منصور العامري
في مشهد تتقاطع فيه السياسة بالاقتصاد ويغدو فيه استقرار العملة الوطنية خط الدفاع الأول عن كرامة المواطن اليمني وقوته اليومي يخوض البنك المركزي اليمني حربًا صامتة ولكن شرسة من أجل استعادة التوازن المالي وإنقاذ ما تبقى من الثقة بالنظام المصرفي في البلاد.
آخر فصول هذه المعركة تجلى في القرار رقم (9) لسنة 2025م الصادر عن مركزه الرئيسي في عدن والذي قضى بإيقاف تراخيص عشر شركات ومنشآت صرافة في خطوة حاسمة تؤكد أن معركة إنقاذ الريال اليمني لم تعد تحتمل التهاون أو المجاملة.
قرارات جريئة تعيد الهيبة
القرار لم يأتِ عبثًا بل استند إلى حزمة قوانين وتشريعات تنظم أعمال البنوك والصرافة وتكافح غسل الأموال وتمويل الإرهاب وهو ما يعكس تحول البنك المركزي إلى مؤسسة رقابية فاعلة بعد سنوات من التراخي والفوضى.
هذه القرارات جاءت بعد مخالفات متكررة تتعلق بعدم الالتزام بالأنظمة الرقابية وممارسات أضرّت بالسوق النقدي وأسهمت في خلق تشوهات كارثية في سعر الصرف.
تطهير السوق.. خطوة للشفاء الاقتصادي
إيقاف شركات مثل الشرعي للصرافة وأبو قُصي والجبري وغيرها ليس مجرد عقوبة إدارية بل هو تطهير ضروري لسوق الصرافة من الجهات التي تلاعبت بالعملة وغذّت السوق السوداء وأسهمت بشكل مباشر في تسارع تدهور الريال مقابل العملات الأجنبية. من هنا فإن هذه الخطوة تعد إعلان بداية لمرحلة جديدة من الانضباط والحوكمة المالية.
المعركة مستمرة.. ولكن الأمل يلوح
المعركة ما زالت طويلة ومخاطر المضاربة والتزوير والتحويلات غير المشروعة لا تزال قائمة. لكن ما يبعث على الأمل هو أن البنك المركزي بدأ يستعيد زمام المبادرة، ويدير المشهد بعقل الدولة لا بمزاج السوق.
فحين تكون المؤسسات قوية، يعود للمواطن شعوره بالأمان ويستقر السوق وتُفتح أبواب التعافي.
ختامًا
إن قرار البنك المركزي اليمني ليس مجرد ورقة إدارية بل هو رسالة مفادها أن الدولة حاضرة والمحاسبة قادمة وأن من يعبث بالعملة الوطنية إنما يعبث بحياة الناس وأمنهم الاقتصادي.
ومن هنا فإننا نحيي هذه الجهود وندعو إلى مزيد من الخطوات التنظيمية لضبط السوق وإعادة الاعتبار للريال اليمني الذي يستحق أن يعيش ويصمد تمامًا كما يصمد اليمني رغم الجراح.
