الجزائر أمام اختبار الإرهاب تحت غطاء “الهجرة غير النظامية”


روكب اليوم
2025-04-28 13:55:00

فمع تزايد موجات المهاجرين من دول تشهد هشاشة سياسية وأمنية مثل مالي والنيجر، يبرز قلق جزائري متصاعد بشأن استغلال هذه الظاهرة لتسريب عناصر متطرفة تهدد الأمن القومي.

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون كان صريحا في تحذيراته الأخيرة، معتبرا أن تدفق المهاجرين عبر الحدود الجنوبية بات يشكل خطرا استراتيجيا يتطلب تعزيز اليقظة وتكييف السياسات الأمنية بما يتناسب مع خطورة المرحلة.

الخطر حقيقي.. والجزائر تتحرك بحذر

عمّق النائب في البرلمان الجزائري علي ربيج، خلال مقابلة مع “سكاي نيوز عربية”، هذه الرؤية محذرا من تحول موجات الهجرة إلى “أداة وظيفية” بيد بعض الأنظمة السياسية في الساحل.

واعتبر ربيج أن: “قلق الجزائر معلل ومثبت بالدلائل. الهجرة غير النظامية لم تعد مجرد ظاهرة اجتماعية، بل تحولت إلى تهديد أمني خطير”.

وكشف ربيج عن معطيات مثيرة، موضحا أن “الحدود الجزائرية مع دول الجوار تمتد لنحو 2000 كيلومتر في تضاريس وعرة جدا، ما يجعل تأمينها مهمة شاقة، خاصة مع وجود محاولات لاستغلال هذه المساحات المفتوحة من قبل جماعات إرهابية”.

وذهب ربيج أبعد من ذلك بالقول إن “بعض الدول، قامت بتفكيك منظومات مكافحة الهجرة غير الشرعية”، في إشارة إلى إلغاء النيجر لقانون تجريم المتاجرة بالبشر، مما أدى إلى “فتح الباب على مصراعيه أمام شبكات تهريب البشر والجماعات الإجرامية”.

الإرهاب بين العائلات النازحة.. الخطر الكامن

أبرز ما يثير القلق لدى صانعي القرار في الجزائر، كما أوضح ربيج، هو إمكانية “تسلل عناصر إرهابية وسط العائلات المهاجرة”، متسائلا: “من يضمن لنا أن بين هؤلاء المهاجرين لا يوجد عناصر مرتبطة بالقاعدة أو تنظيم داعش في بلاد المغرب؟”.

هذا التخوف ليس نظريا فقط، إذ كشف ربيج عن “إحباط المخابرات الجزائرية لمحاولة توظيف إرهابي سابق عبر جهات أجنبية”، مما يعزز المخاوف من وجود مخططات لاستهداف الجزائر عبر بوابة الهجرة.

ورغم حدة التهديدات، يصرّ المسؤولون الجزائريون على التعامل مع المهاجرين وفق معايير إنسانية صارمة.

وأكد ربيج أن عمليات ترحيل المهاجرين “تتم تحت إشراف رسمي، بمرافقة إعلامية، ورعاية صحية”، مشددا على أن الجزائر “لم تجعل من ملف الهجرة ورقة سياسية ضد أي دولة، رغم التوتر مع مالي والنيجر وبوركينا فاسو”.

ومع ذلك، وضع ربيج خطوطا حمراء واضحة، قائلا: “الجزائر لن تتسامح مع أي محاولة للمساس بأمنها القومي، ولن تقبل أن تتحول إلى ساحة ابتزاز من قبل أنظمة انقلابية خارجة عن الشرعية”.

خريطة جديدة للصراع في الساحل

تدرك الجزائر  أن أزمة الهجرة الحالية ليست سوى جزء من مشهد أوسع يتمثل في تفكك منظومات الأمن الإقليمي.

وشكّل توقف التعاون مع دول مثل مالي وبوركينا فاسو والنيجر، والذي كان يتم عبر هيئة الأركان العملياتية المشتركة، ضربة إضافية للجهود الإقليمية لمكافحة الهجرة غير النظامية والإرهاب والمخدرات.

ولم يتردد ربيج في توجيه أصابع الاتهام إلى بعض القوى الدولية، قائلا: “لماذا لا يتم تحميل فرنسا مسؤولية الفوضى التي يعيشها الساحل؟”، مؤكدا أن الجزائر، رغم كل شيء، “لا تزال تعتبر شعوب هذه الدول عمقا استراتيجيا وتاريخيا، وستظل يداها ممدودة للمساعدة، لكن ليس على حساب أمنها”.

وفي مواجهة هذا التحدي المعقد، تعتمد الجزائر على إمكانات بشرية وعسكرية ضخمة، إذ تشرف مؤسسة الجيش الوطني الشعبي على تأمين الحدود، في ظروف مناخية صعبة، وفي تضاريس تعد من بين الأكثر وعورة في العالم.

ورغم إدراكها لصعوبة المهمة، ترفض الجزائر الانجرار نحو أساليب التعامل “الصلب” أو “العنيف” مع ظاهرة الهجرة. لكنها، كما ختم ربيج حديثه، “ترفض التراخي حين يتعلق الأمر بأمنها القومي”، وستواصل الدفاع عن حدودها بكل الوسائل التي يخولها لها الدستور والقانون الدولي.



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com
Exit mobile version
Enable Notifications OK No thanks