إيران وإسرائيل.. من يشعل المواجهة المقبلة؟ |



روكب اليوم

على وقع صمت المدافع بدأت الأسئلة تتكاثر بشأن من خرج رابحا ومن خسر في الحرب الإيرانية الإسرائيلية الأخيرة، وسط تكتم إعلامي رسمي وشح في المعطيات الميدانية، مما جعل التحليلات تتأرجح بين النصر واللانصر.

واستعرضت الحلقة الجديدة من برنامج “بانوراما الجزيرة نت” أبعاد هذه المواجهة ونتائجها الإقليمية، مركزة على 4 محطات رئيسية شملت نتائج الضربات المتبادلة، وموقف إسرائيل من الملف النووي الإيراني، وأفق الردع المتبادل، واحتمالات تجدد الحرب على ضوء الحسابات السياسية والعسكرية المستجدة.

وفي هذا السياق، تساءل الكاتب والمحلل الأردني عريب الرنتاوي عن مآلات الحرب قائلا إن “ضجيج التوقعات لا يقل عن ضجيج المعارك”، مشيرا إلى أن نتائجها وتداعياتها لا تزال معلقة في ميزان الاحتمالات، وسط تساؤلات غير محسومة بشأن ما إذا كانت الحرب قد أنهت مرحلة أم فتحت بابا لمواجهة أعنف.

وفي الداخل الإسرائيلي، أظهرت تقارير إعلامية أن الحرب لم تحقق أهدافها بالكامل، إذ نقلت صحف إسرائيلية عن وزراء إسرائيليين دعوتهم إلى أن تكون الجولة المقبلة أكثر حسما، وصولا إلى تقويض النظام الإيراني نفسه، معتبرين أن وقف إطلاق النار لا يمثل نهاية الصراع، بل انطلاقة “للمرحلة الثانية”.

وسلطت تقارير تحليلية الضوء على أن تل أبيب ستركز في المرحلة المقبلة على إثارة الفوضى داخل إيران عبر تكثيف الجهود الاستخباراتية وتحفيز السخط الشعبي، لكن هذه المقاربة قد تصطدم بتحولات داخلية أعقبت الحرب، أبرزها يقظة الأجهزة الأمنية الإيرانية.

وبحسب مجلة نيوزويك، فإن طهران نفذت حملة أمنية اعتقلت خلالها مئات الأشخاص بتهمة التجسس لصالح إسرائيل، كما أعدمت 6 منهم، وهو ما وصفه مراقبون بأنها ضربة استباقية لأي محاولات لزعزعة الاستقرار الداخلي الإيراني.

الوضع في طهران

وفي طهران، أفاد مراسل الجزيرة نت بأن العاصمة بدأت تستعيد وتيرتها المعتادة تدريجيا، حيث فتحت الأسواق والمرافق العامة أبوابها بشكل طبيعي، في مشهد يعكس رغبة الشارع الإيراني في طي صفحة المواجهة، ولو مؤقتا، والتركيز على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.

ورأى داني سيترينوفيتش خبير الشؤون الإيرانية في القناة الـ13 الإسرائيلية أن نتائج الحرب أكدت ضعف المعارضة داخل إيران، قائلا “لا وجود لمعارضة قادرة على أن تكون بديلا للنظام الحالي، وهذا ما كشفت عنه لحظة الحرب”.

وعلى الجانب الأميركي، سارع الرئيس دونالد ترامب إلى توظيف نتائج الضربات ضد المنشآت النووية الإيرانية لتعزيز رصيده السياسي، مؤكدا أن بلاده حققت “انتصارا كاملا”، ووعد باتفاق جديد مع طهران يعيد صياغة قواعد اللعبة في المنطقة.

لكن مؤسسات إعلامية أميركية -استنادا إلى تقارير استخباراتية- شككت في أثر تلك الضربات، مشيرة إلى أنها لم تؤخر المشروع النووي الإيراني إلا لأشهر محدودة، معتبرة أن ما جرى أقرب إلى استعراض عسكري منه إلى إستراتيجية ردع فعالة.

وفي هذا السياق، نشرت الجزيرة نت تحليلا بيّن أن أي ضربة جوية مهما بلغت دقتها لا يمكن أن تكون حاسمة دون تكاملها مع خطوات ميدانية ودبلوماسية منسقة، وهو ما لم يتحقق خلال هذه الحرب، مما جعل نتائجها محدودة التأثير على الأرض.

أما المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف فقد أشار إلى أن واشنطن منخرطة في محادثات “واعدة” مع طهران، سواء بشكل مباشر أو عبر وسطاء، معربا عن أمله في التوصل إلى اتفاق سلام طويل الأمد ينهي مرحلة التصعيد المفتوح.

الجبهة العراقية

وفي خضم هذه التوترات، رصد البرنامج موقفا لافتا تمثل في هدوء الجبهة العراقية رغم ما شهده الإقليم من تصعيد، وهو ما فسره بعض المحللين في عدم رغبة الفصائل الشيعية العراقية في أن تلقى مصير حزب الله اللبناني، أو المجازفة بمكتسباتها السياسية والاقتصادية داخل الدولة العراقية.

وقال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إن بلاده نجحت في تجنيب شعبها مآسي الحرب، مشددا على أن العراق سيواصل النأي بالنفس عن صراعات الجوار، والتركيز على استقراره الداخلي ومصالحه الوطنية العليا.

وعلى الجانب التركي، أشار أحد الكتاب الأتراك إلى أن أنقرة قد تكون في طريقها لمواجهة محتومة مع إسرائيل، مستعرضا 3 عناصر حاسمة يجب توافرها في أي مواجهة مقبلة، وهي الجاهزية العسكرية ووحدة الجبهة الداخلية والدعم الإسلامي الإقليمي.

وفي ختام الحلقة، عاد الحديث مجددا إلى السؤال المحوري: هل انتهت الحرب فعلا أم أنها تحولت إلى شكل آخر؟ إذ يرى محللون أن الكباش السياسي المقبل على طاولة المفاوضات قد لا يكون أقل دموية من ساحات المعركة، ولا سيما أن توازن القوى بعد هذه الجولة لا يزال هشا.

وحذّر الكاتب المصري محمود سلطان من أن الردع المتبادل قد يمنع اندلاع حرب كبرى على المدى القريب، لكنه هش وقد ينهار في أي لحظة، خصوصا إذا ما فشلت القوى الكبرى في احتواء التصعيد أو تفاقمت الحسابات الخاطئة بين الأطراف المتصارعة.

|

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com
Exit mobile version
Enable Notifications OK No thanks