> تُشير مصادر يمنية إلى أن ميناء “رأس عيسى” “، الذي استهدفته أخيرًا الولايات المتحدة، يعد أبرز الموارد التي تستند إليها جماعة الحوثي كمصدر أول لتمويل ورفد مجهودها الحربي وعملياتها العسكرية محليًا وإقليميًا، إذ يدر على خزائنها ما تصل نسبته إلى 60 % من إجمالي الإيرادات التي تؤمّنها الميليشيا لنفسها شهريًا.
وركّزت الولايات المتحدة في قصفها، مساء الخميس، على استهداف ميناء “رأس عيسى” النفطي، بعدد من الضربات الدقيقة التي أدّت إلى تدمير الميناء بشكل كامل وفق إعلان القيادة المركزية الأمريكية، كما أسفر ذلك عن سقوط ما يقارب من 80 شخصًا، وجرح نحو 150 آخرين، في أحدث إحصائية صادرة عن وزارة الصحة والبيئة التابعة لميليشيا الحوثيين.
وبحسب تقرير لموقع “إرم نيوز” الإماراتي، يُشكّل ميناء “رأس عيسى” النفطي أهمية محورية وركيزة استراتيجية تعتمد عليه جماعة الحوثي في استقبال شحنات الوقود، وإدخالها إلى المناطق والمحافظات اليمنية الخاضعة لسيطرتها، وتحوّل إلى منصة رئيسة لاستيراد المشتقات النفطية، خصوصًا عقب استهداف إسرائيل حاضنات الوقود في رصيف ميناء الحديدة لأكثر من مرة في هجمات متفرقة منتصف العام الماضي.
وكان ميناء “رأس عيسى” مُخصصًا في السابق لتصدير النفط اليمني الخام، قبل أن يتحوّل فقط عقب حرب ميليشيا الحوثيين وانقلابها على الشرعية أواخر العام 2014 لاستيراد واستقبال شحنات الوقود بمختلف أنواعه، فهو يُعدّ أول ميناء نفطي يتم إنشاؤه في اليمن، وقد دُشّن العمل فيه للمرة الأولى بشكل رسمي في عام 1985.
يحتوي ميناء “رأس عيسى” النفطي، الواقع على بعد 60 كم شمالي مدينة الحديدة عاصمة المحافظة، والمُطلّ بشكل مباشر على البحر الأحمر، على 34 خزانًا نفطيًّا مختلف الأحجام، تبلغ طاقتها التخزينية الكُلية 3 ملايين برميل نفط تقريبًا.
أهّله موقعه المُطلّ على الساحل الغربي لليمن ليكون منفذًا بحريًا استراتيجيًا وأحد المنافذ اليمنية المحورية والحيوية على البحر الأحمر، إذ أسهم كثيرًا في رفد الاقتصاد اليمني الوطني من خلال توفير العملة الصعبة عبر صادرات شحنات النفط التي كانت تنطلق منه.
يُعد ميناء “رأس عيسى” ناقلة نفطية ضخمة وزنها الساكن (409) آلاف طن متري، كما يُعد خزانًا نفطيًا عائمًا لتحميل وشحن السفن والبواخر بالنفط الخام لأغراض التصدير، فقد تم توصيل خط أنابيب النفط من محافظة مأرب إلى الميناء، كما يتم ضخ بعض حقول النفط في مأرب والجوف وشبوة والحقول النفطية الأخرى المجاورة إلى الميناء مباشرة.
يقطع خط الأنابيب مسافة تُقدّر بنحو 439 كيلومترا، تعبر شرقًا لتصل غربًا إلى موقع الميناء، إذ شكّل إنشاؤه نقلة نوعية في البنية التحتية للطاقة في اليمن، وتتراوح سعة قطر الأنبوب بين (24-26) بوصة، ويبلغ أدنى معدل ضخ للوقود في الساعة الواحدة عبر تلك الأنابيب 15 ألف برميل، بينما وصل أقصى معدل ضخ في الساعة الواحدة من (55-60) ألف برميل.
ويتراوح عمق الماء في ميناء “رأس عيسى” بين (37 -40) مترا، وحدّد القائمون على الميناء معايير تحت لافتة مقاييس وأبعاد الناقلات المقبولة للتحميل والشحن في ميناء رأس عيسى، إذ يُسمح للناقلة بأن تشحن من ميناء رأس عيسى شرط أن لا يزيد طولها الكلي على 1150 قدمًا (350.6 متر)، وأن لا يزيد الجزء غير الغاطس فيها على 60 قدمًا (18.3م)، وأن لا يزيد غاطسها على 10 أقدام (3 أمتار)، وأن لا تزيد حمولتها الساكنة على 307 آلاف طن متري.
ويحتوي ميناء “رأس عيسى” على أجهزة وأنظمة لقياس النفط المصدر، تتكون من 5 عدادات طوربينية، سعة كل عدّاد 16 بوصة، بطاقة تدفق قدرها 25 ألف برميل لكل عدّاد، بالإضافة إلى أنبوب معايرة قطره 42 بوصة يُستخدم لمعايرة العدادات لإيجاد معامل تصحيح العدادات عند التصدير، فضلًا عن جهاز لسحب العينات يُطلق عليه (جيسكوت).
منح موقع ميناء “رأس عيسى” المهم، وما يُشكّله من قيمة اقتصادية، جماعة الحوثي تحكمًا جزئيًا في حركة الصادرات والموارد المالية، منذ سيطرتها على محافظة الحديدة في العام 2015 وبالتالي سيطرتها المباشرة على الميناء، وشمله نص اتفاق ستوكهولم بين الحكومة الشرعية وميليشيا الحوثيين عام 2018، إلى جانب ميناءي الحديدة والصليف، الذي يقضي بإعادة نشر القوات فيه، وكان الهدف إبقاء هذه الموانئ الموجودة في محافظة الحديدة مفتوحة لدخول المساعدات الإنسانية والتجارية تحت إشراف الأمم المتحدة، إلا أن تنفيذ الاتفاق لم يتم بسبب تعنت ميليشيا الحوثيين.
ومنذ 2015 مع سيطرة الحوثيين على ميناء الحديدة، عمدت إلى تحويله من منشأة اقتصادية إلى مرفق عسكري لتنفيذ عملياتها العسكرية، ومنفذ لتهريب ووصول الأسلحة بمختلف أنواعها إلى ميليشيا الحوثيين.
وأعلن الجيش الأميركي أن قواته دمّرت ميناء رأس عيسى النفطي في اليمن، وذلك في إطار قطع الإمداد والتمويل عن الحوثيين.
وقالت القيادة المركزية الأميركية إن الهدف من هذه الضربات هو إضعاف مصدر القوة الاقتصادية للحوثيين.
وتعتبر هذه الغارات واحدة من أعلى الغارات حصيلة للقتلى حتى الآن في الحملة التي تم إطلاقها في عهد الرئيس دونالد ترامب والتي شملت مئات الغارات منذ 15 مارس.
وقالت القيادة المركزية في بيان لها إن القوات الأميركية تحركت للقضاء على الحوثيين وحرمانهم من الإيرادات غير المشروعة التي مولت جهود الحوثيين لإرهاب المنطقة بأكملها لأكثر من 10 سنوات.
وأضاف البيان أن “الهدف من الغارات لم يكن إلحاق الضرر بالشعب اليمني الذي يريد بحق التخلص من القهر الحوثي والعيش بسلام”.
وجاءت الحملة الجوية الأميركية عقب تهديد الحوثيين باستئناف هجماتهم ضد الملاحة الدولية بعدما قطعت إسرائيل كل الإمدادات عن غزة واستأنفت هجومها على القطاع الفلسطيني في 18 مارس، منهية بذلك الهدنة.