt-ad-1738926244764-0’); });
واليوم الأربعاء، سيكون يوم المواجهة بين باول وترامب، فهل يجرؤ رئيس الفيدرالي على مفاجأة العالم بالسيناريو المستحيل؟
ودعا الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الاثنين الماضي، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إلى تنفيذ خفض “أكبر” في أسعار الفائدة المرجعية، مشيراً إلى سوق الإسكان في منشور عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبيل اجتماع البنك المركزي الأميركي هذا الأسبوع.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display(‘div-gpt-ad-1739447063276-0’); });
وكتب ترامب، في إشارة إلى باول: «متأخر جداً، يجب خفض أسعار الفائدة الآن، وبقدر أكبر مما كان في ذهنه. سوق الإسكان سيزدهر!!!».
من الواضح أن الأسواق مبرمَجة تقريباً على خفض الفائدة الفيدرالي اليوم لأسعار الفائدة، أي انحراف عن خفض الفائدة سيعني ضمنياً أن لدى الفيدرالي معلومات أو مخاوف لا يعلمها أحد غيره، وهذا بدوره سيخلق موجة ذعر واضطراب في النظام المالي العالمي.
يمهد لهذا السيناريو عدة محاور، أهمها:-
سوق العمل في خطر
مهدت بيانات سلبية عن سوق العمل وقراءات تضخم معتدلة في تقارير مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) وإنتاج المنتجين (PPI) خلال الأسبوعين الماضيين الطريق أمام الفيدرالي لخفض الفائدة بما لا يقل عن 25 نقطة أساس عقب اجتماعه يومي الثلاثاء والأربعاء، ليستأنف مسار التيسير الذي بدأ بين سبتمبر أيلول وديسمبر كانون الأول الماضي.
بعض مسؤولي الفيدرالي، بمن فيهم رئيسه جيروم باول خلال ندوة “جاكسون هول” الشهر الماضي، لمحوا إلى أن الخفض قادم. لكن الأسئلة كانت: متى؟ وبأي حجم؟ الرئيس دونالد ترامب، على سبيل المثال، يعتقد أن الإجابات هي: فوراً، وبشكل كبير.
معدل البطالة وإعانات البطالة
تُظهر رهانات الأسواق المستقبلية أن خفضاً بمقدار ربع نقطة في نطاق الفائدة الحالي (4.25%-4.5%) بات شبه مؤكد، مع احتمال بنسبة 10% لخفض مضاعف بنصف نقطة. وبحلول ديسمبر، تسعّر الأسواق خفضاً لا يقل عن 75 نقطة أساس.
على جانب العمل، تُظهر أحدث البيانات سبباً يجعل مجلس الاحتياطي الفيدرالي شبه مؤكد في استئناف دورة خفض أسعار الفائدة هذا الأسبوع؛ إذ بلغ معدل البطالة ومطالبات إعانات البطالة الأسبوعية أعلى مستوياتهما منذ عام 2021، ولأول مرة منذ أربع سنوات أصبح عدد العاطلين عن العمل يفوق عدد الوظائف المتاحة.
ضغوط سوق الإسكان
ولا تزال الضغوط في سوق الإسكان مرتفعة، إذ تضاعفت تقريباً المدفوعات الشهرية المتوسطة للرهن العقاري مقارنة بما قبل الجائحة، وأصبحت القدرة الشرائية عند مستويات قياسية منخفضة.
وقال وزير الخزانة سكوت بيسنت في وقت سابق من هذا الشهر إن الحكومة قد تعلن قريباً حالة طوارئ وطنية للإسكان.
ويضاف إلى هذه المخاوف أن كثيراً من أصحاب المنازل لا يمكنهم الانتقال حتى لو أرادوا، لأنهم مرتبطون بقروض عقارية منخفضة الفائدة حصلوا عليها بعد الجائحة.
ونتيجة لذلك، تنخفض مرونة التنقل في وقت يحتاج فيه سوق العمل إلى قوة عاملة أكثر ديناميكية ومرونة.
كما أن أسعار الفائدة المرتفعة والإيجارات الصاعدة تزيد من تفاقم أزمة الإسكان الأميركية المستمرة منذ سنوات، فالبلاد تعاني حالياً من عجز قياسي يبلغ 4.7 مليون وحدة سكنية مقارنة بما تحتاج إليه، بحسب موقع “زيلو” العقاري.
وهذا خبر سيئ للاقتصاد الذي طالما كان يُشاد بمرونته، لأن نقص المساكن الميسورة يقلل من قدرة العمال على التنقل. وهذا بدوره يمكن أن يغذي ارتفاع البطالة في بعض المناطق ويجعل من الصعب على الشركات في المناطق المزدهرة ملء الشواغر.
إن تثبيت سعر الفائدة بدل خفضه سيتلقاه المستثمرون كصدمة حادة. فقد أظهرت تجربة يوليو 2025 أن إبقاء الفيدرالي على السعر أدّى فوراً إلى «هبوط وول ستريت وصعود عوائد السندات وارتفاع حاد في الدولار»، ويظهر الرسم البياني أعلاه التراجع المتوقع في مؤشر S&P 500 في سيناريو تثبيت مفاجئ.
بوجه عام، ستشهد أسواق الأسهم العالمية موجة بيع كبيرة، لاسيما في قطاعات النمو والعقارات التي تعتمد على الاقتراض (مثل التكنولوجيا والعقارات) لأن تكلفة الاستدانة ستبقى مرتفعة، سيتجه المستثمرون نحو الأصول الآمنة (سندات الخزانة الأمريكية والذهب)، بينما سيضطرب نشاط التداول.
رد فعل الأسواق:
من المتوقع أن تنهار الأسهم عالية المخاطر وهبوطها حاد، مع تحول السيولة إلى الأسهم الدفاعية والأصول الحكومية. فعلى سبيل المثال، وُثّق سقوط سريع للأسهم الأمريكية بعد قرار التثبيت، مع «تراجع في وول ستريت».
قوة الدولار الأميركي:
سيشهد الدولار ارتفاعاً كبيراً مقابل سلة العملات، إذ تندفع رؤوس الأموال إليه بحثاً عن عائد مرتفع وآمن. وسيجذب الدولار استثمارات أمنية أكثر، ما يقوي وضعه.
الاقتصاد العالمي:
ستتعرض اقتصادات الدول الأخرى لضغوط حادة. فالبنوك المركزية في الأسواق الناشئة، التي تواجه بالفعل تكلفة تمويل مرتفعة وديوناً ثقيلة، ستضطر إلى تثبيت أو رفع أسعارها للدفاع عن عملاتها.
فارتفاع الفائدة الأميركية يسبب تدفقاً عكسياً لرؤوس الأموال إلى الولايات المتحدة ويجعل سداد الديون الأجنبية أكثر صعوبة.
ويعاني العديد من دول العالم استنزافاً لاحتياطياتها لمواجهة هبوط عملاتها تحت ضغط الدولار. وبذلك، قد تؤدي الضغوط المتزايدة وتراجع النمو العالمي إلى تباطؤ عام في النمو الاقتصادي العالمي.
سوق السندات:
ستنخفض أسعار السندات (وخصوصًا الطويلة الأجل) دفعة واحدة، لأن العوائد سترتفع مع ثبات الفائدة الأمريكي. فعندما ترتفع أسعار الفائدة، تنخفض أسعار السندات. وسيخسر المستثمرون في السندات طويلة الأجل من قيمة استثماراتهم نتيجة هذا الانعكاس.
رسالة الفيدرالي:
سيفسّر المستثمرون تثبيت السعر على أنه دليل على أن الفيدرالي لا يزال يحذّر من التضخم.
فعلى سبيل المثال، قال باول إن التضخم السنوي «أعلى قليلاً» من هدف 2%، ما يؤكد استمرار السياسة النقدية «المُقيِّدة». هذا الإشعار سيعكس للجميع أن السلطات لا تعتقد بأن الاقتصاد ضعيف بما يكفي لخفض المعدلات، وبالتالي ستزيد حالة عدم اليقين في الأسواق.
في حال رفع الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة، سينظر إليه على أنه انقلاب كامل للسياسة. قد يُفهم رفع الفائدة في هذا التوقيت على أنه استجابة لضغط ما أو باعتراف بفشل السيطرة على التضخم. هذه الخطوة ستُفجِّر الأسواق المالية بلا شك وتُدخلها في حالة ذعر.
رد فعل الأسواق:
ستنهار الأسهم دون سابق إنذار، خاصة وأن الرفع المفاجئ سيطلق موجة بيع مذعور. وفي حال أي تراجع عن توقع خفض سعر الفائدة سيؤدي إلى انخفاض أسعار الأسهم وارتفاع العوائد، وبسبب هروب المستثمرين من المخاطرة، وقد نشهد انهياراً «غير مسبوق» في مؤشرات الأسهم الأميركية والعالمية.
ركود محتمل:
سيرتفع بشكل كبير تكلفة الاقتراض للأفراد والشركات، ما سيخفّض الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري بشكلٍ حاد. فحال رفع الفائدة بسرعة سيخنق النمو الاقتصادي بمعنى أنه حتى لو لم يدخل الاقتصاد في ركود كامل، فسيتباطأ النمو إلى مستويات متدنية وقد يقترب من الانكماش.
أزمة ديون:
ستتفاقم أعباء الديون الحكومية، فتكلفة خدمة الدين سترتفع نحو مستويات غير مسبوقة، وقد تقترب عوائد الاقتراض إلى مستويات تعجيزية للبعض.
وتعاني العديد من الدول النامية ارتفاعاً كبيراً في تكاليف التمويل وعبء ضخم لخدمة الديون، ورفع الفائدة سيزيد هذه المخاطر.
هزة في الثقة:
سيفسّر المستثمرون هذا القرار على أنه اعتراف من الفيدرالي بأن التضخم خرج عن السيطرة. وسيؤدي ذلك إلى زعزعة ثقة الأسواق في قدرة البنك المركزي على إدارة الاقتصاد.
فالقرار سيكون بمثابة إشارة إلى أن هناك معلومات أو مخاطر غير معلنة تدفع السلطات إلى اتخاذ خطوة غير متوقعة، ما سيُثير الذعر والاضطراب.
قوة الدولار:
سيقفز الدولار الأميركي إلى مستوى تاريخي، حيث سيصبح ملاذاً آمناً لكل مستثمر. سينعكس ذلك على صعوبة تصدير السلع الأمريكية بسبب ارتفاع تكلفتها الدولارية، وبالتأكيد سيزداد العجز التجاري الأميركي.
بالإضافة إلى ذلك، ستواجه الأسواق الناشئة صدمة شديدة بفعل هروب رؤوس الأموال وارتفاع تكاليف الاقتراض بالدولار، ما قد يؤجج أزمات اقتصادية في تلك الدول.
الأسواق العالمية:
سيعاني العالم بأسره من هذا الرفع. فقد سجلت محاضر اجتماع الفيدرالي (يناير 2025) خروجاً كبيراً لرؤوس الأموال من الأسواق الناشئة واستنزافاً لاحتياطياتها لمواجهة ضغوط العملة، ورفع الفائدة سيؤدي إلى تعميم هذا السيناريو عالمياً.
في الحقيقة، هذا السيناريو سيؤدي إلى «سلسلة من تشديد السياسات النقدية العالمية» من شأنها أن تضرب النمو العالمي بشدة.
