ختام عيد الأضحى في العاصمة عدن: روحانيات العيد تصطدم بصيف لاهب وأزمات مستمرة

شفاء سعيد باحميش

يأتي ختام عيد الأضحى المبارك لهذا العام وسط مشاعر متباينة جمعت بين روحانية المناسبة وفرحتها الإيمانية، وبين قسوة واقع مرير فرضه صيف حار وانقطاعات كهربائية وشحة وصول الماء أرهقت الأهالي وزادت من معاناتهم اليومية، إلى جانب أزمة متفاقمة في الغاز المنزلي التي بات الحصول عليها مهمة شاقة تُضاف إلى قائمة الأوجاع اليومية.

فعلى الرغم من مظاهر التكبير والتهليل التي صدحت بها المساجد صباح العيد، والتفاف الأسر حول موائد بسيطة جمعتهم على المحبة والتراحم، إلا أن حرارة الطقس الخانقة، وانعدام الخدمات الأساسية، وأزمة الغاز، ألقوا بظلال قاتمة على أجواء العيد في المدينة الساحلية.

قال تعالى: (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم)، {الحج: 37»}.
في إشارة إلى أن جوهر هذه المناسبة العظيمة يكمن في صفاء النية وإخلاص العمل لله، لا في وفرة المظاهر.

وهذا الصيف كان الأقسى على عدن منذ سنوات، حيث بلغت درجات الحرارة مستويات غير مسبوقة بالتزامن مع استمرار انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة، ما جعل العيد يمر على كثير من الأسر وسط ظروف غير إنسانية، خصوصاً في الأحياء الفقيرة والمكتظة. وفاقمت أزمة الغاز من معاناة الناس، إذ لم تقتصر المشكلة على الحر فقط، بل وصلت إلى أساسيات الحياة اليومية كطبخ الطعام، مما حرم كثيراً من الأسر من أبسط مقومات العيد.

يقول أحد المواطنين عند زيارتنا له لتسليمهم أضحية العيد بتبرع من فاعل خير:
“ما عد فينا طاقة لا نفرح ولا نتحمل، الناس تعبت، والحر نار فوق نار. ولا كهرباء ولا حلول تلوح في الأفق.”
أخذ منا الأضحية ووجه أسرته بطبخها مباشرة، لأن الكهرباء مفقودة ولن يستطيعوا الاحتفاظ بها، وأضاف: “والغاز صرنا ندور عليه بالأيام، وإن حصلناه يكون بسعر مضاعف، ما فيش عدالة.”

ورغم ضيق الحال، ظهرت بعض صور التكافل والتعاون المجتمعي، حيث ساهمت مبادرات فردية وخيرية في توزيع اللحوم والمساعدات إحياءً لسنة العيد، وامتثالاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
“من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته.”

ما تمر به عدن اليوم لم يعد يندرج تحت بند “الظرف الطارئ”، بل أصبح حالة دائمة من الإهمال وغياب المعالجات الجادة، في وقت تحتاج فيه المدينة إلى إنقاذ حقيقي وخطط عاجلة تحفظ كرامة الإنسان وتعيد إليه حقه في الحياة الكريمة.

قال تعالى:
(إن الله يأمر بالعدل والإحسان..)
(النحل: 90)
فأين العدل في مدينة تخوض معركة الحياة وحدها كل صيف؟ وأين الإحسان في حق مواطنين لا يجدون ما يطفئ حر الصيف، ولا ما يسد رمق أطفالهم، ولا حتى ما يطبخون به طعامهم؟

وفي ختام العيد، وبينما تُطوى صفحة أخرى من الألم، لا يزال أبناء عدن يحملون الأمل بأن يأتي الغد بخيرٍ يعوّضهم، وأن تتحول نداءاتهم إلى استجابات فعلية من الجهات المعنية.

اللهم اجعل أيام عدن القادمة خيراً من ماضيها، وفرّج عن أهلها كربهم، واكتب لهم من لدنك فرجاً ونصيراً ورزقاً.
ولا حول ولا قوة إلا بالله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Exit mobile version
Enable Notifications OK No thanks