روكب اليوم
2025-06-20 21:40:00
هذا التوجه كان محور لقاءات أجرتها روكب اليوم الاقتصادية مع ثلاثة من كبار المسؤولين الأفارقة على هامش اجتماع صندوق الأوبك للتنمية في فيينا هذا الشهر وهم: يوسف مورانغا وزير المالية والتخطيط الاقتصادي في رواندا؛ الأمين عثمان ماي وزير الاقتصاد والتخطيط والتنمية الإقليمية في الكاميرون؛ وندابا نكوسيناثي جاولاتِه نائب رئيس جمهورية بوتسوانا ووزير المالية.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display(‘div-gpt-ad-1738926244764-0’); });
رواندا: من دولة حبيسة إلى مركز إقليمي
في رواندا التي تُعد من أسرع الاقتصادات نمواً في شرق إفريقيا، يواجه الاقتصاد تحديين رئيسيين: غياب منفذ بحري وارتفاع تكلفة الطاقة، الوزير يوسف مورانغا أكد أن بلاده تستثمر في شبكات طرق وسكك حديدية تربطها بالموانئ في تنزانيا وكينيا وأوغندا، إلى جانب تعزيز الربط الجوي.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display(‘div-gpt-ad-1739447063276-0’); });
وأضاف: «لكن الحل لا يمكن أن يكون محلياً فقط، هذا العام، وقّعت رواندا شراكات مباشرة مع سوق أبوظبي العالمي ومجموعة E7 الإماراتية، وتراها الحكومة نماذج إثبات للتعاون يمكن البناء عليها لتوسيع العلاقة بدول مجلس التعاون الخليجي».
وتابع: “الهدف واضح وهو استخدام رأس المال والخبرة الخليجية لتسريع التصنيع المحلي وربط رواندا بسلاسل التوريد الإقليمية، ويأمل المسؤولون في أن تكون رواندا نقطة انطلاق للاستثمارات الخليجية نحو منطقة البحيرات الكبرى.
حسب البنك الدولي، لا يزال 46% فقط من سكان رواندا يحصلون على الكهرباء، مع تكلفة كيلواط/ساعة تُعد من الأعلى في القارة (تتراوح بين 0.18 و0.23 دولار)، وتحتاج البلاد إلى مضاعفة قدرتها الإنتاجية إلى أكثر من 600 ميغاواط بحلول عام 2027 لدعم خطط التصنيع والمعالجة الصناعية.
الكاميرون: الموارد متوفرة، والشراكات مع الإمارات والسعودية تتقدّم
الكاميرون التي تملك احتياطيات ضخمة من الكاكاو والمعادن، تسعى إلى أن تصبح سوقاً إقليمية محورية في وسط إفريقيا، لكنها تدرك أن ذلك لن يتحقق دون استثمارات استراتيجية في البنية التحتية.
الوزير الأمين عثمان ماي أشار في المقابلة إلى وجود اهتمام متزايد من الإمارات والسعودية في قطاعات رئيسية داخل الكاميرون، وعلى رأسها الطاقة، التعدين، والزراعة. وقال إن بلاده تعمل مع مستثمرين من دول الخليج لرفع مستوى التمويل وتنفيذ مشاريع تحويل زراعي وإنتاج محلي ذي قيمة مضافة.
وأضاف أن هناك “اهتماماً واضحاً من شركات خليجية، لا سيما من الإمارات، للاستثمار في قطاع السياحة”، من خلال بناء منشآت فندقية ومنتجعات تستهدف السياح من الخليج ودول أخرى، بالنسبة للكاميرون، تمثل هذه الشراكات بوابة للدخول إلى سلاسل التوريد الدولية، ووسيلة لتحويل وفرة الموارد إلى نمو اقتصادي فعلي.
بمشروع تم تمويله من صندوق الأوبك، نجحت الكاميرون في إنتاج 420 ميغاواط إضافية من الكهرباء، لكنها تحتاج إلى استغلال طاقتها الكامنة التي تصل إلى 20,000 ميغاواط من الطاقة المتجددة، وتشير تقديرات البنك الإفريقي للتنمية إلى أن الكاميرون بحاجة إلى ما لا يقل عن 8 إلى 10 مليارات دولار سنوياً لسد فجواتها في البنية التحتية، ويُنظر إلى التمويل الخليجي كأحد المسارات الممكنة لتحقيق ذلك.
بوتسوانا: تنويع اقتصادي مدفوع بشراكات خليجية مباشرة
في بوتسوانا، لم تَعُد الشراكات مع الخليج مجرد نية، بل واقع قيد التشكّل، نائب الرئيس ووزير المالية، ندابا نكوسيناثي جاولاتِه، كشف لـCNN الاقتصادية أن بلاده وقّعت بالفعل اتفاقيات مع مستثمرين من الإمارات لتأمين إمدادات الوقود بأسعار تفضيلية، وتدرس معهم إنشاء خطوط أنابيب تمتد من الساحل إلى الداخل.
جاولاتِه تحدث أيضاً عن مستثمر إماراتي محدد مهتم بالدخول في قطاع معالجة النحاس والحديد في بوتسوانا، إضافة إلى نموذج مبتكر لشراكة في إدارة أسطول المركبات الحكومية مستوحى من تجربة الشارقة، والتي أثبتت أن بالإمكان خفض التكاليف بنسبة تصل إلى 80%.
إلى جانب ذلك، قال جاولاتِه إن هناك اهتماماً من مستثمرين خليجيين في مجال تطوير شراكات لتأهيل الكفاءات الإدارية الحكومية، من خلال برامج تبادل مع حكومات الخليج، بهدف رفع جاهزية الجهاز الإداري لمواكبة الجيل الرقمي من الشباب.
تشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن 58% من سكان بوتسوانا تحت سن 25 عاماً، ما يجعل تنمية رأس المال البشري أولوية مركزية، والشراكة مع الخليج قد تكون عاملاً حاسماً في تحقيق ذلك.
شراكة قائمة على الفرص، لا على الحاجات
المشترك بين الدول الثلاث واضح: الحاجة إلى شراكات تنموية استراتيجية، وليس فقط تمويل مشاريع منفصلة. من الطاقة والبنية التحتية إلى المعادن والإدارة، تفتح إفريقيا الباب أمام دول الخليج لتكون جزءاً من تحولها الاقتصادي المقبل.
حسب البنك الإفريقي للتنمية، تعاني القارة من فجوة تمويل سنوية تتجاوز 100 مليار دولار في البنية التحتية وحدها، وبالنسبة لدول الخليج التي تسعى لتنويع استثماراتها وتأمين مصادر استراتيجية للطاقة والموارد والأسواق، فإن هذه الاقتصادات الإفريقية الناشئة تُمثل فرصاً لا يُستهان بها.
الرسالة من فيينا كانت واضحة: إفريقيا الصاعدة لم تعد تطلب دعماً… بل تعرض شراكة متكافئة.