سيناريوهات تدخل حزب الله بعد الضربة الأميركية على إيران |


روكب اليوم

 بيروت- منذ إعلان وقف إطلاق النار بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لم ينخرط حزب الله اللبناني في أي عمل عسكري أو أمني مباشر ضد إسرائيل، رغم استمرار الاعتداءات الإسرائيلية شبه اليومية على لبنان، والتي تنوّعت بين الاغتيالات واستهداف البنى التحتية والمنشآت التابعة للحزب، إلى جانب القصف المتكرر والتوغلات البرية في الأراضي اللبنانية.

وفي موقف لافت، شدد الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم على أن الحزب “ليس على الحياد” في المواجهة القائمة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وإسرائيل، مؤكدا وقوف الحزب إلى جانب إيران وقيادتها وشعبها، والتصرف بما تقتضيه مصلحة المعركة في مواجهة العدوان.

من جهتها، قابلت إسرائيل هذا الموقف بلهجة حادة، إذ توعد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس حزب الله، متهما أمينه العام بالتحرك بناء على أوامر من المرشد الإيراني علي خامنئي، قائلا “يبدو أن قاسم لم يتعلم من مصير من سبقوه”، مضيفا أن “إسرائيل فقدت صبرها تجاه من يهددها”.

ويتفق محللون تحدثوا للجزيرة نت على أن إيران هي الهدف الرئيسي للتصعيد الراهن، مما يجعل ردّها مسألة وقت، وسط تحذيرات من أن اختلال التوازن الإقليمي قد يفتح الباب على مواجهة أوسع، قد تكون الجبهة اللبنانية أحد أبرز ميادينها.

سيناريو التصعيد

يرى أستاذ العلوم السياسية والقانون الدولي الدكتور علي فضل الله، في حديث للجزيرة نت، أن ما يجري في المنطقة يكشف بوضوح أن إيران هي الطرف المستهدف، مما يجعلها معنية مباشرة بالرد، ويشير إلى أن التهديدات لا تقف عند طهران، بل تتعداها إلى ساحات أخرى، في مقدمتها لبنان، الذي يواجه معضلة أمنية في ظل هشاشة التوازن الإقليمي.

ويؤكد فضل الله أن فشل إسرائيل في إخضاع إيران أو تغيير مواقفها سيؤدي إلى تصعيد واسع، محذرا من أن الساحة اللبنانية قد تكون من أولى الجبهات المتفجرة إن فُقد الاستقرار في المنطقة، “فالخطر كبير، وإذا وقع اختلال في التوازن، فإن الضربة الإسرائيلية للبنان تصبح احتمالا قائما”.

ورغم مرور نحو 7 أشهر على نهاية الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، يقول فضل الله إن التهديدات ما زالت مستمرة، موضحا أن “هناك آلاف الخروقات، والتصريحات الإسرائيلية شبه اليومية تُلوّح بالحرب”، ويضيف “اللبنانيون معنيون بردع أي عدوان محتمل، ولن يتحقق ذلك إلا عبر التوازن، لأن تغول إسرائيل المدعوم أميركيا سيُفاقم المخاطر”.

أما بشأن السيناريوهات المحتملة، فيلفت فضل الله إلى أن إيران وبعد أسبوع من التصعيد لا تزال صامدة، بل تنفذ ضربات ضد إسرائيل لم تتلق مثلها منذ 77 عاما، ويعتبر أن التدخل الأميركي جاء نتيجة إخفاق إسرائيل في فرض وقائع سياسية جديدة على طهران أو جرّها إلى استسلام غير مشروط.

ويختم فضل الله بالإشارة إلى أن المنطقة دخلت مرحلة “فعل القوة” كما عبّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة، “فلا استسلام ولا تهدئة، بل تصعيد مستمر، والمعركة مرشحة للاستمرار تبعا للمتغيرات القادمة”.

من جانبه، يرى الباحث والكاتب السياسي هادي قبيسي، في حديث للجزيرة نت، أن “الكابينت” الإسرائيلي أعلن هدفه “إضعاف محور المقاومة”، مما يكشف عن نيات عدوانية تجاه جميع مكوناته.

ويرجح قبيسي أن يؤدي هذا التوجه إلى “تفعيل أسلوب وحدة الساحات بشكل متزامن، حيث تتدخل قوى محور المقاومة انطلاقا من موقع الدفاع، مما قد يفتح الباب أمام حرب إقليمية شاملة ضد الاحتلال الإسرائيلي”.

محللون: إيران قادرة على الرد دون تدخل من حزب الله (رويترز)

حرب الاستنزاف

يرى المحلل السياسي توفيق شومان، في حديث للجزيرة نت، أنه لا مؤشرات جدية على توسيع نطاق الحرب باتجاه الجبهة اللبنانية، موضحا أن هناك قناعة بأن إيران قادرة على الدفاع عن نفسها، وهو ما يتجلى في الضربات التي وجهتها لمرافق حيوية داخل إسرائيل.

ورغم كثافة الاعتداءات الإسرائيلية على إيران، فإن طهران -وفق شومان- نجحت في جرّ إسرائيل إلى حرب استنزاف طويلة الأمد، مما يُضعف احتمالات فتح الجبهة اللبنانية، إلا إذا قررت سلطات الاحتلال توسيع دائرة المواجهة والعودة إلى مشهد الحرب الذي كان سائدا قبل التوافق على وقف إطلاق النار.

وبشأن التدخل الأميركي المباشر في الحرب، يطرح شومان تصورين:

  • الأول أن هذا التدخل قد يفضي إلى اتساع رقعة المواجهة لتشمل الإقليم بأكمله.
  • والثاني أن تكون الضربات الأميركية للمنشآت النووية الإيرانية تمهيدا لإنهاء الحرب، من خلال دفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب للضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بهدف العودة إلى مسار الدبلوماسية.

ويختم شومان بالقول “السؤال الذي يفرض نفسه الآن: أي الاتجاهين سيتقدم؟ أعتقد أن الساعات المقبلة كفيلة بالإجابة”.

الوجود والردّ

يعتبر الصحفي المتخصص في الشؤون الإقليمية خليل نصر الله، في حديثه للجزيرة نت، أن من سيرد على الضربة الأميركية على إيران هي طهران نفسها، مشددا على أن “حزب الله لا يرد نيابة عنها”.

لكنه لا يستبعد دخول حزب الله وفصائل المقاومة على خط المواجهة إن تطورت المعركة إلى تهديد وجودي للجمهورية الإسلامية.

ويوضح أن “الانخراط في المواجهة مرتبط بمسار الصراع بين إيران من جهة، والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة ثانية”، مضيفا أن “التحالف الغربي يسعى لتدمير إيران واستهداف رموزها، وهو ما قد يُفهم من قبل قوى المقاومة في المنطقة كعدوان لا يستهدف إيران فقط، بل شعوب ودول الإقليم ككل”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com
Exit mobile version
Enable Notifications OK No thanks