ورافقت تعيينَ بن بريك الذي كان يشغل منصب وزير للمالية في حكومة بن مبارك أسئلة بشأن ما يمكن أن يجعله ينجح في ما فشل فيه سلفه خصوصا وأن الحقل المالي الذي كان يشتغل فيه مثّل منطلق ومدار الأزمة.
واستقبلت أوساط يمنية بفتور التغيير الحكومي معتبرة أنّه سطحي ولا يعدو كونه مجرّد تغيير للوجوه لأهداف آنية تتمثل في تهدئة غضب الشارع واسترضاء جهات شريكة في الشرعية نفسها دخلت في خلافات عميقة مع بن مبارك ما تسبب بشلل في عمل أجهزة الحكومة التي كان يقودها.
وتعرّض رئيس الحكومة المستقيل قبيل استقالته لانتقادات حادّة من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يرى أن مناطق نفوذه هي الأكثر تضرّرا من الأزمة ما يمثل خطرا على سمعته لدى سكان تلك المناطق باعتباره شريكا رئيسيا للشرعية وممثلا في مختلف أجهزتها.
وفي ظل الصعوبات المالية التي تواجهها الشرعية والمترتبة عن حالة عدم الاستقرار وتوقف تصدير النفط المصدر الرئيسي للتمويلات، ستظل حكومة بن بريك مرتهنة في توفير رواتب الموظفين وتقديم الخدمات للسكان من ماء وكهرباء وغيرهما للمساعدات الخارجية والقادمة أساسا من السعودية.
ومن دون إجراءات إصلاحية عميقة لن تواجه الحكومة فقط صعوبة في توفير الموارد ولكن في إدارتها وحسن توظيفها أيضا حيث يدور الحديث عن عمليات هدر مالي وسوء تصرّف.
وعلّق رئيس الوزراء الأسبق خالد محفوظ بحاح على استقالة بن مبارك وتعيين بن بريك خلفا له بالقول “مع شكر جهود بن مبارك وأمنيات التوفيق لبن بريك، لا ننسى بأن التغيير الحقيقي يكون بإصلاح منظومة إدارة الدولة والنهج العام بإعادة إنعاش الشرعية من جديد”، مضيفا عبر منصة إكس “تغيير المناصب والحكومات وحده غير كاف لإحداث نقلة تصحيحية شاملة.”
وقال أحمد عبيد بن دغر الذي سبق له أن قاد الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا بين سنتي 2016 و2018 إن رئيس الوزراء الجديد “سيواجه هو الآخر بعض المشكلات، لكن خبرته المالية وتجربته الإدارية ستساعدانه على مواجهة المشكلات.”
وفي ختام أسبوع صاخب بالاحتجاجات الشعبية على انقطاع الكهرباء في عدن وعدد من المناطق الأخرى الواقعة ضمن سلطة الشرعية اليمنية، وأيضا بالجدل السياسي حول المسؤولية عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي والخدمي السيئ، قدّم بن مبارك استقالته إثر أنباء عن شلل تام في حكومته وتعذّر عقدها اجتماعات العمل بين وزرائها وكوادرها المنتمين لعدد من شركاء الشرعية، وأيضا عن خلافات حادة بين رئيس الحكومة ورئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي الذي أصدر السبت قرارا بتعيين بن بريك رئيسا جديدا لمجلس الوزراء.
ولم يخل الأمر من إشكال دستوري بدأت بعض الجهات بإثارته ويتمثّل في عدم قانونية تغيير رئيس الوزراء دون إقالة الحكومة ككل وإعادة تشكيلها.
ويطرح التغيير الجذري للحكومة أيضا من زاوية سياسية وإجرائية تتمثّل في كون الأوضاع القائمة لا تمكن معالجتها بذات الوسائل المادية والبشرية المتوفّرة.
وفي ردّة فعل تلقائية على تعيين رئيس جديد للحكومة اليمنية، شهد الريال اليمني، الأحد، تحسنا طفيفا في قيمته قلّلت أوساط مالية من أهميته معتبرة أنّه ظرفي وغير مرتبط بمعطيات مالية واقتصادية ملموسة على أرض الواقع.
وكان تدهور قيمة العملة المحلية قد مثّل على مدى الأشهر الأخيرة أبرز عنوان للأزمة في مناطق الشرعية اليمنية حيث فاقم من تدهور الوضع الإنساني وعمّق معاناة السكان وأشاع حالة سخط كبيرة في صفوفهم.
ومع تعيين رئيس جديد للوزراء بدأ التطلع إلى طريقته في معالجة هذه القضية المركزية التي مثّل الفشل في تجاوزها المطعن الأكبر في عمل بن مبارك ونواة الأزمة التي أفضت في الأخير إلى استقالته.
وتنتظر رئيس الحكومة الجديد أيضا مهمة قد تكون أكثر مشقة وتعقيدا وتتمثّل في إعادة ترميم سلطة الحكومة الشرعية في بعض المناطق التي بدأت تشهد تمردات محلية وسيطرة على الموارد وصولا إلى المطالبة بالحكم الذاتي كما هي الحال في محافظة حضرموت أكبر محافظات البلاد وأغناها بالموارد الطبيعية.