استخدام الجيش الأميركي لحماية المدنيين… استراتيجية ناجحة أم مخاطرة؟


روكب اليوم
2025-06-10 21:30:00

استخدام الجيش الأميركي لحماية المدنيين… استراتيجية ناجحة أم مخاطرة؟

            <span class="story_date">الثلاثاء 10   يونيو   2025 - الساعة:21:30:46</span>

               <span class="story_source">(/خاص:)</span>

        </p><div>
        <p>تحليل : طارق الشامي


في حين يمنح قانون التمرد لعام 1807 الرؤساء سلطة استخدام القوات العاملة أو قوات الحرس الوطني لاستعادة النظام داخل الولايات المتحدة، إلا أن الرئيس ترمب لم يلجأ حتى الآن إلى قانون التمرد، وبدلاً من ذلك اعتمد على المادة 12406 من الباب العاشر من قانون الولايات المتحدة، وهو قانون فيدرالي أضيق نطاقاً يسمح للرئيس بتعبئة الحرس الوطني في حالات تشمل التمرد أو خطر التمرد ضد سلطة حكومة الولايات المتحدة.

في الوقت الذي تستعد فيه إدارة دونالد ترمب لنشر كتيبة من “المارينز” بعد نشر الحرس الوطني، بينما يطالب حاكم كاليفورنيا بسحب القوات المسلحة الأميركية من ولايته التي شرعت في مقاضاة الرئيس باعتباره تجاوز سيادة الولاية، يحذر مؤرخون من سيناريوهات مماثلة لأحداث تاريخية سابقة استخدمت فيها القوات النظامية الأميركية في خضم الحياة المدنية وأدت إلى مأساة وطنية، فهل يعد استخدام القوات المسلحة الأميركية لحماية المدنيين استراتيجية ناجحة أم عالية الأخطار؟


نذير خطر 

على رغم أن المواجهات التي تدور في مدينة لوس أنجليس لم تشهد حوادث قاتلة حتى الآن ولم تستخدم فيها الذخيرة الحية من قبل قوات إنفاذ القانون، فإن الاضطرابات المستمرة هناك بدأت تُنذر بالخطر، ليس فقط بالنسبة إلى المحتجين ضد سياسة الترحيل الجماعي التي تنتهجها إدارة ترمب، بل أيضاً للمراسلين والمصورين، فخلال الساعات الأخيرة، وبينما كانت الصحافية الأسترالية لورين توماسي تتحدث إلى الكاميرا، والميكروفون في يدها في خضم تغطية هذه الاحتجاجات، بدا أن ضابط من قوات إنفاذ القانون في الخلفية استهدفها مباشرة بحسب وسائل الإعلام الأسترالية، فأصابها في ساقها برصاصة مطاطية.

وفي وقت سابق أشارت تقارير إلى أن المصور الصحافي البريطاني نيك ستيرن يخضع لعملية جراحية طارئة بعد إصابته أيضاً بالذخيرة نفسها غير القاتلة، وهو ما يشير إلى إمكان تفجر مزيد من العنف الذي ينذر بالأسوأ لأن تفاقم مظاهر القوة يمكن أن يزيد التوترات ويفاقم الأوضاع بحسب ما تشير الأبحاث التي تقول أيضاً إنه إذا شعر المتظاهرون بأن السلطات تتصرف بضبط النفس وتتعامل معهم باحترام، فمن المرجح أن يظلوا سلميين.

“المارينز” يستعدون

غير أن التوترات تصاعدت بين إدارة ترمب والمسؤولين في ولاية كاليفورنيا بعدما قرر الرئيس دونالد ترمب نشر 2000 من أفراد الحرس الوطني في لوس أنجليس، وهي خطوة وصفها القادة الديمقراطيون في الولاية بأنها تصعيد مستفز وغير ضروري في خضم احتجاجات على سياسات الهجرة التي تنتهجها الإدارة، والتي أعقبت حملات مداهمة واعتقال جماعي اتسمت بالقسوة لعشرات من المهاجرين غير الشرعيين في مدينة لوس أنجليس. 

وما زاد من احتمالات التوتر ما كشف عنه مسؤولون في إدارة ترمب بتجهيز يجري حالياً لنشر 700 من مشاة البحرية الأميركية (المارينز) في لوس أنجليس التي تعد ثاني أكبر مدينة في الولايات المتحدة بعد نيويورك، وهو ما أشار إليه وزير الدفاع بيت هيغسيث في بداية الأزمة، مما دفع غافين نيوسوم حاكم ولاية كاليفورنيا إلى اتهام ترمب بافتعال أزمة مصطنعة وإثارة الخوف والرعب للسيطرة على قوات تابعة للولاية في انتهاك لدستور الولايات المتحدة، مؤكداً تحديه القانوني برفع الولاية قضية لوقف قرارات الرئيس، وهو ما شرع فيه المدعي العام لولاية كاليفورنيا بالفعل، معرباً عن تفاؤله للفوز بحكم كاسح ضد إدارة ترمب. 

ويمثل نشر كتيبة من “المارينز” تصعيداً كبيراً في استخدام الرئيس الأميركي للجيش كأداة لاستعراض القوة ضد المتظاهرين، لكن لا يزال من غير الواضح ما هي مهمتهم، حيث يحظر عليهم مثل قوات الحرس الوطني، القيام بأنشطة إنفاذ القانون مثل المداهمات والاعتقالات والتفتيش ما لم يستخدم ترمب قانون التمرد، كما تفاقمت الأزمة السياسية مع اقتراح الرئيس بأن يقوم قائد شرطة الهجرة والحدود توم هومان باعتقال حاكم كاليفورنيا، مما دفع رئيسة مجلس النواب السابقة والزعيمة الديمقراطية نانسي بيلوسي إلى وصف تصريح ترمب بأنه “علامة مميزة للاستبداد”. 

استراتيجية ناجحة

بالنسبة إلى الرئيس ترمب فإن هذه ليست فقط المعركة التي كان ينتظرها للدخول في مواجهة حاسمة مع منافس سياسي بارز في ولاية ذات غالبية ديمقراطية حول قضية الهجرة المركزية في أجندته السياسية، بل أيضاً هي معركة لتحقيق استراتيجية ناجحة من خلال إظهار القوة، حيث استند ترمب إلى سلطته بموجب الباب العاشر، الذي يسمح للرئيس باستدعاء الحرس الوطني عند الضرورة لصد الغزو أو قمع التمرد أو تنفيذ القوانين.

وتظهر اللغة التي استخدمها ترمب منذ اندلاع الأزمة عزمه الصارم على النجاح في هذه المعركة لردع المهاجرين، حيث كتب على وسائل التواصل الاجتماعي مع تزايد عدد المتظاهرين الذين خرجوا إلى الشوارع أن لوس أنجليس تتعرض للغزو والاحتلال من قبل عصابات عنيفة ومتمردة، ووجه ثلاثة من كبار مسؤولي حكومته لاتخاذ أي إجراءات ضرورية لتحرير المدينة مما وصفه بغزو المهاجرين.

كما نشر نائب رئيس موظفي البيت الأبيض ستيفن ميلر على وسائل التواصل الاجتماعي أن هذه معركة لإنقاذ الحضارة، بينما جادلت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت بأن ترمب استدعى الحرس الوطني لمعالجة الفوضى التي سمحت الولاية لها بالتفاقم، وأن حشوداً عنيفة هاجمت ضباط دائرة الهجرة والجمارك ووكلاء إنفاذ القانون الفيدراليين.

أخطار تفعيل قانون التمرد

ومع ذلك رفض الرئيس الإفصاح عما إذا كان يعتزم تفعيل قانون التمرد لعام 1807، الذي يسمح باستخدام القوات الفيدرالية على الأراضي الأميركية لقمع أي تمرد، وبما يتيح لهم القيام بعمليات ومداهمة وتفتيش واعتقال، لكنه تعهد نشر القوات في كل مكان.

من المحتمل أن تفسح الإدارة الأميركية المجال لنشر الحرس الوطني وقوات “المارينز” في أماكن أخرى واستدعاء قانون التمرد على رغم أن الحوادث التي تنطوي على نشر الحرس الوطني تعد نادرة، وإن كانت كارثية سياسياً، ومن النادر أيضاً أن يتم نشر الحرس الوطني ضد رغبات زعيم ولاية منتخب ديمقراطياً، كما فعل ترمب في كاليفورنيا بحسب خبيرة الشؤون الأميركية في مركز الولايات المتحدة في جامعة ملبورن إيما شورتيس التي ترى أن ترمب في الوقت الحالي غير مقيد لأنه عندما سئل عن الموانع التي قد تحول دون نشر مشاة البحرية ضد المتظاهرين، أجاب بأن الموانع هي ما يعتقده.



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Exit mobile version
Enable Notifications OK No thanks