الناشط الحقوقي أسعد أبو الخطاب
في زمن كانت العاصمة عدن ترتجف من وقع الأمن المركزي، كنتُ هناك… في الخطوط الأمامية… في زمن الأمن المركزي والعصي والهراوات، كنت أول من يرفع صوته، و أول من يكتب ويوثق الاحداث، و اول شخص في المسيرة، وأول من يهتف في المظاهرة، وآخر من يغادر موقع الاعتصام.
لم أكن في مقعد خلفي، ولا في ظل جدار، كنتُ في مواجهة مباشرة مع منظومة القمع، وكان اسمي متصدرًا في قوائم المطلوبين الأمنين للاحتلال.
أطلقوا النار على صدري، لا على ظهري… أرادوا إسكات قلمي الذي أقلقهم، وكسروا ضلوعي لأن صوتي فضحهم… لكنني لم أسكت، ولم أهرب، ولم أبع القضية الجنوبية.
واليوم… ماذا حدث بعد النصر؟
بعد أن انتصرت العاصمة عدن، ورفرف علم الجنوب في سماء الحرية، وبعد أن ضحى الشهداء وسُفك دم الجرحى، ظننت أنني سأجد في الوطن حضنًا يشبه تضحيتي، أن تُكرّم العاصمة عدن أبناءها الذين نزفوا من أجلها.
لكن كل ما وجدته… هو الأبواب المغلقة، والوجوه الملتفة، والحجج الجاهزة… ذهبتُ أبحث عن منحة علاجية، لا سياحة، لا ترف، فقط علاج للطلقات التي اخترقت جسدي ذات يوم وأنا أدافع عن هذه الأرض، فوجدت القيادات تدير ظهورها، وتتحدث عن “ميزانيات”، “توجيهات”و”أولويات”… وأنا لست من بينها!
حتى مدير الجرحى في مبنى العاصمة عدن بالمعلا ، رفض حتى استلام ملفي :
قال لي ببرود: “الملف غير مستوفي”… وبعد اكمال الإجراءات الناقصة خلال ثلاث ثلاثة ايام قال اسف انتهى الوقت وكأن الاصابة في الميادين له نماذج حكومية، وكأن الرصاصة تحتاج ختمًا رسميًا لتُعترف بها.
السؤال الذي يوجع القلب:
هل أنتم معانا… أم مع من كنا نحاربهم؟
أين ذهبت الشعارات؟
أين اختفى الوفاء؟
أين ذهب أولئك الذين كانوا يقفون خلفي في الميدان، ويهتفون باسمي وهم يختبئون بين الحشود؟
لا أطلب صدقة… بل حقًّا :
أنا لا أستجدي، ولا أستعطف.
أنا أطالب بحقي كمناضل، كإعلامي، كإنسان دافع عن الأرض التي تمشون عليها اليوم بكل أمان، أنا لست حالة طبية… أنا عنوان لقضية.
وإن كان من يخدم الجنوب يُترك ليموت، فكيف سيكون مصير من لم يخدمه أصلًا؟
الخاتمة:
– أعيدوا النظر في ضمائركم… قبل أن تعيدوا النظر في “ملفات الجرحى”.
– إن من يخذل المناضلين اليوم، سيتوسلهم غدًا حين تسقط الأقنعة وتعود المعركة.
– المنحة التي أطلبها ليست علاجًا فقط… بل اعترافًا بأن هناك من لا يزال وفيًا لهذا الوطن.