في مؤتمر عالمي حمل عنوان “الإعجاز العلمي في القرآن والسنة” عقد في جمهورية مصر العربية، ألقى الأستاذ الدكتور حسام موافي أستاذ الحالات الحرجة بكلية طب قصر العيني المصرية، محاضرة علمية تناول فيها أوجه الإعجاز العلمي التي سبقت بها النصوص الإسلامية الاكتشافات الطبية الحديثة، منوهًا بخطورة محاولات الفصل بين الدين والعلم وواصفًا تلك المحاولات بالمغرضة.
العلم والدين لا يتناقضان
استهل الدكتور موافي محاضرته بتأكيده أن الإعجاز العلمي في القرآن والسنة يواجه هجومًا ممنهجًا يسعى لفصل الدين عن العلم، واعتبر المؤتمر الذي تحدث فيه بأنه “أقوى مؤتمر عقد في مصر” لأنه يعيد ربط العلاقة بين النصوص الدينية والاكتشافات العلمية، مشددًا على أن القرآن لا يعارض العلم، بل يثبته في كثير من المواضع.
الماء.. من المعجزة إلى العلم
تحدث الدكتور موافي عن معجزة علمية تتعلق بمياه الجسم، موضحًا أن هناك أربعة أعضاء داخل الإنسان “تفزع” من وجود المياه وهي: الكليتان، والكبد، والقلب، والمخ، فإذا ما تعطلت وظائفها لا تستطيع التخلص من المياه مما يسبب الاستسقاء والتورم، أما في الحالة السليمة، فالجسم لا يخزن المياه إطلاقًا.
وأكد أن ما تعلمه من كتاب طبي مكوّن من 400 صفحة لخّصته آية قرآنية في كلمات معدودة حين قال الله تعالى: “وأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين”، معتبرًا ذلك ذروة الإعجاز العلمي والبياني في آن واحد.
الصلاة والسكينة.. توازن الضغط الدماغي
إعجاز علمي في السنة
وفي موضع آخر من محاضرته، استعرض الدكتور موافي إعجاز السنة النبوية في الحديث عن السكينة عند الذهاب إلى الصلاة، حيث أشار إلى أهمية توازن الضغط داخل الجمجمة بين المياه والدم، وأوضح أن الجري أو السعي يزيد من ضغط الدم، في حين أن السجود يرفع ضغط المخ، ما يعني أن الذهاب إلى الصلاة مسرعًا يمكن أن يؤدي إلى كارثة صحية للمصلي ولذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إتيان الصلاة في حالة السعي بل أمر بالسكينة عند الذهاب إلى المسجد فقال صلى الله عليه وسلم: “إذا أتيتم الصلاة فأتوها وأنتم تمشون ولا تأتوها وأنتم تسعون”، معتبرًا أن هذا الحديث يسبق الطب في توصيف هذه المخاطر بدقة علمية.
الجلد.. مركز الإحساس الحقيقي
ومن المواضيع اللافتة التي تناولها الدكتور موافي، الحديث عن الجلد كمركز للإحساس وليس العظام، كما كان يعتقد العلم لقرون، مؤكدًا أن الجلد هو المسؤول عن الإحساس، وعن حفظ المياه ومنع التبخر من الجسم، وكذا حماية الجسم من الميكروبات.
وأشار موافي، إلى أن هذه الحقائق وردت في قوله تعالى: “كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودًا غيرها ليذوقوا العذاب”، وهو ما يعكس معرفة دقيقة بوظيفة الجلد الخاصة بالإحساس، ولذا حدد تجديد الجلد عند عذاب الكفار في جهنهم ليذوقوا مزيدًا من العذاب على مخالفتهم عبادة الله وحده، ويثبت أن القرآن سبق العلم في توضيح هذا المفهوم.
الفجر.. طوق النجاة من الجلطات
وروى الدكتور موافي تجربة شخصية له خلال مشاركته في مؤتمر بألمانيا، حيث عرض أحد العلماء الغربيين نتائج بحث عن أن غالبية جلطات المخ تحدث أثناء النوم، وتحديدًا في توقيت يطابق توقيت صلاة الفجر عند المسلمين.
وأضاف موافي أنه حين سمع هذه المعلومة وجد نفسه يسجد لله شكرًا، مرددًا ما يقوله المؤذن في الفجر: “الصلاة خير من النوم”، مؤكدًا أن صلاة الفجر تحفظ الإنسان من الجلطات، مشددًا على أن الله لا يأمرنا بشيء إلا لما فيه مصلحتنا وليس لمجرد أن يقلقنا من النوم.
العنكبوت.. من تبني البيت؟
وانتقل موافي إلى جانب آخر من الإعجاز العلمي، متمثلًا في سورة العنكبوت، حيث أوضح أن العلم الحديث اكتشف أن الأنثى فقط هي التي تبني بيت العنكبوت وليس الذكر، ولا يمكن تمييز الذكر من الأنثى في العنكبوت إلا باستخدام المجهر.
وأكد أن القرآن الكريم سبق هذا الاكتشاف منذ 1400 عام في قوله تعالى: “كمثل العنكبوت اتخذت بيتًا لو كانوا يعلمون”، حيث استخدم الفعل المؤنث “اتخذت” وأشار إلى ضرورة العلم لاكتشاف ذلك بقوله: “لو كانوا يعلمون” لأن معرفة التمييز بين ذكر العنكبوت وأنثاه تقتضي العلم والتوصل إلى اختراع المجهر لرؤية هذا التمايز، ويعد الأمر من قبيل الإعجاز العلمي في القرآن الكريم.
بداية الطعام بالفاكهة.. تعليم نبوي وعلمي
أما في الشق الغذائي، فقد سلط الدكتور موافي الضوء على ترتيب تناول الطعام، مشيرًا إلى أن القرآن الكريم أوصى بالبدء بالفاكهة قبل الأطعمة الدسمة، مستشهدًا بقوله تعالى: “وفاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون”
وأضاف أن النبي صلى الله عليه وسلم أرشدنا إلى هذا الأسلوب في مناسك الحج حين قال: “سأبدأ بما بدأ به الله”، عند بداية السعي من الصفا، وهو ذات المبدأ الذي ينطبق على ترتيب الطعام
وجبات خمس.. توازي الصلوات
وأفاد موافي في محاضرته بأن أفضل نظام غذائي هو تناول خمس وجبات في اليوم وفق أحدث الدراسات العلمية للطعام الصحي، مؤكدًا أن هذا ما أشار إليه القرآن الكريم حين قال: “يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا”، حيث قرن الأكل لكافة بني آدم بأوقات الصلاة عند المسلمين وعددها خمسة، وهو ما يؤكد توافق هذا التوجيه الديني مع أحدث الأبحاث في علم التغذية.
وتناول أستاذ الرعاية الحرجة، قول الله تعالى في محكم التنزيل: “ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة” لماذا القلوب جمع والأبصار جمع والسمع مفردًا، قائلًا: لعل التفسير لهذه الآية أن ذكر القلوب بالجمع لأن القلب يمكنه أن يحب الكثير من الناس، والبصر جمع لأن العين يمكنها أن ترى الكثير من الناس، ولكن السمع مفرد لأن السمع لا يمكن للإنسان أن يستمع إلا لصوت واحد فقط.
وذكر موافي نقاشًا له مع أحد الأشخاص قائلًا: أحد الأصدقاء قال لي الله تعالى لم يحرم الخمر في القرآن الكريم فقد حرم “الدم، والميتة، ولحم الخنزير” بأمر مباشر فقال تعالى: (حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به…) بينما في الخمر قال فقط اجتنبوه ولم يحرمه فقال تعالى: “إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون” فقلت له الاجتناب أشد من التحريم، لأن للخمر 16 ضررًا على الجسم كما أن الله قال في وصف الخمر: “يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما” فالخمر هنا وصفت بالإثم، وفي آية أخرى قال الله تعالى: (قل إنما حرم بي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق) فهنا حرم الإثم وهو الخمر فهذا هو التحريم.