لا سلام ولا أمان لليمن والمنطقة إلا بعودة اليمن إلى ما قبل 1990م

الناشط الحقوقي أسعد أبو الخطاب

في خضم الصراعات التي تمزق اليمن والمنطقة، تتردد شعارات السلام والحلول السياسية على ألسنة التحالفات، والبعثات الأممية، والوسطاء الدوليين، لكن الحقيقة المرة التي يتم تجاهلها عمدًا، هي أن لا سلام ولا استقرار، لا لليمن ولا للمنطقة، ما لم يتم الاعتراف الكامل والصريح بأن وحدة اليمن في عام 1990م لم تكن سوى خطأ تاريخي فادح، جرّ البلاد إلى أتون الحرب والانهيار والفوضى المستمرة حتى اليوم.

لقد كانت الوحدة بين الشمال والجنوب في ظاهرها “إنجازًا قوميًّا”، لكنها في حقيقتها تحولت إلى مشروع إخضاع وهيمنة سياسية واقتصادية وعسكرية على الجنوب وشعبه، من قبل قوى النفوذ في صنعاء. ومنذ 7 يوليو 1994م، وحتى اليوم، ظل الجنوب تحت سلطة مركزية مارست الإقصاء والتهميش والنهب، فهل يمكن بعد كل ذلك الحديث عن سلام دون تصحيح هذا المسار؟

إن محاولات الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمبعوثين الدوليين تجاهل الجذور الحقيقية للصراع، والتعامل مع اليمن كدولة واحدة قابلة للترقيع السياسي، هو ضرب من الخيال، وشرعنة ضمنية للوضع المفروض بقوة السلاح.
كيف يمكن أن يتحقق السلام في بلد مقسّم وجدانيًا، وثقافيًا، وتاريخيًا، بينما تُفرض عليه وحدة قسرية باسم “السيادة الوطنية”؟

نحن هنا نوجّه رسالتنا إلى التحالف العربي، إلى الأمم المتحدة، وإلى العالم أجمع: لا يمكن بناء أي حل سياسي أو خطة سلام دائمة دون الاعتراف بحق الجنوب في تقرير مصيره واستعادة دولته المستقلة كما كانت قبل عام 1990م.
الجنوب لا يطلب المستحيل، بل يطالب بحقه المشروع وفقًا للقوانين الدولية، وميثاق الأمم المتحدة، ومبدأ احترام إرادة الشعوب.

محاولة فرض حلول ترقيعية على حساب إرادة الجنوبيين، لن تنتج إلا مزيدًا من الأزمات، والانفجارات، وسقوط المبادرات.

إن المنطقة برمتها لن تنعم بالأمان طالما ظل الجنوب محتلاً سياسيًا، ومحرومًا من دولته، وهويته، وحقه في إدارة موارده وبناء مستقبله.

لذلك، فإننا نؤكد اليوم، وبكل وضوح، أنه لا يمكن الحديث عن نهاية للحرب، أو استقرار دائم في اليمن والمنطقة، ما لم تُستعاد الدولة الجنوبية المستقلة، ويُعاد الاعتبار للشعب الجنوبي، الذي دفع فاتورة باهظة من دمائه وأمنه وحقوقه، تحت راية وحدة لم تُنتج إلا الحرب والانقسام والانهيار.

لقد حان الوقت لكسر جدار الصمت، وفرض الحقيقة على طاولة العالم: لا سلام ولا أمان إلا بعودة اليمن إلى ما قبل 1990م.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com
Enable Notifications OK No thanks