في كل بيت جنوبي حكاية حزن.. صنعتها الوحدة المزعومة!

الناشط الحقوقي أسعد أبو الخطاب

إذا كنت من أبناء الجنوب، فبالتأكيد لديك قصة أو أكثر تحكي عن الوحدة “المزعومة” التي وعدونا بها قبل أكثر من ثلاثين عامًا.
وقد تكون تلك الحكاية تبدأ بذكريات عن أملٍ ضاع في الذاكرة، أو حلمٍ تبدد بين جدران الواقع القاسي.
فلا عجب أن يصبح كل بيت جنوبي حاويًا على فصول من الحزن، أبطالها هم أبناء الجنوب الذين دفعوا ثمناً باهظاً لـ”وحدة” اكتشفوا أنها كانت سراباً.

الوحدة.. الوعد الذي انقضَّ عليه الواقع!

في بداية التسعينات، كان الجنوب يطفو على سطح الأرض كدولة ذات سيادة، يعيش شعبه في استقرار نسبي ويأمل أن يزدهر أكثر.
ثم فجأة، ظهر لنا مصطلح “الوحدة” الذي كان يعد بحياة أفضل، ونهاية للفقر والتخلف.
لكن ما حصل فعلاً هو أن الوحدة جاءت فريسة سهلة لوعود لا يمكن الوفاء بها.

أخذت الوحدة، مثل نغمة حزينة، تطارد كل بيت جنوبي، وبدأت الحكايات تتناقل عن الفقر الذي يتنقل من بيت إلى آخر، وعن البطالة التي أذلت الشباب الجنوبي وأصبحت جزءًا من الذاكرة المرة. وكأننا، في لحظة من اللحظات، قد وقعنا في فخ وعد كان يبدو في البداية ورديًا، ثم تبين أنه كان فخًا مزدوجًا بين الشمال والجنوب.

كل بيت جنوبي لديه قصة عن البطالة.. والفرص الضائعة!

منذ إعلان الوحدة وحتى يومنا هذا، يعيش شباب الجنوب في دائرة مغلقة من البطالة والأمل الضائع.
إنهم يقفون في طوابير أمام وظائف لا تأتي، وأحلام تتبدد مع مرور الوقت… والكارثة الكبرى هي أنهم يشعرون أنَّ كل هذه الجهود تُسحق تحت عجلات “الوحدة” التي لا تجلب سوى العجز والفشل.
“الوحدة” التي وعدتهم بالاستقرار، تحولت إلى قيودٍ ومصاعبٍ لا تنتهي… حتى الوظائف الحكومية باتت حلماً بعيد المنال، فهل يعقل أن الشاب الجنوبي الذي كان يملك التعليم والقدرة لا يجد فرصة؟

أين هي وعود التنمية؟

في الواقع، كانت “التنمية” إحدى الشعارات التي رُفعت مع إعلان الوحدة، لكنها أصبحت كالظلال التي نراها ولا نلمسها.
فكلما ذُكرت “التنمية”، بدا وكأنها لعبة أطفال يحاولون إخفاء خيباتهم خلف ورقة لعب ملونة… دخلت الوحدة إلى الجنوب بكل وعودها الفارغة، لكنها لم تحمل معها سوى الفقر والدمار في البنية التحتية، وهو ما ترك سكان الجنوب يعانون من تأخر في الخدمات الأساسية.

الفرحة التي تحولت إلى كوابيس!

وأين هي تلك الفرحة التي كان من المفترض أن تنعش قلوبنا بعد الوحدة؟

تحولت إلى كوابيس، فقد أصبح الجنوبيون يسيرون في شوارع مليئة بالحفر والمطبات، بينما يظل حلم “الوحدة” مجرد شعار في الكتب وملصقات السياسة.
أين هذا “التوحد” بين الشمال والجنوب؟

ما الذي حققته الوحدة لنا غير المزيد من الوعود الخادعة؟

مجرد كلمات فارغة نرددها في الأعياد، بينما الحقيقة هي أننا بقينا عالقين بين ماضي الوحدة وعجز الحاضر.

هل سيستمر الحزن أم أن هناك أملًا؟

سؤال يبدو بسيطًا، لكن الإجابة عنه غاية في الصعوبة… فكلما حاول الجنوبيون التطلع إلى المستقبل، يكتشفون أن الماضي لا يزال يلاحقهم بكل تفاصيله المرهقة.
أما المستقبل، فمكتوب له أن يبقى حزينًا ما لم تُتخذ خطوات جريئة نحو الاستقلال. فالجنوبيون لا يريدون مجرد وعود، ولا كلمات رنانة، بل يريدون فعلاً حقيقياً يترجم الآمال إلى واقع ملموس.

الخلاصة.. الوحدة التي وعدت بها صنعاء كانت مجرد وهم!

في كل بيت جنوبي، تُحكى قصة حزينة عن تلك الوحدة المزعومة التي جلبت الويلات بدلًا من الأمن والرخاء… واليوم، وبعد كل هذه السنوات، أصبح الجنوب بحاجة إلى قرار داخلي يحرر نفسه من هذه الأعباء الثقيلة.
لقد اكتشف الجنوبيون أن الحل ليس في انتظار مباركة العالم أو قرارات دولية، بل في النهوض بأنفسهم واستعادة دولتهم، كي تكتمل الحكاية كما ينبغي لها أن تكون.

إلى حين ذلك، سيبقى كل بيت جنوبي يحمل في طياته ذكرى “الوحدة” ومرارتها، ووجهًا جديدًا لقصص الحزن التي صنعتها الوحدة المزعومة!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com
Exit mobile version
Enable Notifications OK No thanks